strong>هل بدأت الضغوط الأميركيّة ترتفع في وجه تركيا لتنجز الحدّ الأقصى من الإنجازات العسكريّة ضدّ حزب العمّال الكردستاني في شمال العراق «في أسرع وقت ممكن»؟ تساؤل بات طرحه مشروعاً في ضوء الرسالة القويّة التي سيبلغها وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس إلى المسؤولين الأتراك في أنقرة اليوم، والتي كشف عن مضمونها في الهند أمس
في موازاة التأكيد الرسمي التركي أنّ الحملة العسكريّة في شمال العراق مستمرّة من دون سقف زمني، تحدّثت معلومات غير رسميّة عن أنّ الجنود سيعودون إلى بلدهم بعد أسبوعين في الحدّ الأقصى.
ووصل عدد قتلى الجيش التركي إلى 27، بحسب الحصيلة الرسميّة، وذلك في أشرس المعارك الدائرة منذ الخميس الماضي بحسب بيانات القيادة العسكرية التركية. أمّا قتلى حزب العمّال الكردستاني فوصلوا، بحسب الجيش التركي، إلى 230 بعدما أعلنت أنقرة قتل 77 مقاتلاً جديداً من عناصر حزب عبد الله أوجلان.
وفور وصول أحمد داوود أوغلو، كبير مستشاري رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في السياسة الخارجية، إلى بغداد، سلّم الرئيس العراقي جلال الطالباني دعوة عبد الله غول لزيارة أنقرة، وهو ما قبله الطالباني «بامتنان» حسب البيان الرئاسي، «على أن يحدّد موعدها في الوقت المناسب».
أوغلو رفض تحديد جدول زمنيّ لسحب قوّات بلاده من العراق. وقال، بعد مباحثات مع وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري، إن «هدفنا واضح ومهمّتنا واضحة ولا جدول زمنيّاً... حتى تُزال تلك القواعد الإرهابيّة». وأضاف «في نظرنا، استمرار العمليّات ليس انتهاكاً لسيادة العراق، بل على العكس تماماً: إنّه استعادة لسيادة العراق على تلك المناطق الجغرافيّة التي ينشط فيها الإرهابيّون». وتابع المبعوث التركي «رسالتنا واضحة وصريحة لكلّ العراقيّين بمختلف خلفيّاتهم، نأمل أن نعمل معاً من أجل إنهاء العمليّات الإرهابية، لأنها تشكّل تهديداً لمستقبلنا المشترك». وفي إشارة عزّزت اتهامات الأكراد الأتراك للحكومة العراقيّة بأنها نسّقت التوغّل التركي مع أنقرة، أعرب أوغلو عن سعادته «لأنّ الحكومة العراقية أبدت تعاوناً حقيقياً ضدّ هذه العمليات الإرهابية».
كلام أوغلو جاء بمثابة ردّ على تصريحات غيتس في نيودلهي، حيث طلب من أنقرة، بلهجة حادّة، أن «تختصر مدّة هذه العملية قدر الإمكان، ثم يرحلوا ويأخذوا في الحسبان سيادة العراق». والاختصار عند غيتس «يُحسَب بأيّام أو أسبوع أو أسبوعين أو شيء من هذا القبيل لا بأشهر».
ورأى غيتس، الذي يصل أنقرة اليوم، أنّ على الأتراك «إيجاد سبل لتحسين الأحوال الاقتصادية والاجتماعية (للأكراد) بدل حصر جهودهم في العمليات العسكريّة».
وذكرت صحيفة «حرييت» التركية أنّ نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني ألغى زيارة كان من المقرّر أن يقوم بها في آذار المقبل إلى أنقرة، في ما قد يُفََسّر بأنّه إشارة إلى ضغط لوقف سريع للحملة التركيّة.
لكنّ صحيفة «زمان» المقرّبة من الحزب الحاكم «العدالة والتنمية»، نقلت عن مصدر «رفيع المستوى في الحكومة التركيّة»، تأكيده أنّ الجنود الأتراك سينسحبون من شمال العراق بعد أسبوعين. التبرير جاء به المسؤول نفسه، وهو أنّ الجيش التركي أنجز جزءاً كبيراً من أهدافه ضدّ «العمّال الكردستاني» عسكريّاً. لكن أنقرة باتت أيضاً «تتخوّف من أن ينقلب الدعم الدولي إلى معارضة تضرّ بها سياسيّاً إذا طالت مدّة الغزو».
غير أن المصدر نفسه أكد أنّ الانسحاب لن يطول، فالجيش سيعود بعد أسبوعين من انسحابه عندما يهدأ المجتمع الدولي. وفي إشارة توحي بأنّ تركيا دخلت فعليّاً مرحلة الإخفاق في خطّتها العسكريّة، قالت الصحيفة إنّ «تغييراً كبيراً طرأ على التكتيك التركي؛ ففي بداية الحملة البريّة، كان الهدف هو الوصول إلى معسكرات الكردستاني في جبال دهوك. الخشية من مواجهة البشمركة، دفعت نحو تغيير الخطّة، وتوجيه الأولويّة نحو الوصول إلى جبال قنديل بعمق 150 كيلومتراً على الحدود مع إيران». غير أنّ «زمان» أكّدت أنّه حتّى هذا الهدف بات في إطار المستحيل نظراً لقصر المهلة المتاحة.
(الأخبار، أ ب)