نشرت وزارة الخارجيّة الأميركيّة وثائق سريّة تكشف فيها قصّة مخطّط انقلاب عسكري أُعِدَّ له في تركيا عام 1969 ووُضعت الاستعدادت كاملة لتنفيذه ضدّ حكومة سليمان ديميريل (حزب العدالة) والبرلمان في 20 أيّار من ذلك العام، عشيّة تصويت مجلس النوّاب على تعديل الدستور لإعادة الحقوق المدنية والسياسية للرئيس المخلوع بانقلاب عام 1961، (وهو أوّل انقلاب عسكري من أصل 4 حصلوا في تاريخ الجمهوريّة) محمود جلال بايار، ورئيس حكومته عدنان مندريس قبل العدول عن الفكرة في اللحظات الأخيرة، بعدما تمكّنت ضغوط الرئيس جودت صوناي ورؤساء الأحزاب من منع النواب من تأمين الغالبيّة للتعديل.وأكّد الأرشيف الأميركي، أنّ قيادة الأركان التركيّة اجتمعت وقرّرت بشكل نهائي في 15 أيّار، القيام بالانقلاب، وذلك بعد إبلاغ الرئيس (الجنرال) جودت صوناي (1966ـــــ1973)، الذي كان من المقرَّر أن يشارك في الانقلاب. وأشارت المعلومات الواردة في الوثائق، التي نشرتها صحيفة «زمان» التركيّة، إلى أنّ رئيس الأركان حينها، ممدوح تغماش، وقّع الأمر، وأمر بالتعبئة العسكرية القصوى في جميع وحدات الجيش، لتتحرّك في ساعة الصفر التي عُيِّنَت منتصف ليل 20ـــــ21 أيار 1969. كما لفتت إلى أنّ الأوامر صدرت إلى إدارة الإذاعة التركيّة لتعلن الانقلاب في تلك الساعة فور نجاحه. وبحسب المعلومات الأميركيّة، أُعلم ديميريل ومعظم المسؤولين وقادة الكتل النيابيّة بالمخطّط، ليقوم هؤلاء بـ«ما عليهم فعله» للتأثير على النوّاب ومنعهم من تعديل الدستور. وعلى هذا الأساس، قدّم حفيظ بيكاتا من حزب الشعب الجمهوري، وحزب الحركة القوميّة التركيّة، ممثّلاً بكمال ستير، ضمانات مفادها أنّ نوّاب حزبيهما سيصوّتون ضدّ التعديل لتعطيل نصاب الثلثين.
في هذا الوقت، كان العشرات من رجال الاستخبارات بزيّ مدنيّ «يطاردون» السياسيّين والنوّاب، ويمارسون عليهم ضغوطاً كبيرة لإقناعهم بأنهم «لن ينالوا فرصة لدخول البرلمان مستقبلاً إذا ما صوّتوا مع التعديل الدستوري». وبحسب التحليل الأميركي، فإنّ الجيش التركي كان على اقتناع بأنّه، إذا تمكّن النوّاب من حشد الغالبية المطلوبة لإمرار القرار «عن طريق الحظّ»، لن يتمكّن الجيش حينها من القيام بشيء، لذلك أعطوا للتهديدات والضغوط على النوّاب الأهميّة القصوى.
وفي هذا السياق، اضطرّ صوناي إلى التدخّل شخصيّاً، وأذاع ليل 19 أيّار، خطاباً طارئاً، أجبر الصحف على نشره في اليوم التالي (يوم التصويت البرلماني)، «أوضح فيه أنّه لا مجال لتعديل الدستور»، مع ملاحظة المصادر الأميركية أنّ الرئيس التركي كان مصمّماً على استعمال صلاحيّاته لحلّ البرلمان في غضون 60 يوماً لإلغاء مفعول قرار النوّاب إذا ما صوّتوا على التعديل الدستوري.
(الأخبار)