شهيرة سلّوم
حققت المعارضة الباكستانية ما كانت تصبو إليه على مدى سنوات، عندما أعلنت الكفاح «ضدّ الديكتاتورية»، لتنتقل إلى معركة «إسقاط الديكتاتور»، في إشارة إلى الرئيس برويز مشرف. لكن كيف للمعارضة مجتمعة خلع مشرّف دستورياً؟
تنصّ المادة 47 من الدستور الباكستاني على إمكان إقالة الرئيس في الحالات التالية: فقدان القدرة الجسدية أو العقلية على الحكم، أو بتهمة خرق الدستور وإساءة التصرّف، على أن يتقدّم بطلب الإقالة أو الخلع أكثر من نصف أعضاءأحد مجلسي البرلمان (الجمعية الوطنية أو مجلس الشيوخ) من خلال التوقيع على عريضة تُرفع إلى رئيس الجمعية الوطنية، وتتضمّن كل الأسباب الموجبة التي تستدعي الخلع. وبعدها يجتمع البرلمان بمجلسَيه للتحقيق، على خلفية الاتهامات الموجّهة إلى الرئيس. وإن وجد التحقيق أن الرئيس مذنب، يُطرح قرار الإقالة على البرلمان (أو مجلس الشورى) الذي يصوّت على القرار بغالبية الثلثين من أعضاء المجلسين مجتمعين. وفور صدور القرار، على الرئيس أن يترك موقعه في الحال.
إضافة إلى المادة 47، يمكن أن تستند المعارضة أيضاً إلى المادة 44 التي تنص على الولاية الدستورية لرئاسة الجمهورية المحدّدة بخمس سنوات. وتتابع الفقرة الثانية من المادة نفسها أن الرئيس لا يحق له أن يتولى الرئاسة لولايتين متتاليتين. وفي هذه الحال، لقد وصل الرئيس الباكستاني إلى الحكم بانقلاب عام 1999، وأصدرت المحكمة العليا بعدها قراراً قضت فيه بإعطائه مهلة ثلاث سنوات حداً أقصى، لإعادة العمل بالدستور وإقامة الديموقراطية عبر إجراء انتخابات تشريعية ومحلية. إلا أن الجنرال أعلن أنه ينوي البقاء في الحكم بعد هذه الانتخابات. كما قرّر بعد الاستفتاء الاحتفاظ بمنصبه العسكري إلى جانب رئاسة الجمهورية، وهو ما يُعَدّ مخالفة للدستور. وانتُخب مشرّف للمرة الأولى بموجب الدستور في تشرين الأول الماضي، إلاّ أنّ المحكمة العليا لم تبت بشرعية انتخابه، وأقال مشرف رئيسها افتكار تشودري واعتقله وأقال قضاة المحكمة العليا، الذين رأوا أنّ إعلان حال الطوارئ غير دستوري. أعمال وجدت فيها المعارضة خرقاً فاضحاً للدستور وتعطيلاً للديموقراطية وترسيخاً للديكتاتورية.
حجج تستطيع أن تستند إليها المعارضة لتوجيه تهمة خرق الدستور إلى الجنرال السابق وإقالته، إن استطاعت أن تحشد غالبية الثلثين في البرلمان بمجلسَيه. إلاّ أنّ أياً من الأحزاب المتنافسة لم يستطع أن يحقق بمفرده فوزاً يمكّنه من التفرّد بالقرارات أو اتخاذ قرار خلع مشرّف. فقد حصد حزب «الشعب» ما يقارب 32 في المئة من مقاعد الجمعية الوطنية و30 في المئة في المجالس الإقليمية، فيما حصل حزب نواز شريف على 25 في المئة من مقاعد الجمعية الوطنية و 19 في المئة فقط من مقاعد المجالس الإقليمية. وتشير الأرقام إلى أن قرار الإقالة يتطلّب، فضلاً عن موافقة الطرفين الأساسيين (حزبي بنازير بوتو وشريف)، موافقة الأحزاب الصغيرة والمستقلين، فضلاً عن مباركة العسكر وواشنطن، وكلّها أمور تُضعف من احتمال إقالة مشرّف بهذه الطريقة.