strong>فيما واصل قادة كوسوفو بناء مؤسسات دولتهم المعلنة حديثاً، وآخرها مسوّ2دة دستور كشف عنها أمس، استمرّت المعركة الدبلوماسية بين بلغراد وبريشتينا، التي يتزايد الاعتراف الدولي بها يوماً بعد يوم
كشف رئيس وزراء إقليم كوسوفو هاشم تاجي والرئيس فاتمير سيديو ورئيس البرلمان يعقوب كراسنيكي، خلال اجتماع لحكومة الإقليم أمس، عن مسوّدة الدستور التي أعدّها خبراء قانونيون من كوسوفو بمساعدة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وتزامن الإعلان مع اجتماع للبرلمان الكوسوفي، الذي أقرّ أول من أمس قوانينه كبرلمان دولة مستقلة. وصوّتت أكثرية من 84 نائباً لمصلحة القوانين الجديدة، التي تناولت إنشاء وزارة للخارجية، وتنظيم جوازات السفر والمواطنية، وإنشاء جهاز شرطة، وتأمين حماية خاصة للمناطق المربوطة بالإرث الثقافي ذي الطابع الديني، والأديرة والكنائس الأرثوذكسية، وبالحكم الذاتي المحلي للبلديات وتحديد حدودها.
وجدد الرئيس الأميركي جورج بوش، خلال جولته في تنزانيا، دعمه لكوسوفو، الذي وصف استقلاله بأنه «خطوة تاريخية لمنطقة البلقان». وفيما أشار إلى الخلاف مع روسيا في هذا الموضوع، أكد أنه «كنا على اتصال وثيق مع الروس... والأمر لم يُحدث مفاجأة لروسيا». وتابع: «عملنا بشكل وثيق مع الروس كما مع الأوروبيين والشعوب الأخرى، بشأن استقلال كوسوفو، لأننا نعتقد بأنها الطريقة المثلى لفعل ذلك».
ووجّه بوش رسالة في وقت سابق إلى رئيس كوسوفو فاتمير سيديو، أكد له فيها أن «الولايات المتحدة ستكون شريككم وصديقتكم»، فيما كشف مساعد وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس عن مؤتمر للمانحين لكوسوفو سيعقد قريباً برعاية أميركية.
وردّت صربيا على الخطوات الأميركية باستدعاء سفيرها من واشنطن، ومن عدد من الدول التي اعترفت بكوسوفو. كما جدد الرئيس الصربي بوريس تاديتش دعوته للدول التي اعترفت باستقلال كوسوفو والمنظمات الدولية، ولا سيما منظمة الأمن والتعاون الأوروبية، إلى «إلغاء» خطوة كوسوفو.
ووعد وزير الخارجية الصربي، فوك يريميتش، بأن تواصل بلاده «العمل بكل قوتها دبلوماسياً وسياسياً في كل منتدى ضد هذا القرار غير الشرعي». وشدّد على أن «أي جهة تقرر الاستخفاف بالقانون الدولي وانتهاك وتجاوز سيادة الجمهورية الصربية ووحدة أراضيها، لا تستطيع أن تواصل علاقات طبيعية مع بلدنا».
وأضاف يريميتش: «هناك عشرات الحالات مثل كوسوفو في العالم التي تنتظر أن تصبح عملية الانفصال هذه واقعاً وتؤسس معياراً مقبولاً». وتابع: «إذا غضضتم الطرف إزاء هذا العمل غير القانوني، من يضمن لكم ألا تقوم بعض الأجزاء من دولكم بإعلان استقلالها بالطريقة ذاتها؟».
وخلال اجتماع مجلس الأمن الدولي أول من أمس، دعا تاديتش والمندوب الروسي لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى إصدار تعليمات لبعثة الأمم المتحدة في كوسوفو باعتبار الاستقلال «لاغياً وباطلاً».
إلا أن الأمين العام رفض التخلي عن موقفه الحيادي في هذا الملف، وخصوصاً بعدما كان مجلس الأمن قد أعلن منذ كانون الأول الماضي أن مسألة استقلال كوسوفو لم تعد من مهماته بل تعود إلى الاتحاد الأوروبي.
وفي محاولة لطمأنة روسيا بعدم تكرار سابقة كوسوفو، كرر الدبلوماسيون الغربيون قناعتهم بأن كوسوفو حالة «فريدة نظراً إلى الأحداث التي وقعت في التسعينيات في دول البلقان».
ورأى وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند أن «هذه قضية استثنائية ولا أعتقد بأنها يمكن أن تقارن بقضية الباسك أو مسائل أخرى أُثيرت أخيراً».
وأكد مساعد وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، كريس هيل، لنظرائه الصينيين أن «هناك وضعاً فريداً في كوسوفو، ولا يوجد مثله في العالم». إلا أن هذا لم يمنع بكين من تكرار معارضتها للخطوة الكوسوفية.
كذلك حذرت وزارة الخارجية الروسية من أن إعلان كوسوفو الاستقلال «يعرّض الاستقرار الدولي للخطر». وكشف بيان للوزارة أن وزير الخارجية سيرغي لافروف أكد لنظيرته الأميركية، خلال محادثات هاتفية، أن الخطوة هي «أمر غير مقبول»، ولها «انعكاسات خطيرة». وحذر ممثل روسيا لدى الاتحاد الأوروبي، سيرغي ياسترزيمسكي، من «عواقب» الموقف الأوروبي تجاه كوسوفو، مشيراً إلى «أنه سيكون من السذاجة أن نعتقد بأنه لن يظهر كمشكلة في علاقاتنا مع الاتحاد».
رغم ذلك، استبعد رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الدوما الروسي، قسطنطين كوساتشوف، اعتراف بلاده باستقلال جمهوريات غير معترف بها، كأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية عن جورجيا.
في هذه الأثناء، قام المنسّق الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي، خافيير سولانا، بزيارة خاطفة إلى بريشتينا، ليصبح أول مسؤول أجنبي رفيع المستوى يزور كوسوفو منذ إعلان الاستقلال.
وأوضح سولانا للصحافيين خلال لقاءاته بسيديو وتاجي، «نحن أصدقاء جيّدون لكوسوفو، وكوسوفو هي صديق جيّد للاتحاد الأوروبي». وأكد أن زيارته هي «رسالة واضحة عن الدور الأوروبي» في كوسوفو، حيث سيكون الاتحاد «موجوداً على الأرض».
في السياق، استمر مسلسل الاعتراف الدولي بكوسوفو، فيما أعلن عدد من الدول الأخرى رفضه منح الاعتراف في الوقت الحالي، منها قبرص ورومانيا وإسبانيا وإسرائيل. ونقلت وكالة الأنباء الروسية «نوفوستي» عن وزيرة الدولة الإسرائيلية روحاما أبراهام أن «حكومة إسرائيل قررت عدم الانضمام في الوقت الحاضر إلى البلدان التي اعترفت باستقلال كوسوفو». وقالت إن إسرائيل «ترى أن الوضع المتعلّق بكوسوفو مثير للقلق».
إلى ذلك، تصاعدت أعمال العنف أمس في المناطق الصربية من إقليم كوسوفو، حيث قام متظاهرون صرب بإحراق معبرَي زوبين بوتوك ويارينيي بين كوسوفو وصربيا، ما أجبر قوات حلف الأطلسي على التدخل للمرة الأولى منذ إعلان استقلال الإقليم لمنع أعمال الشغب من الانتشار.
(أ ب، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)