strong>حسام كنفاني
قد تنضمّ مبادرة الحوار الداخلي الفلسطيني المنوي طرحها قريباً إلى قائمة من المبادرات الهادفة إلى الخروج من حال الانقسام، التي يقول الأمين العام للجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين نايف حواتمه لـ«الأخبار» إنها مدخل إسرائيلي لتنفيذ مشروع إقليمي ــ عربي

عاد الحديث منذ يوم الجمعة الماضي عن مبادرة فصائلية للحوار الداخلي الفلسطيني، قائمة على أساس المبادرات السابقة مع بعض التعديلات المتماشية مع الوضع الفلسطيني الراهن، ولا سيما في قطاع غزة.
ورغم أن لا ضمانات بإمكان أن تجد المبادرة المرتقبة طريق النجاح، إلا أنها قد تحمل بعداً ضاغطاً على طرفي الصراع على الساحة الفلسطينية (حركتي «حماس» و«فتح»)، ولا سيما أنها تجمع كل الفصائل الفلسطينية، باستثناء الفصيلين المتناحرين. وتأتي كردّ غير مباشر على دعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني في نيسان المقبل، وهو ما رفضته الجبهتان الشعبية والديموقراطية لتحرير فلسطين، على اعتبار أنهما ترفضان «أي خطوات يمكن أن تُفهم في سياق تكريس الانقسام الفلسطيني، لذلك لم تشاركا في مؤتمر قوى المعارضة في دمشق الشهر الماضي».
وكشف الأمين العام للجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين، نايف حواتمة، لـ«الأخبار» أن المبادرة الجديدة تهدف إلى «إعادة بناء الوحدة الفلسطينية، وهي قائمة على المبادرة التي أطلقتها الجبهتان الشعبية والديموقراطية وحركة الجهاد الإسلامي». وأشار إلى أن «المفاتيح الأساسية من المبادرة قائمة على تراجع فتح عن الانقلاب السياسي وحماس عن الحسم العسكري في غزة، وإعادة المقارّ، لا البشر، إلى رئاسة السلطة الفلسطينية، والذهاب إلى حوار شامل وإعادة بناء الأجهزة الأمنية بعيداً عن الأسس الفئوية والحزبية»، موضحاً أن معايير الدخول إلى الأجهزة الأمنية في قطاع غزة والضفة الغربية، كانت ولا تزال الانتماء إلى حركتي «فتح» أو «حماس».
وأضاف حواتمة أن المبادرة تنص أيضاً على «ضرورة تشكيل حكومة انتقالية بديلة من حكومتي إسماعيل هنية وسلام فياض، وتتكوّن من شخصيات مستقلة لها وزنها الوطني والأخلاقي، تشرف على تصريف الأعمال وعلى إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية على أساس التمثيل النسبي، وانتخابات للمجلس الوطني لمنظمة التحرير في الداخل والشتات على أساس القائمة الواحدة وفق التمثيل النسبي أيضاً». كما تنص المبادرة على الدعوة إلى «تأليف جبهة مقاومة موحدة بمرجعيتها العسكرية والسياسية».
وأوضح حواتمة أنه جرى تطوير المبادرة لتشمل قضية معابر قطاع غزة. وقال «ندعو إلى حل الأزمة في وجه العدو لا في وجه الشعب المصري»، داعياً إلى أن «يكون معبر رفح معبراً فلسطينياً ــــ مصرياً وأدواته من القوى الموقعة على المبادرة الموحدة». وشدّد على ضرورة «بذل الجهد لكسر المعابر الأخرى وتوجيه الغضب الشعبي في وجه إسرائيل»، في إشارة إلى معبر إيريز شمال قطاع غزة.
وأشار حواتمة إلى إدخال بند حول المطالبة بنشر قوات دولية في المبادرة الجديدة. وقال «ندعو إلى قوات دولية في عموم الأراضي الفلسطينية، وأن لا تقتصر على مناطق دون أخرى، وأن تكون تحت علم الأمم المتحدة». وأضاف «نحن أولى من جنوب لبنان وكوسوفو، نحن كلنا نقبع تحت الاحتلال وتحت غول الاستيطان». وتابع أن مهمة القوات الدولية تكون قائمة على وقف الاستيطان وتفكيك جدار الفصل. ورداً على سؤال عن قبول فصائل المقاومة الموقعة على المبادرة هذا الطرح، أشار حواتمة إلى أن «تجربة القوات الدولية في جنوب لبنان وفي تيمور الشرقية لم تقف مانعاً في وجه استمرار عمليات المقاومة».
وأكّد حواتمة أنه «تم تسليم هذه المبادرة إلى فتح وحماس»، مشيراً إلى أن «فتح» أبدت استعدادها للتجاوب معها إذا أعطت حماس جواباً إيجابياً. لكنه أقرّ بأن أي جواب لم يصل بعد من الطرفين اللذين «يتمترسان خلف انقلاباتهما السياسية والعسكرية، ما يصبّ بشكل غير مباشر في خدمة المشروع الإسرائيلي».
وشدّد حواتمة على أنه «سيُعلن عن المبادرة في غزة خلال الأيام القليلة المقبلة، حتى إن لم نحصل على جواب إيجابي من حماس وفتح»، موضحاً أنه «يجب إطلاع الشعب على المبادر، لأن له دوراً عليه أن يضطلع به في الضغط على الزعماء السياسيين لإنهاء الأزمة المستعصية ومنع المخطط الإسرائيلي من إعادة الوضع الفلسطيني إلى ما قبل العام 1974».
وشدّد الأمين العام للجبهة الديموقراطية على ضرورة «العودة إلى الحوار الداخلي وإعادة الوحدة الوطنية لإعادة المشروع الوطني الفلسطيني الموحّد»، مشيراً إلى أن لإسرائيل مشروع حلّ إقليمياً ــــ عربياً كالذي كان قائماً قبل عام 1974» (تاريخ الاعتراف الدولي بمنظمة التحرير والدخول إلى الأمم المتحدة). وأوضح أن إسرائيل تسعى إلى «وضع غزة على أكتاف مصر، وإلقاء ما يبقى من الضفة الغربية بعد الجدار على كاهل الأردن، لتشطب بذلك أي وجود للشعب الفلسطيني وحقوقه، ترجمة لمشروع رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق غيورا آيلاند». وأضاف أن «حال الانقسام اليوم وصوملة قطاع غزة تمهدان لهذا المشروع القديم الجديد».
وذكّر حواتمة بأن أجزاء المبادرة المطروحة اليوم تم التوافق عليها في حوارات القاهرة عام 2005 ووثيقة الوفاق الوطني (وثيقة الأسرى سابقاً) في 26 حزيران 2006، «غير أن حماس وفتح تراجعتا في 28 حزيران عن الاتفاق وارتدّتا إلى البحث عن اتفاق ثنائي احتكاري وخاضتا جولات من الاقتتال لتحسين مواقعهما بالقوة»، مشيراً إلى أن «اتفاق مكة في 8 شباط فتح جحيم الحرب الأهلية».
وختم حواتمة بمقارنة الوضع الفلسطيني بالوضع في تركيا وباكستان، حيث جرى اللجوء إلى انتخابات مبكرة عند اشتداد الأزمات السياسية بدل اللجوء إلى العسكر. وقال «نحن أولى من تركيا وباكستان بالعودة إلى الشعب ليقول كلمته».