مع نعي التيّار الصدري للاتفاق الذي سبق أن وقِّعَ مع المجلس الأعلى الإسلامي العراقي في تشرين الأوّل الماضي، يجد الشارع العراقي نفسه أمام تحدّي عودة موجة التصفيات الشيعيّة ـــــ الشيعيّة، بالتزامن مع توتّر جديد يضرب تحالف الاحتلال الأميركي مع عشائر الصحوة. أمّا المسؤولون الحكوميّون العراقيون، فضاعفوا توسُّلهم للجيش الأميركي للالتزام بالأمن الخارجي لبلادهم، وذلك بعدما أرعبتهم تصريحات المسؤولين الأميركيين عن أنّ جيش الاحتلال لن يكون مستقبلاً مكلَّفاً الدفاع عن بلاد الرافدين في وجه تدخّلات أجنبيّة. وأعلن المتحدّث باسم الكتلة الصدرية في البرلمان العراقي، نصّار الربيعي، أمس، أنّ وثيقة التفاهم التي وقّعها السيّد مقتدى الصدر والسيد عبد العزيز الحكيم «فشلت وفقدت فاعليتها».
وأوضح المسؤول الصدري أن الاتفاق لم يعد سارياً «بعدما اختُبرَ بشكل حقيقي في قضية محافظة الديوانية، حيث كان يفترض تأليف لجان مركزية وفرعية في كل المحافظات لمعالجة أي بؤرة احتقان أمني فيها».
واعترف الربيعي بأنّ هذا الاتفاق «لا يتعدّى كونه مأدبة إفطار مشتركة، ولا يوجد أي تفعيل له على الأرض».
على صعيد آخر، بعد الأزمة التي اندلعت بين الاحتلال و«صحوات» محافظة ديالى قبل نحو أسبوعين، نشبت أزمة جديدة بين الطرفين، إثر قتل الجيش الأميركي «عن طريق الخطأ»، ثلاثة من عناصر «الصحوة» في شمال الحلّة، جنوبي بغداد، ما استدعى ردّاً من وجهاء «الصحوة» في المنطقة، عن طريق استقالة 110 من عناصرهم وتوقفهم عن التعامل مع الجيش المحتلّ الذي اتهموه بالقتل المتعمّد للعناصر الثلاثة.
إلى ذلك، انضمّ وزير الدفاع العراقي عبد القادر جاسم العبيدي، إلى وزير الخارجيّة هوشيار زيباري، في اعتبار أنّ بلاده لا يمكنها الدفاع عن حدودها من دون مساعدة الجيش الأميركي.
وقال العبيدي، لوكالة «فرانس برس» خلال وجوده في إمارة دبي: «نحتاج إليهم (الاميركيين) للدفاع عن الحدود... حاجتي ماسّة لهم في هذا الإطار».
وكانت وزيرة الخارجيّة الأميركية كوندوليزا رايس ووزير الدفاع روبرت غيتس قد أعلنا قبل أيام عدم وجود التزام أميركي لأمن العراق في بنود المعاهدة طويلة الأمد المزمَع توقيعها بين واشنطن وبغداد.
وفي ما بدا كأنه طمأنة أميركية لهذه المخاوف، كشف الجنرال كارتر هام، وهو مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأميركيّة، أنّ عدد جنود بلاده الذين سيبقون على الأرض في تموز المقبل، سيبقى أكثر من 132 ألفاً، وهو العدد الذي كان عليه قبل إرسال تعزيزات «خطّة إغراق بغداد» العام الماضي.
في المقابل، برّرت وزارة الخارجية الإيرانيّة، على لسان المتحدّث باسمها محمد علي حسيني، قرارها تأجيل موعد المباحثات مع الطرف الأميركي حول أمن بلاد الرافدين، والتي كان يفترض أن تجري هذا الأسبوع، بـ«أسباب تقنيّة غير مرتبطة بمسائل أخرى».
أمّا في شأن الأزمة الحكوميّة المستمرّة، فأكّد رئيس جبهة التوافق العراقية عدنان الدليمي، أنّ الجبهة «تسعى حاليّاً للعودة إلى الحكومة، ولا سيما بعد إقرار قانون العفو العام» الأسبوع الماضي في البرلمان.
غير أنّ رئيس كتلة التحالف الكردستاني في مجلس النواب، فؤاد معصوم، جدّد تمسّك كتلته بحقيبة وزارة الخارجية، مؤكّداً أن «الوزير الحالي (هوشيار زيباري) أثبت نجاحه في هذا المنصب».
(الأخبار، أ ب، أ ف ب، يو بي آي)