رام الله ــ أحمد شاكر غزة ــ رائد لافي
حيفا ــ فراس خطيب

نفّذت فصائل المقاومة الفلسطينية تهديداتها، وأعادت العمليات الاستشهادية إلى العمق الإسرائيلي، بعد انقطاع دام أكثر من عام، مستهدفة مدينة ديمونا في صحراء النقب، والتي تبعد 12 كيلومتراً عن المفاعل النووي الإسرائيلي الذي يحمل الاسم نفسه

تبنّت الذراعان العسكريتان لحركة «فتح» والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أمس، الهجوم الاستشهادي في مجمع تجاري في مدينة ديمونا، حيث قتلت إسرائيلية وأصيب نحو 14 آخرين بجروح، فيما استشهد المنفذان اللذان تبيّن أنهما خرجا من غزة وتسلّلا عبر سيناء إلى الأراضي المحتلة عام 1948.
وفيما رحّبت حركة «حماس» بالعملية، التزمت الحكومة المقالة برئاسة إسماعيل هنية الصمت، فيما دانتها الرئاسة الفلسطينية. وكان قد سبق العملية الاستشهادية اغتيال فلسطينيين في الضفة الغربية، وتلاها اغتيال ثالث في قطاع غزة، في وقت توعّد فيه رئيس الحكومة الإسرائيلي إيهود أولمرت بملاحقة المسؤولين عن تنفيذها.
وقتلت إسرائيلية وأصيب 14 آخرون بجروح، وصف بعضها بالخطِر، في العملية التي نفّذها في ديمونا المقاومان موسى خليل أحمد عرفات (24 عاماً) من مدينة خان يونس (جنوب قطاع غزة)، ولؤي الاغواني (22 عاماً) من حي الصبرة وسط مدينة غزة.
ووصف شهود عيان إسرائيليون الانفجار بأنه «كبير وضخم»، فيما هرعت سيارات الإسعاف والطواقم الطبية إلى المكان، وقطعت وسائل إعلام الاحتلال بثّها الاعتيادي لنقل حيثيات الهجوم.
وأفادت بعض وسائل الإعلام العبرية بأن المقاومين الفلسطينيين وصلا إلى المركز التجاري وتمكن أحدهما من تفجير نفسه، بينما تمكّن ضابط شرطة إسرائيلي من إطلاق النار على الآخر وأرداه قبل أن يتمكن من تفجير حزامه.
وأعلنت كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة «فتح»، وكتائب أبو علي مصطفى الذراع العسكرية للجبهة الشعبية، وتنظيم جديد يطلق على نفسه «سرايا المقاومة الموحدة»، مسؤوليتها المشتركة عن العملية الفدائية، التي أطلقت عليها اسم «وعد الأوفياء»، مشيرة إلى أنها جاءت رداً على «مجازر الاحتلال في قطاع غزة والضفة الغربية وعلى سياسة الاعتقالات، وردّاً على الحصار المفروض على القطاع وتمسكاً بخيار المقاومة خياراً استراتيجياً».
وأشارت الفصائل الثلاثة، في مؤتمر صحافي في مدينة غزة، إلى أن منفّذي العملية وصلا إلى مكان العملية الاستشهادية جنوب دولة الاحتلال عبر الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، من دون الإفصاح عن آلية الوصول لأسباب أمنية.
وشدّد المتحدث باسم «كتائب شهداء الأقصى»، أبو الوليد، على أن المنفذين لم يمرّا من الأراضي المصرية عبر الثغر الحدودية التي كانت مفتوحة على مدار الأسبوعين الأخيرين.
إلا أن وكالة «وفا» الرسمية الفلسطينية نقلت عن متحدث باسم حركة «فتح» قوله إن «كتائب الأقصى لا علاقة لها بهذه العملية (ديمونا)، وأن الجهة التي نفّذتها معروفة بمواقفها ورفضها لأي تهدئة أو تقدم في عملية السلام».
وكانت العملية الاستشهادية الأخيرة للمقاومة الفلسطينية في ايلات في كانون الثاني من عام 2007، وقتل فيها ثلاثة إسرائيليين، وتبنّتها حركة «الجهاد الإسلامي».
