باريس ــ بسّام الطيارة
رفعت منظمات أهلية فرنسية، أمس، دعوى على موقع على شبكة الإنترنت لأنه يسمح للطلاب بـ«وضع علامات تقويم» لأساتذتهم مع ذكر أسمائهم. وقد لاقى موقع «Note2be» رواجاً منقطع النظير لدى الطلاب، وأثار في المقابل سخط نقابات الأساتذة، التي رأت فيه وسيلة لسحب «ما بقي من احترام للأساتذة» ومدخلاً لتمييع العلاقة بين الجسم الطلابي والجسم التعليمي. ويحتمي المدافعون عن الموقع وراء «حرية الرأي والتعبير»، ويقولون إنه يسمح للطلاب بنوع من تنفيس التوتر داخل المدرسة.
وقد دار اللغط الكلامي حول «طرق تصرفات الرئيس» ليندس في ساحة الكلام على «الاحترام المفروض بين أعضاء المجتمع»، وخصوصاً بعد المشادة الكلامية التي تناقلتها تلفزيونات العالم وشاهدها ما لا يقل عن 2.7 مليون مشاهد، أظهرته رجلاً «لا يتمالك أعصابه»، وفتحت الباب أمام كمٍّ من الأسئلة، منها إذا ما كان «يمكن رئيس الجمهورية أن يشتم مواطناً؟» أو إذا ما كان يحق للمواطنين «تقويم عمل الرئيس المنتخب بشكل مباشر يومياً»، بينما الممارسة السياسية تتطلب انتظار الانتخابات المقبلة؟
وقد ضجت مواقع الإنترنت بالعديد من الاقتراحات، بعضها جدي يقترح «وضع علامة يومية للرئيس» مباشرة من دون المرور بمؤسسات الاستطلاع التي تراجعت صدقيتها كثيراً، وذلك للتنفيس عن الاحتقان الذي يولِّده الارتفاع الرهيب لأسعار السلع الاستهلاكية الضرورية الذي يرافق تراجع القوة الشرائية للمواطنين الفرنسيين.
وبعض الطروحات تدخل في حيِّز الفكاهة، التي تُسهم أيضاً في الترويح على نفوس المواطنين، وتدعو إلى تخصيص مواقع لتدوين «هفوات الرئيس» وبثها وكل ما هو جديد في مفهوم «نموذج الرئيس» الذي يريد نيكولا ساركوزي أن تطاله «القطيعة» التي طالما وعد بها ناخبيه.
وبات خوف الخبراء ينصبُّ على عدم قدرة المواطن على التمييز بين «حقل العمل السياسي وحقل الحياة الخاصة»، وبالتالي عدم القدرة على «الحكم بجدارة على سياسييه» بسبب إقحام «الخاص بالعام» عبر وسائل الإعلام الحديثة وتصرفات السياسيين «النجومية الشعبوية»، وهو ما يهدد الحياة الديموقراطية المبينة على قدرة المواطن على تقويم حكامه عبر ممارسة رقابة يومية على ما يفعلون.
إلا أن ما يخيف محيط سيد الإليزيه ويرعبه أيضاً هو أن عدداً متزايداً من الذين يعلنون أنهم صوتوا لساركوزي باتوا لا يخشون الإفصاح عن «ندمهم»، ويعترفون بأنهم أخطأوا بخيارهم. ومع كل هذا، تؤكد مصادر عديدة مقربة من الرئيس الفرنسي «أنه لن يتغير ولن يغير نفسه» لإرضاء غير الراضين، وهو يجد «المشادة» شيئاً طبيعياً «سوف ينساها الناس مع الوقت»، حسبما صرّح لأكثر من نائب من أكثريته.
رغم هذا، فإن المراقبين يتوقعون تغيرات كثيرة في محيط الرئيس، ولكن بعد الانتخابات نظراً لتأفف السياسيين من نواب ووزراء من «الوزن الذي يتمتع به المستشارون» في الإليزيه، والذي يتجاوز في بعض الأحيان وزن الوزراء. ولا يقف هؤلاء المراقبون عند «ما حدث بين الأمين العام للرئاسة كلود غيان ووزير الخارجية برنار كوشنير»، بل يقولون إن لكل وزير مستشاراً رديفاً في الإليزيه. ويتوقع الجميع «أن يأتي التغير عنيفاً ومباغتاً» كما عوَّد ساركوزي العاملين معه. والناطق الرسمي دافيد مارتينو الذي خبر «فقدان الحظوة» خلال ٢٤ ساعة يستطيع الشهادة على ذلك.