واشنطن ــ الأخبار
وضعت المنافسة الحادة بين المتسابقين للفوز بترشيح الحزب الديموقراطي لانتخابات الرئاسة الأميركية، الحزب نفسه في وضع حرج، تخشى زعامته من حدوث تصدّع داخله، في وقت تشير فيه أحدث الاستطلاعات إلى تقدم باراك أوباما على هيلاري كلينتون في تكساس، التي تراهن عليها السيّدة الأولى السابقة لكسر شوكة خصمها، وتقليص فارق الأصوات الشعبية الذي يميل لمصلحته.
وأظهر الاستطلاع تقدم أوباما إجمالاً بنسبة 48 في المئة بين الناخبين الديموقراطيين، في مقابل 42 في المئة لهيلاري في ولاية تكساس، التي ستشهد أهم جولة في المرحلة المقبلة من الانتخابات التمهيدية مع أوهايو في 4 آذار المقبل.
وتحظى تكساس وحدها بـ193 مندوباً، فيما تحظى ولاية أوهايو بـ141 مندوباً. كما ستجري غداً الثلاثاء الانتخابات التمهيدية في ولايتي ويسكانسون التي تحظى بـ74 مندوباً، وهاواي، التي تُعَدّ مسقط رأس أوباما، بـ20 مندوباً.
واستطاع أوباما حتى الآن جمع 1116 مندوباً في مقابل 985 مندوباً لهيلاري، فيما لا يزال موقف المندوبين الكبار المعيّنين في المؤتمر القومي للحزب، الذين يبلغ عددهم 796 مندوباً، يتّسم بالتأرجح، حيث أعلن حتى الآن 168 منهم تأييدهم لأوباما، فيما أعلن 239 تأييد هيلاري.
ورطة المندوبين الكبار
وفي محاولة مسبقة لتطويق أي تصدع في أوساط الحزب الديموقراطي بسبب مواقف «المؤسسة الديموقراطية الحزبية»، التي كان معظمها قد منح تأييده لهيلاري في بداية الحملة الانتخابية، فقد أجرى نائب الرئيس الأميركي السابق آل غور وأعضاء بارزون في الحزب محادثات غير معلنة لتقويم ما إذا كان يتعيّن عليهم التدخل أو أسلوب التدخل إذا أملته الوتيرة غير العادية لسير المنافسة من حيث تقاربها بين أوباما وهيلاري، وخوف بعض الديموقراطيين الذين لا يرغبون في المخاطرة بحدوث شقاق داخلي قد يلحق الضرر بموقف الحزب في الانتخابات العامة المقبلة.
غير أن زعماء الحزب طرحوا أيضاً فكرة للخروج من هذه الورطة، تبدد قلقهم من أن يؤثّر التدخل على المرشحين أو الناخبين بوجه عام، وإلى أي مدى يمكن اللجوء إلى خيار كبار المندوبين للفصل في الاختيار بين المتنافسين في المؤتمر القومي الذي سيعقد في دينفر في ولاية كولورادو في أواخر شهر آب المقبل.
ويسعى زعماء الحزب الديموقراطي إلى التفاوض من وراء الستار بشأن هذه المسألة لضمان عدم إحباط إرادة ملايين الناخبين. ويخشى قادة الحزب من أن يؤدي اللجوء إلى خيار المندوبين الكبار، المتصادم مع التصويت الشعبي، إلى الحد من فرص المرشح الديموقراطي النهائي في الفوز بانتخابات الرئاسة، التي ستجري يوم الرابع من تشرين الثاني المقبل.
ويذكر أن عدداً من الديموقراطيين البارزين، وبينهم رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وثلاثة مرشحين آخرين انسحبوا من سباق الرئاسة، وهم العضو السابق في مجلس الشيوخ الأميركي جون إدواردز، والعضوان الحاليان في المجلس، كريستوفر دود وجوزف بيدن، قد تحدثوا مع آل غور في الأيام الأخيرة.
غير أن أياً منهم لم يعلن دعمه لأي من المتنافسين، رغم أنه يعتقد بأن بيلوسي قطعت التزاماً بتأييد أوباما إذا اضطر الحزب إلى حسم اختياره بشأن مرشح الحزب. وقالت، في مقابلة مع تلفزيون «بلومبيرغ»، «ستكون مشكلة للحزب إذا جاء الاختيار مختلفاً عما قرره الناخبون»، مؤكدة اعتزامها الاستمرار على الحياد، بالرغم من أن بعض أصدقائها المقرّبين وحلفائها في مجلس النواب أعلنوا تأييدهم لأوباما.

من هم المندوبون الكبار

يذكر أن نظام المندوبين الكبار في الحزب الديموقراطي، الذي بدأ العمل به في عام 1984 بعد بروز ظاهرة الفائزين في ترشيح الحزب من خارج «المؤسسة الديموقراطية»، التي أصبحت تميل الآن إلى يمين الوسط، مثل جورج ماكغفرن في عام 1972 وجيمي كارتر في عام 1976، يشمل الأعضاء الديموقراطيين في مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين، والرؤساء الأميركيين السابقين الأحياء، ونواب الرؤساء الأميركيين وحكام الولايات الديموقراطيين، وأعضاء اللجنة القومية للحزب الديموقراطي والرؤساء السابقين للجنة، والزعماء السابقين للغالبية الديموقراطية في الكونغرس بمجلسيه. ويمثّل هؤلاء نحو 20 في المئة من أعضاء المؤتمر القومي للحزب.
وأكثر الذين يشعرون بورطتهم من قيادات الحزب الديموقراطي هم أعضاء تجمع النواب السود، الذين أيّد معظمهم هيلاري في بداية حملتها من واقع صداقتهم الطويلة معها ومع زوجها بيل كلينتون، في وقت تظهر فيه الانتخابات التمهيدية تأييد الغالبية العظمى من ناخبيهم السود لأوباما، الذي قال يوم الجمعة إنه «ينبغي على المندوبين الكبار التقيّد بالنتائج التي تسفر عنها الانتخابات التمهيدية والمجالس الانتخابية».
وتجدر الإشارة إلى أن أوباما قد فاز حتى الآن في الانتخابات التمهيدية لـ22 ولاية، فيما فازت هيلاري في 10 ولايات فقط.