وأعلنت حركتا «حماس» و«الجهاد الإسلامي» أن عملية ديمونا رد فعل طبيعي على جرائم الاحتلال واستمرار الحصار. ودعتا فصائل المقاومة إلى مواصلة نهج المقاومة.
إلا أن السلطة الوطنية الفلسطينية أعلنت عن إدانتها الكاملة للعملية، مستنكرة في الوقت نفسه العملية العسكرية الإسرائيلية التي حدثت فجر أمس في بلدة قباطيا، والتي أدّت إلى استشهاد مواطنين فلسطينيين وجرح ثالث. وأكدت السلطة، في بيان، على «موقفها الثابت بإدانة كل العمليات التي تستهدف المدنيين سواء كانوا فلسطينيين أو إسرائيليين».
في المقابل، تعهّد رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت بمواصلة الحرب على الفصائل الفلسطينية المسلحة في قطاع غزة ومطاردة مرسلي منفذي العملية. وقال، خلال اجتماع كتلة حزب «كديما» في الكنيست، «ثمة حرب على الإرهاب في الجنوب، وهذه حرب متواصلة وسنحارب الإرهاب ومرسليه بكل قوة».
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، في اجتماع كتلة حزب «العمل» في الكنيست، إن «العملية كانت قاسية وإذا طلب أحد منا تأكيداً لفهم الوضع المعقد الذي نحن فيه، فإن بإمكانه إيجاده في ديمونا اليوم».
ودعا نائب رئيس الوزراء ورئيس حزب «شاس»، ايلي يشاي، إلى «البحث مجدداً في إعادة سيطرة إسرائيل على محور فيلادلفي (بين القطاع ومصر) ووقف فوري لكل قنوات المفاوضات السياسية» بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
ودعا قسم من أعضاء الكنيست إلى اغتيال القياديين في حركة «حماس» إسماعيل هنية ومحمود الزهار. وقال سيلفان شالوم من حزب «الليكود» إنه «في اليوم الذي يتحدثون فيه عن تليين اعتبارات إطلاق مخربين مع دماء على أيديهم، تلقينا تذكيراً مؤلماً بما يمكن أن يفعله هؤلاء المخربون».
وطالب شالوم وزير الدفاع إيهود باراك بشنّ حملة عسكرية واسعة في القطاع. وقال إنه «بعدما انتهى فينوغراد وأنابوليس، انتهت الذرائع ضد تنفيذ حملة في غزة مثلما يوصي جهاز الأمن، وحان الوقت لشن الحملة العسكرية المطلوبة لسحق الإرهاب الحمساوي».
وأعربت مصادر أمنية إسرائيلية عن خشيتها من أن يكون عدد من المقاومين الفلسطينيين قد عبروا الحدود من قطاع غزة إلى شبه جزيرة سيناء ومن هناك إلى داخل إسرائيل.
وفي أعقاب العملية الاستشهادية، نفّذت قوات الاحتلال غارة على سيارة في مدينة بيت لاهيا (شمال قطاع غزة)، وهو ما أدى إلى استشهاد القيادي في «لجان المقاومة الشعبية»، عامر قرموط (أبو الصاعد) (44 عاماً).
وفي الضفة الغربية، استشهد المقاومان في «سرايا القدس»، الجناح العسكري لحركة «الجهاد الإسلامي»، أحمد سابق أبو زيد (32 عاماً) وعمار ذيب زكارنة (20 عاماً)، وأصيب آخر بجروح خطرة في كمين نصبته قوات الاحتلال الإسرائيلي في الحارة الغربية من بلدة قباطية جنوب جنين شمال الضفة الغربية.
إلى ذلك، قالت مصادر أمنية إن الشرطة المصرية احتجزت فلسطينياً يحمل متفجرات في مدينة رفح التي تقع على الحدود مع قطاع غزة. وأضافت أن الرجل كان يحمل كمية من مادة «تي إن تي» لكن لم تذكر المزيد من التفاصيل.
وفي وقت لاحق، قال شهود عيان إن مسلحين فلسطينيين ملثمين تبادلوا إطلاق النار مع قوات الأمن المصرية عند حدود غزة. وقال مسؤولون طبيون فلسطينيون إن مدنياً فلسطينياً قتل وجرح أربعة آخرون.