بغداد ـ زيد الزبيدي
قدّمت وزارة الدولة العراقيّة لشؤون المرأة، مشروعاً إلى مجلس الوزراء لإجراء تعديلين على قانون العقوبات العراقي الساري العمل فيه البلاد، الذي يتضمّن بنوداً ترى أنّ قتل المرأة «غسلاً للعار»، من العقوبات المخفّفة. وقدّمت وزيرة البيئة وشؤون المرأة بالوكالة نرمين عثمان، مشروع التعديل، إثر خلاف مع وزير العدل عبد الحسين شندل، الذي كان قد رفض في حالات عديدة، تغيير هذا القانون، «لأنّ الرجل هو الذي يحافظ على كرامة البيت حسب العرف والعادات». ورغم أنه ليس من المرجّح أن تعرف معركة تعديل قانون العقوبات حماوة مماثلة لتلك التي واكبت السجالات السياسية الحامية، إلا أنّ الخلاف بين الوزيرين اللذين ينتميان إلى كتل سياسية متحالفة في ائتلاف واحد (شندل مقرَّب من حزب الدعوة وعثمان من التحالف الكردستاني) في موضوع اجتماعي بالغ الأهميّة، يعكس مدى سطحيّة التحالف السياسي الذي يجسّده الائتلاف الحاكم في بغداد.
وكشفت عثمان عن أنّ التعديل الذي أعدّته يتعلّق بنصّ المادة 41 فقرة 1، الذي يسمح للزوج بـ«تأديب زوجته»، والثاني يتعلّق بنصّ المادة 409 عن اعتبار القتل «غسلاً للعار» من العقوبات المخفّفة. كما أكّدت أنّ الأمانة العامة لمجلس الوزراء ووزير العدل، برّرا المادتين من القانون «بحجج شرعيّة» وأخرى عشائرية، رغم أنّ المادّة 29 من الدستور تمنع بشكل واضح كلّ أشكال العنف والتعسّف في الأسرة والمدرسة والمجتمع، كما تحرم المادة 14 التمييز بين الجنسين.
ورأت الوزيرة أنّ وزير العدل «غير مخوَّل وليس من مسؤولياته أن يقدّم فتاوى في الأمور الدينية أو العشائرية». وفي ردّ على زميلها في الحكومة، تساءلت عثمان: «هل المرأة العراقية لا تحافظ على كرامة البيت؟ ومن قال إن الرجل فقط هو من يحافظ على هذه الكرامة؟».
وفي السياق، تتولى النائبتان عن «القائمة العراقيّة الموحّدة»، ميسون الدملوجي، و عن التحالف الكردستاني، تانيا كلي، منذ فترة، حملة في البرلمان لكسب التأييد لهذا المشروع بالحصول على توقيع 70 امرأة بالإضافة إلى كسب تأييد منظّمات المجتمع المدني.
وقانون العقوبات الحالي في العراق، يثبّت تفاوتاً في الحماية القانونيّة بين الرجل والمرأة في جريمة القتل. فهو ينحاز إلى جانب الرجل ويضع عقوبات قاسية جدّاً على المرأة وصلت إلى حدّ إزهاق روحها، بينما يحول في العديد من الحالات دون معاقبة الرجل أو ينص على عقاب خفيف، بحجّة أنّ القتل وقع بباعث شريف وهو «غسل العار لارتكاب المرأة الزنا».
في المقابل، لا يجوز مثلاً للمرأة أن تتذرّع بأن القتل الذي ارتكبته هدفه «غسل العار» بسبب ارتكاب الزوج مثلاً الزنا في بيته الزوجي، بينما إذا ارتكبت هي هذه الجريمة، تعُدّ مرتكبة لجريمة القتل العمد. أمّا إذا ارتكبها الرجل، تُنزَل به عقوبة تصل إلى 6 أشهر مع وقف التنفيذ للعقوبة.
هذا وكان برلمان إقليم كردستان العراق، قد أصدر في 14 آب من عام 2002، تعديلاً على قانون العقوبات نصّ فيه على أنّ جريمة القتل «غسلاً للعار، هي جريمة عادية ولا يستفيد القاتل من عذر أو ظرف مخفَّف».
يُذكَر أنّ النظام السابق كان قد أوقف العمل بهذه المادّة، واعتبر الإيذاء الجسدي بحقّ المرأة، جريمة تمنحها حقّ الطلاق، والاحتفاظ بالمنزل الزوجي، بالإضافة إلى معاقبة الزوج.