غداة سقوط سبعة قتلى فلسطينيّين في الموجة الأخيرة من الاقتتال الداخلي بين أنصار حركتي «فتح» و«حماس» في قطاع غزّة، دعا رئيس الحكومة الفلسطينيّة المقالة اسماعيل هنية أمس إلى «فتح صفحة جديدة» في العلاقات الفلسطينيّة ـــــ الفلسطينية وإلى الحوار مع «فتح» والسلطة الفلسطينية.وفي كلمة أمام الصحافيين في مكتبه في غزة، قال هنيّة «ندعو أبناء شعبنا إلى طي صفحة الآلام الداخليّة». وأضاف «نوجّه رسالة إلى (الرئيس محمود عباس) أبو مازن وحركة فتح وأبناء شعبنا التواقين إلى الوحدة الوطنية»، مشدّداً على «أنّنا مع الحوار الصادق والجادّ لفتح كل القضايا والتوحّد أمام العدوان وتهيئة الأجواء لهذا الحوار». وأكد على «التعاون المشترك لفتح المعابر ووقف العدوان (الاسرائيلي) واستعادة الحقوق وإقامة الدولة الفلسطينية وعودة اللاجئين».
في هذا الوقت، عادت فصائل العمل الوطني إلى صوغ المبادرات بغية الخروج من الأزمة الداخلية وإنهاء حال الانقسام والفرقة، بعد يومين من سقوط القتلى السبعة وأكثر من 45 جريحاً في صدامات دامية بين الشرطة التابعة لحكومة هنية وأنصار «فتح» الذين لم يتلزموا قرار الشرطة وخرجوا ليل أوّل من أمس، للاحتفال بالذكرى الـ43 لانطلاقة تنظيمهم، في قطاع غزة.
وأعلنت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، على لسان مسؤولها في القطاع وعضو مكتبها السياسي رباح مهنا، عن إطلاق حملة شعبيّة ضاغطة خلال الأيام المقبلة. ورأى في بيان، أن «هناك اتجاهين مضرّين في الساحة الفلسطينية يواصلان إملاء شروطهما، ويتواصل خلافهما ميدانياً»، في إشارة إلى «فتح» وقيادة السلطة في الضفة الغربية، و«حماس» وحكومتها المقالة في قطاع غزة.
وقتل الفتى محمد أبو الوفا (14 عاماً) ومحمود أبو طه (56 عاماً) من حركة «حماس»، برصاص مسلحين في مدينة خان يونس، مسقط رأس القائد البارز في حركة «فتح» محمد دحلان، والتي شهدت أكبر تجمعات لنشطاء «فتح». وفي وقت متزامن، قتل الشرطي عماد عصفور (24 عاماً)، وأصيب آخرون من رفاقه، جراء اطلاق النار على سيارتهم في بلدة بني سهيلا، شرق المدينة نفسها.
وفي مدينة غزة، قضى الفلسطينيون ليلة رأس السنة على وقع صدامات دامية وعنيفة استمرّت حتى ساعات الفجر الأولى في حي الصبرة المنقسم على نفسه بين أنصار الفريقين، سقط خلالها قتيلان هما محمود دغمش (25 عاماً) من «فتح»، وسليمان الديري (21 عاماً) من «حماس»، قبل امتداد الاشتباكات إلى حيّ الشجاعية شرق المدينة وسقوط قتيل ثالث يدعى ثابت حلس (50 عاماً).
وقضى المسنّ إبراهيم أبو أدلاخ (61 عاماً)، وأصيب آخرون، في صدامات مماثلة شهدتها بلدة بيت لاهيا، شمال القطاع.
وبعد وقت قصير من توقف الصدامات، شنّت الشرطة حملة اعتقالات واسعة في القطاع، طاولت العشرات من أنصار «فتح» ونشطائها، في وقت تعهّد فيه المتحدث باسم حكومة هنية، طاهر النونو، بأن «الجهات المختصة في الحكومة (المقالة) ستجري تحقيقاً في الأحداث وتقدّم المتورّطين إلى العدالة، ولن تسمح بإعادة الفوضى إلى القطاع من جديد».
إلى ذلك، احتجّ عشرات الفلسطينيّين في رام الله في الضفة الغربية على «انتهاكات حرية الرأي والتعبير» في قطاع غزة ومنها اختطاف القائد في «فتح»، ابراهيم أبو النجا، من منزله في غزة مساء أوّل من أمس، ثم الإفراج عنه بعد ساعة، حيث حلق شعر رأسه وشاربه.
وأقدم عدد من المحتجّين، معظمهم من الصحافيين، على حلق شعر رؤوسهم وشواربهم في ما قالوا إنّه تضامن مع أبو النجا، وهو عضو سابق في المجلس التشريعي وعضو بارز في لجنة الحوار الوطني الفلسطيني.
وقال الصحافي هاني أبو غضيب، بعد حلق شاربه خلال الاحتجاج، «حلقت شاربي، وكما تعرفون فإنّ الشارب عند العرب يعبر عن العزّة والكرامة، لكن شاربي ليس أهم من الحالة المأساوية التي مرّ بها أبو النجا الذي قضى سنين عمره مناضلاً من أجل الوحدة الوطنيّة».
(الأخبار، أ ف ب، يو بي آي،
رويترز، د ب أ)