بغداد ــ زيد الزبيدي
يرى معظم الساسة العراقيّين أنّ إعادة طرح موضوع «اتفاقية الجزائر» الموقّعة عام 1975، بين نائب الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين وشاه إيران محمد رضا بهلوي، في هذا التوقيت، لا يبرّرها سوى أنّها تأتي قبيل الجولة المرتقبة من المفاوضات الأميركية ــ الايرانية بشأن العراق، والعراقية ــ الإيرانية بشأن الاتفاقية المذكورة


أعلن مساعد رئيس الحكومة العراقية، سامي العسكري، أمس أنّ مفاوضات بين طهران وبغداد بشأن شطّ العرب، ستبدأ في منتصف شهر كانون الثاني الجاري. وبحسب العسكري، فإنّ أبرز بنود المحادثات ستتركّز على جرف التربة والألغام البحرية التي يعود تاريخها الى زمن الحرب الإيرانية ــــــ العراقية. ولفت العسكري إلى واقع أن أي تحرّك من الجانب العراقي لتنظيف الألغام والجرف، بحاجة إلى إذن من السلطات الإيرانيّة، لأن جزءاً من هذه الأعمال يجب أن يجري في المياه الإقليمية الإيرانية.
ومصدر استثنائية الإثارة العراقية لطلب إلغاء الاتفاقية، ينبع من كون الرئيس جلال الطالباني هو الذي طرح هذا الموضوع (رغم أنه عاد ونفى ذلك)، إضافة إلى اللهجة الحادّة التي تحدّث بها النائب الكردي محمود عثمان، الذي كان من فصيل رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني الذي أوعز حينها بحلّ «الثورة الكردية»، التزاماً باتفاقيّة الجزائر.
وبحسب توقّعات المراقبين، فإنّ توقيت الطرح جاء لغرض الضغط على الجانب الإيراني في المفاوضات الأميركية ــــــ الإيرانية المقبلة. هذا ما أكّده رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني علاء الدين بروغردي، الذي قال إنّ «على الولايات المتحدة الكفّ عن ألاعيبها في الضغط على إيران التي مارستها قبل 27 سنة، وثبت فشلها»، في إشارة الى الحرب العراقيّة ــــــ الإيرانيّة وإلغاء معاهدة الجزائر.
ولما كان العمل بالاتفاقية المذكورة لا تأثير له على الواقع الحالي بالنسبة إلى القيادات الكرديّة، فإنّ إثارة هذا الموضوع قبل المفاوضات، إنّما المقصود منه التأثير التفاوضي، في ما يتعلق بالمادتين الثالثة والرابعة من الاتفاقية، اللتين تنصّان على إجراء «رقابة مشدّدة وفعّالة على حدودهما (إيران والعراق)، وذلك من أجل وضع حدّ نهائي لكلّ التسلّلات ذات الطابع التخريبي من حيث أتت».
والواقع، فإنّ إلغاء اتفاقية الجزائر اليوم يعني السماح بضرب الميليشيات الشيعية المدعومة من ايران. ويبدو أن هذا ما منع الأحزاب الشيعيّة، والحكومة، من التحرك إلّا في إطار تفاوض مقترح لإعادة الترسيم الحدودي، جرّاء تغيّر مجرى شط العرب، وليس في ما يتعلّق بأساس الاتفاقية.
في هذا الوقت، أفادت معلومات رسمية أنّ الأسبوع المقبل سيشهد حراكاً سياسيّاً، من جانب الأطراف المعنية في مسار «العملية السياسية». لكنّ رئيس «جبهة التوافق العراقية» عدنان الدليمي نفى وجود نيّة لعقد اجتماع قمّة مصغّر قريب لرؤساء الكتل السياسية.
وبحسب النائب عثمان، فإنّ الأيّام المقبلة «ستشهد عقد لقاءات بين الطالباني الذي سيتوجه الى بغداد، ونوري المالكي بعد عودته من رحلة العلاج في لندن، لدفع العملية السياسية في البلاد الى الأمام».
وفي السياق نفسه، علمت «الأخبار» أنّ المالكي سيعود إلى بغداد يوم السبت أو الأحد المقبلين.
وكشف أحد الأطبّاء العراقيين المقرّبين من المالكي، من لندن، في اتصال هاتفي مع «الأخبار»، أنّ «الفحوص التي أجراها لم تثبت، حتى الآن، وجود مرض عضوي، وأنّ ما يعانيه المالكي هو الإجهاد البدني والنفسي فحسب، وقد تقرّر أن يغادر المستشفى اليوم الخميس، ويبقى يومين آخرين أو ثلاثة أيّام في لندن، قبل أن يعود الى بغداد».

50 قتيلاً


رغم مرور عيد رأس السنة هذا العام بأهدأ ظروف منذ 2003، فقد سُجّل في اليومين الماضيين مقتل نحو 50 عراقيّاً في تفجيرين هزّا بعقوبة ومنطقة زيونة شرقي بغداد. وقُتل 12 شخصاً وجرح أكثر من 20 آخرين غالبيتهم من عناصر «مجلس صحوة بعقوبة»، وذلك في تفجير انتحاري نفّذته امرأة أمس وسط المدينة. كما أسفر تفجير انتحاري وقع أوّل من أمس في مجلس عزاء شرق بغداد عن سقوط 34 قتيلاً على الأقلّ وإصابة 50 آخرين.