برلين ــ غسان أبو حمد
صدقت توقّعات وترجيحات المراقبين والإعلاميّين، ودخل «حزب اليسار الألماني» للمرّة الأولى برلمان ولاية هامبورغ ليوسّع رقعة نموه السياسي، بعد النجاح النسبي الذي حققه في الانتخابات الأخيرة في ولايتي هيسن وسكسونيا.
واستناداً إلى هذه المعطيات الانتخابيّة الجديدة، بات واضحاً تصدّع جبهة التحالف الحاكم وعجز الحزبين الرئيسيين، «الاشتراكي» و«المسيحي الديموقراطي»، عن الاستمرار في حكم «ألمانيا الموحّدة» التي دخلت «سنّ الرشد» السياسي والاجتماعي، في عامها الثامن عشر.
وكشفت النتائج الانتخابية الأخيرة في هامبورغ عن تراجع «فاضح» في نسبة الأصوات التي حصل عليها «الحزب المسيحي الديموقراطي» وهي 42.6 في المئة من أصوات الناخبين، مقارنة بـ47.2 في المئة كان قد حصل عليها في انتخابات عام 2004.
وبالتالي، يكون هذا الحزب الذي تتزعّمه المستشارة أنجيلا ميركل على المستوى الاتحادي، قد فقد غالبيّته المطلقة التي مكّنته من حكم الولاية خلال السنوات الأربع الماضية، وبات همّه الرئيسي حالياً البحث عن صيغة تحالف مع حزب آخر (يفترض أن يكون «الحزب الليبرالي الديموقراطي»)، حتى يظل ممسكاً بمقاليد الحكم فيها.
من جهته، تمكّن «الحزب الاشتراكي الديموقراطي» من الحصول على 34.1 في المئة من أصوات الناخبين مقارنة بـ 30.5 في المئة كان قد حصل عليها في الانتخابات السابقة.
ويرى المراقبون لسير الانتخابات أنّ الصعود القوي لحزب اليسار، بقيادة أوسكار لافونتين وغريغور غيزي على الصعيد الاتحادي، ودخوله برلمان هامبورغ، محققاً نسبة 6.4 في المئة من أصوات الناخبين، قد قلب خريطة التحالفات الحزبية في ألمانيا.
وتشير صيغ التحالف الحزبي المتوفّرة إلى قيام تحالفات حزبية جديدة في البلاد، مختلفة عن صيغ التحالفات الحزبية التقليدية التي اعتادت عليها ألمانيا في الماضي (أيّام قسمتها). ومن هنا، بات الأمر المتوفر، لا بل المفروض، هو قيام «التحالفات المرة»، وهي محصورة في خيارات ثلاثة بدأت تتبلور ساعة فساعة.
الخيار الأوّل: تحالف الاشتراكيّين الديموقراطيّين مع اليسار، وهو إمكان محتمل يرسم، للمرّة الأولى، ملامح جديدة في البلاد وصورة يفرضها الواقع الألماني الجديد (الدور السياسي والاقتصادي لألمانيا في المحاور الدولية). أمّا الخيار الثاني، فهو تحالف موسّع يضم الحزبين الكبيرين، «المسيحي الديموقراطي» و«الاشتراكي الديموقراطي» وربما أحزاباً صغيرة مثل «حزب الخضر». وهي صيغة مستبعدة حالياً.
الخيار الثالث، واحتمالات تحقّقه ضئيلة، يتجلّى في تحالف بين «المسيحي الديموقراطي» و«الخضر»، الذي حصل على نسبة 9.6 في المئة من التأييد، متراجعاً عن نسبة الـ12.3 في المئة التي حقّقها قبل 4 سنوات.
تجدر الإشارة هنا إلى تطوّر جديد أبرزته نتائج الانتخابات في هامبورغ، وهو أفول نجم «الحزب الليبرالي الديموقراطي»، الذي فشل في الحصول على نسبة الحد الأدنى من الأصوات (5 في المئة) اللازمة لدخول برلمان الولاية. وبات هذا الحزب العريق، للمرّة الأولى، خارج المعادلة في ألمانيا الموحدة. بينما احتلّ حزب اليسار مكانه ليرسم صورة جديدة تشهدها ألمانيا، بعد انتخابات ديموقراطية استخدمت الوسائل الحديثة: الإنترنت.