في توقيت بالغ الحساسية، انتُخب أمس آية الله محمد يزدي، لرئاسة مجلس خبراء القيادة في إيران، في خطوة شكلت صفعة قوية لهاشمي رفسنجاني، وتعكس موازين القوى الحالية بين طرفي القوس السياسي الإيراني على عتبة انتهاء مهلة المفاوضات النووية مع الغرب التي يدعمها الرئيس الأسبق.وتشهد إيران منذ أشهر صراعاً مريراً بين تيار الرئيس روحاني، الذي يحظى بدعم الإصلاحيين وكوادر البناء ويظلله رفسنجاني، وبين الأصوليين الذين خسروا المعركة الانتخابية في عام 2013. ويرفض الفريق الثاني كل جهود إدارة روحاني التي تسعى الى التوصل إلى اتفاق نووي مع الغرب، منتقداً حجم التنازلات التي يقدمها. وهو يتهم فريق روحاني بأنه باع الثوة وانجازاتها وأنه يعطي الغرب فرصة التسلل إلى الداخل الإيراني بعدما أُخرج منه في عام 2009.

وهزم يزدي، في الانتخابات الداخلية، رفسنجاني، الذي يظلل إدارة حسن روحاني بعباءته، بواقع 47 صوتاً مقابل 24، ليخلف في هذا المنصب آية الله محمد رضا مهدوي كني، الذي توفي، في تشرين الأول الماضي، عن 83 عاماً.
تشهد إيران صراعاً
مريراً بين تيار روحاني وبين الأصوليين

وتعد هذه أكبر هزيمة لرفسنجاني، الرئيس الأسبق لهذا المجلس (2007-2011)، والذي يعد عراب المعتدلين والإصلاحيين في إيران. فرفسنجاني، أحد أعمدة الجمهورية الإسلامية، اضطر إلى الاستقالة، في عام 2011، بضغط من المحافظين الذين انتقدوه بسبب دعمه حركة الاحتجاج التي تلت إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد رئيساً قبلها بسنتين. وقد اتسمت حينها علاقة رفسنجاني، الذي لا يزال يشغل رئاسة مجلس تشخيص مصلحة النظام، مع المرشد علي خامنئي والمتشددين السياسيين بالتوتر، بعدما عبّر اثنان من أولاده عن دعمهما للمعارضة، بعد انتخابات الرئاسة، في عام 2009.
وفيما لزم رفسنجاني الصمت بشأن ترشحه في انتخابات يوم أمس، إلا أنه كان من المتوقع على نطاق واسع اختيار الرئيس السابق للهيئة القضائية، آية الله محمود هاشمي شاهرودي، الذي كان رئيساً بالإنابة للمجلس، منذ وفاة مهدوي كني. لكن شاهرودي انسحب من السباق، مخلياً المنافسة أمام رفسنجاني ويزدي.
ويزدي رجل دين متشدد ترأس الهيئة القضائية معظم فترة التسعينيات. ويبلغ من العمر 84 عاماً، الأمر الذي يفترض أن يبعده عن الترشح لمنصب المرشد الأعلى. ويتوقع أن يبقى في موقعه إلى أن يختار الإيرانيون مجلس خبراء قيادة جديداً في شباط المقبل، الذي سيتزامن مع الانتخابات البرلمانية بداية العام المقبل. كذلك شغل يزدي، منصب عضو في مجلس صيانة الدستور ورئيس رابطة مدرسي حوزة قم العلمية واسعة النفوذ في الجمهورية الإسلامية.
وسبق أن واجه يزدي رفسنجاني في رئاسة مجلس الخبراء في عام 2009، لكنه لم ينجح (51 صوتاً مقابل 26). وقد تواجه الرجلان في السنوات الماضية حول مفهوم السلطة الدينية، حيث يعتمد آية الله يزدي رؤية متشددة جداً، فيما يدعو رفسنجاني الى انفتاح سياسي واجتماعي أكبر، فضلاً عن نظريته في ضرورة الانفتاح على الغرب.
وفي مقابلة مع صحيفة «شرق» الإصلاحية نشرت أمس، أوضح رفسنجاني أنه اختار الترشح للانتخابات، نظراً إلى شخصيات المرشحين الآخرين، قائلاً: «أعتبر أنه ليس في مصلحة المجلس أن يكون البعض رئيسه». وأضاف: «نفسياً، لم أكن مستعداً على الإطلاق لكي أتولى رئاسة مجلس الخبراء. عملي يكفي في مجلس تشخيص مصلحة النظام».
ولمجلس الخبراء في إيران سلطة عزل المرشد الأعلى واختيار آخر. وفيما لم يحدث الشق الأول، إلا أن الشق الثاني حدث مرة واحدة عندما اختير خامنئي بعد وفاة آية الله روح الله الخميني في عام 1989.
وقال حسين رسام، وهو محلّل سياسي سابق في السفارة البريطانية في طهران ويعمل في الوقت الحالي استشارياً للأعمال يركز على إيران: «كانت هذه هزيمة مريرة لآية الله رفسنجاني، وأظهرت الواقع المرير بأن رفسنجاني لم يعد أحد أعمدة الجمهورية الإسلامية بالنسبة إلى المتشددين الأقوياء، رغم أنه ما زال يتمتع بنفوذ بالغ».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)