strong> دخلت أزمة استقلال إقليم كوسوفو من جانب واحد منعطفاً جديداً، أمس، بعد التهديدات الروسية باستعمال «القوة» في حال قيام حلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي بتحدّي قرار الأمم المتحدة في الإقليم
حذّر ممثل روسيا في حلف شمالي الأطلسي، ديميتري روغوزين، أمس، من أنه «إذا تبنّى الاتحاد الأوروبي اليوم موقفاً موحداً (من الاعتراف بكوسوفو) أو تخطّى الحلف الأطلسي تفويضه في كوسوفو، فإن هاتين الهيئتين ستتحدّيان الأمم المتحدة». وتابع: «سننطلق نحن أيضاً من أنه علينا استخدام قوة وحشية هي القوة المسلّحة لفرض احترامنا».
وفي أول ردّ أوروبي، رأى المتحدث باسم المفوضية الأوروبية، يوهانس لايتنبرغر، أن تصريحات موسكو «من المؤكد أنها ليست مفيدة في الوضع الحالي». وأضاف للصحافيين «كلنا نسعى إلى عدم وقوع أعمال عنف».
واتهم مساعد وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، نيكولاس بيرنز، موسكو «باتّباع سياسة متصلّفة»، وبأنها «قليلة التعاون»، إلّا أنه استبعد أن يؤدّي ذلك إلى «نزاع مسلّح من أي نوع».
وتدهورت العلاقة على الجبهة الصربية ــــ الأميركية بعدما أحرق متظاهرون معارضون لاستقلال كوسوفو السفارة الأميركية في بلغراد، التي استدعت سفيرها في واشنطن منذ اليوم الثاني لإعلان استقلال الإقليم.
وكشف المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، شون ماكورماك، عن أن الولايات المتحدة «أرسلت احتجاجاً رسمياً» إلى الحكومة الصربية، وحمّلتها «المسؤولية الشخصية عن أمن موظّفينا وسلامتهم». ووصفت الوضع الذي أتاح إحراق سفارتها بأنه «لا يحتمل».
وقال ماكورماك «لدينا معلومات مقلقة عن تحريض على العنف من جانب المسؤولين الحكوميين الصرب، وهذا يجب أن يتوقف».
وأعلنت السفارة الأميركية في بلغراد أن الموظّفين غير الأساسيين في السفارة سيغادرون صربيا «مؤقتاً». وأوضحت المتحدثة باسم السفارة، ريان هاريس، «لسنا مقتنعين بأن السلطات الصربية يمكنها توفير أمن موظّفينا».
وكانت أعمال العنف قد اندلعت إثر تظاهرة كبرى في العاصمة الصربية، أوقعت قتيلاً عثر على جثته داخل مبنى السفارة الأميركية، تبيّن أنها لا تعود إلى أيٍّ من موظّفيها. وكشف بيان للشرطة أن الحوادث خلّفت أيضاً 130 جريحاً و192 موقوفاً. وأضاف البيان أن ثماني سفارات أصيبت بأضرار في الاحتجاجات، هي سفارات الولايات المتحدة وتركيا وكرواتيا وبريطانيا وبلجيكا وألمانيا والبوسنة والهرسك وكندا، فضلاً عن عدد كبير من المتاجر والسيارات.
وأدان مجلس الأمن الدولي الحادثة، وذكّر، في بيان، «بالمبدأ الأساسي الذي يقضي بالحفاظ على حرمة البعثات الدبلوماسية وبواجب الحكومات المضيفة باتخاذ كل التدابير الملائمة لحماية هذه البعثات».
كذلك، حذّر الممثل الأعلى لسياسة الاتحاد الأوروبي الخارجية، خافيير سولانا، من أن المفاوضات بشأن اتفاق شراكة بين صربيا والاتحاد الأوروبي لن تُستأنف في أجواء العنف. وأوضح أن «من الضروري عودة الهدوء لإجراء اتصالات تفضي إلى تقدم على طريق اتفاق إرساء الاستقرار والشراكة».
بدورها، نفت موسكو ضلوعها في أعمال العنف في بلغراد. وقال رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الفدرالية الروسي (مجلس الشيوخ)، ميخائيل مارغيلوف، إن «أعمال الشغب التي وقعت في بلغراد كانت حوادث متوقعة، ولا علاقة لموسكو بها». وأضاف أنه يجب على أنصار كوسوفو «عدم البحث عن يد لموسكو، بل الانشغال بالتفكير في مصير الديموقراطية في صربيا».
وأشار مارغيلوف إلى أن المندوب الأميركي السابق لدى الأمم المتحدة و«مؤيّد متطرّفي» كوسوفو، ريتشارد هولبروك، «قد صوّر للعالم أن روسيا تقف وراء من كان يشارك في أعمال الشغب في بلغراد». وأضاف: «لنعتبر أن سبب ذلك هو الوضع الهستيري في مقر (سيناتور نيويورك) هيلاري كلينتون، حيث يحتل هولبروك منصب مستشار السياسة الخارجية للمرشحة».
في المقابل، حاولت السلطات الصربية تخفيف التوتر، فدعا الرئيس بوريس تاديتش إلى التهدئة، مشيراً إلى أن ما حصل «لا يعبِّر عن صربيا». كذلك أدان رئيس الوزراء الصربي فويسلاف كوستونيتشا «أعمال العنف والتدمير»، التي «تضر مباشرة بكفاحنا للحفاظ على مصالحنا الوطنية».
في هذا الوقت، أعلن برلمان الإقليم الصربي في دولة البوسنة، المعروف باسم «جمهورية صربسكا»، «حقه» بالانفصال. وجاء في قرار اعتمدته الأكثرية الساحقة في برلمان صرب البوسنة «إذا اعترف عدد كبير من أعضاء الأمم المتحدة، ولاسيما أعضاء الاتحاد الأوروبي، باستقلال كوسوفو، فإن البرلمان يعتقد بأن ذلك سيكون سابقة في الاعتراف بالحق في تقرير المصير، بما فيه حق الانفصال».
وكانت القنصلية الأميركية في بانيا لوكا، عاصمة الإقليم الصربي البوسني، قد أعلنت إغلاق مقرّها بصورة مؤقتة، إثر تظاهرة معارضة لاستقلال كوسوفو.
(أ ب، رويترز، أ ف ب، يو بي آي)