رام الله ــ أحمد شاكرغزة ــ رائد لافي
القاهرة ــ خالد محمود رمضان

فرضت قوّات الأمن المصريّة، بالتنسيق مع الشرطة التابعة للحكومة الفلسطينيّة المقالة، برئاسة اسماعيل هنية، سيطرتها الكاملة على الحدود مع قطاع غزة، أمس، بعد نحو أسبوعين من تفجير ثغر حدوديّة واسعة عند معبر رفح، وتدفق نحو مليون فلسطيني إلى الأراضي المصرية، للتزود باحتياجاتهم الأساسية
انتشرت قوات الأمن المصرية على الجانب المصري من الحدود مع قطاع غزة، وقابلها في الجانب الآخر قوّات فلسطينيّة، لتنظيم حركة مرور المواطنين الفلسطينيين والمصريين وعودتهم إلى منازلهم على جانبي الحدود، من خلال ثغرة وحيدة في بوابة صلاح الدين.
وأشارت مصادر فلسطينية، لـ«الأخبار»، إلى أنّ أجهزة الأمن المصرية أجرت عمليّات مسح وتفتيش في المدن المصرية الثلاث المتاخمة للحدود، رفح والشيخ زويد والعريش، بحثاً عن فلسطينيين بغية إعادتهم إلى القطاع.
وقالت مصادر من «حماس»، لـ«الأخبار»، إنّ القرار جاء بناءً على اتفاق مع وفد الحركة الإسلاميّة الذي أجرى مباحثات مع القيادة المصرية أخيراً، في شأن المعابر، وذلك في إطار «بحث ترتيبات إعادة فتح معبر رفح المغلق منذ 8 شهور».
وكان القيادي في «حماس»، محمود الزهار، قد وصف المباحثات التي جرت في القاهرة بأنّها «ناجحة»، جرى خلالها الاتفاق على «تشكيل قنوات اتصال مشتركة، سيصل الطرفان بموجبها إلى حدود منظمة». وأوضح أنّه «سيتم التوصل إلى تفاهمات سنضبط من خلالها الحدود حتى لا تعود الاتفاقات السابقة، وسنعمل على كسر الإجراءات الإسرائيلية التي كانت تعيقنا على المعبر»، متوقّعاً أن تشهد الأيّام المقبلة «سلسلة من الأمور الإيجابية».
غير أنّ الأمين العام لجامعة الدول العربيّة، عمرو موسى، أكّد أمس، أنّه لا يوجد حتى الآن اتفاق نهائي بشأن ضبط الحدود. وقال، إثر لقائه في القاهرة الممثّل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، إنّ «التفاصيل الخاصة بوجود اتفاق حول المعابر لم يتم الانتهاء منها بعد. وسيتمّ تحديدها خلال مباحثات مقبلة بين السلطة الفلسطينية وحماس».
وبعد اجتماع وزاري مصغّر عقده الرئيس المصري حسني مبارك، شدّد المتحدّث باسم الرئاسة المصريّة، سليمان عوّاد، على أنّ الوضع الراهن «غير قابل للاستمرار، والحصار الراهن هو السبب في ما حدث»، مشيراً إلى أنّ بلاده «لن تسمح أبداً بتكرار ما حدث لأنّ لها حدوداً وأرضاً وسيادة ومن حقّها وواجبها ومسؤوليّتها أن تحفظها». وأعلن أن «سولانا وعد بعودة المراقبين الأوروبيين للعمل مجدداً على معبر رفح الحدودي».
بدوره، اتهم المتحدث باسم «حماس»، سامي أبو زهري، سولانا ومبعوث اللجنة الرباعية في الشرق الأوسط طوني بلير، بأنّهما «يقودان مؤامرة لإبقاء معبر رفح مغلقاً». وشدّد على ضرروة وجود إدارة مصرية ـــــ فلسطينية للمعبر. وأشار إلى أن فكرة وجود المراقبين الأوروبيّين، حسبما يفترض اتفاق عام 2005، «خاضعة للدراسة»، «شريطة ألا يتدخلوا (الأوروبيّون) في فتح المعبر وإغلاقه أو أن يكون وجودهم بتدخلات إسرائيليّة».
في هذا الوقت، كشفت مصادر فلسطينيّة مقرّبة من الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس عن أنّ الأخير تعرّص ومبارك، خلال لقائهما في القاهرة الأسبوع الماضي، لضغوط شديدة من الإدارة الأميركية وإسرائيل لرفض أيّ اتفاق جديد بفتح معبر رفح الحدودي في ظلّ وجود سلطة «حماس». وأشارت المصادر إلى أنّ «واشنطن أبلغت الجانب المصري أنه إذا فُتح المعبر وسيطرت حماس على جزء منه، فإنّ القاهرة تعترف بالانقلاب على الشرعيّة في غزة وتتعامل مع سلطتين، لا سلطة واحدة يقودها عباس» ورئيس حكومته سلام فياض. وبينت أنّ «اللهجة الأميركية الشديدة جعلت الرئيس المصري يسحب اتفاقاً، كان سيعرضه على الجانبين، يقضي بمشاركة حماس للفريق الرئاسي في إدارة المعبر من الجانب الفلسطيني، وهو ما أبدى عباس أيضاً رفضه بشكل مطلق». وبحسب المصادر، فإنّ «عمرو موسى اتّصل برئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل، وطلب منه إبداء مرونة في قضية معبر رفح لأنّه لن يحصل على أيّ شيء يُغضب عباس المعترف بشرعيّته في كلّ العالم». وبعد فشل وفد «حماس» في الحصول على ما جاء (إلى القاهرة) من أجله، أي فتح المعبر بإشراف فلسطيني ـــــ مصري، أبلغت الحركة الإسلامية القاهرة استعدادها دراسة وجود مراقبين أوروبيين في المعبر بشكل إشرافي وليس لهم سلطة على المسافرين.
وتضيف المصادر أن مشعل طلب من رئيس الاستخبارات العامّة المصريّة، عمر سليمان، أن «يبيت الأوروبيّون في الجانب المصري من المعبر أو في الجانب الفلسطيني وليس كما السابق في معبر كرم أبو سالم الإسرائيلي، كي لا يكونوا أداة في يد إسرائيل».
وفي ما يتعلّق بالضغوط الإسرائيلية، أوضحت المصادر أنّ «عباس أبلغ نظيره المصري أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت أبلغه أنّه إذا تدخّلت حماس في إدارة المعابر فإن إسرائيل ستكون أمام خيارين، إما قصف المعبر وتدمير الحدود بالكامل، أو إعادة احتلال الشريط الحدودي من جديد».
من جهة أخرى، وفي ردّ على حديث الناطق باسم «حماس»، أحمد يوسف، عن «خطّة فك ارتباط غزة عن إسرائيل»، نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مصادر مصريّة قولها إنّ القاهرة لا تنوي «الحلول محل إسرائيل في تحمّل المسؤولية تجاه 1.5 مليون فلسطيني في قطاع غزة»، وأنّ «الرئيس مبارك غاضب من تحطيم الجدار الحدودي في رفح، ومن السلوك العنيف الذي أبداه الفلسطينيّون تجاه الشرطة المصريّة».