رفضت السلطات الباكستانية، أمس، إسقاط تجربة لجنة التحقيق الدولية الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري على عملية اغتيال رئيسة الوزراء السابقة بنازير بوتو، لكنّها قبلت «مساعدة بريطانية»، في وقت أجّلت فيه اللجنة الانتخابية، كما كان متوقعاً، الانتخابات التي كانت مقرّرة في الثامن من الشهر الجاري، إلى الثامن عشر من الشهر المقبل.ومع الاتهامات التي يوجهها حزب الشعب الباكستاني إلى السلطات في شأن حياديتها في التحقيق الذي تتولاه بشأن اغتيال زعيمته بوتو، فضلاً عن الاتهامات الموجّهة إلى بعض عناصرها في التورط بالجريمة، وبعد مطالبة حزب الشعب بلجنة تحقيق دولية، أكّدت حكومة إسلام أباد أمس أنها ترحّب بتعاون دولي بالتحقيق. لكنّها أكدت أنها لن تقبل بتشكيل لجنة تحقيق دولية تابعة للأمم المتحدة مشابهة لتلك التي تتولى التحقيق في اغتيال الحريري. وقال المتحدّث باسم وزارة الخارجية محمد صادق إن «الحالتين مختلفتان تماماً».
والموقف نفسه صدر عن السفير الباكستاني في واشنطن محمد علي دورّاني، الذي رحّب بأي مساعدة دولية، لكنه شدّد على أن حكومته لن تتبنى تحقيقاً منفصلاً على غرار الذي تجريه الأمم المتحدة في قضية الحريري.
وعلى ما يبدو، لا يحبّذ المجتمع الدولي أيضاً إسقاط تحقيق الحريري على بوتو، وهذا ما أوضحه وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، الذي يزور إسلام آباد برفقة وفد من الاتحاد الأوروبي، معتبراً أن «التطرّف» هو الذي اغتالها، «ونحن، فرنسا والاتحاد الأوروبي، مصممون على محاربته».
وأعرب الوزير الفرنسي عن الاستعداد لتلبية طلب استقدام خبراء دوليين ولكن «إذا كان طلباً دولياً من الأمم المتحدة فحينئذ هناك شروط ليس من السهل تلبيتها»، مضيفا أنه «في قضية الحريري، كان هناك اشتباه بتورط دولة أجنبية، بينما هنا لا». ولم يستغرب «أن يكون الإرهاب الإسلامي المستقرّ في المناطق القبلية هو من اغتال بوتو».
وفي السياق، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية أول من أمس قوله إن «واشنطن تضغط على إسلام آباد من أجل السماح للمشاركة الدولية في التحقيق وهي تناقش خيارات مع سكوتلاند يارد (الشرطة البريطانية) لقبول المساعدة»، وهو ما أعلن الرئيس الباكستاني برويز مشرّف قبوله أمس، في خطاب متلفز وجّهه إلى الأمة الباكستانية، قائلاً إن «فريق تحقيق من سكوتلاند يارد سيأتي فوراً إلى البلاد لتقديم المساعدة».
وبعدما اتهم «الإرهابيين» بقتل بوتو، طلب مشرّف من الشعب أن «يتابع مسيرتها»، موضحاً أن «تأجيل الانتخابات كان أمراً لا مفرّ منه». وأشار إلى أن «الجيش والقوّات الأمنية ستعمل على تأمين أجواء آمنة للانتخابات».
وقرّرت اللجنة الانتخابية أمس تأجيل الانتخابات إلى 18 شباط. وقال رئيسها قاضي محمد فاروق إنه من المستحيل إجراء الانتخابات في موعدها مع الأضرار التي لحقت بمراكز الاقتراع حيث أُحرق أكثر من 10 مها نتيجة الفوضى التي عمّت البلاد عقب اغتيال بوتو.
تأجيل لم يرُق للمعارضة، وخصوصاً لحزب الشعب، الذي حذّر من انفجار الشارع نتيجة هذا التأجيل الذي يصب في مصلحة الحزب الحاكم الذي يدعم مشرّف. وأدان عضو الحزب، آغا سيراج الدواراني قرار اللجنة، موضحاً أن الحزب سيجتمع ليقرّر ردّه على هذا القرار. ولكنه رغم ذلك عاد وقرّر المشاركة. وكذلك أعلن حزب الرابطة الإسلامية جناح نوّاز شريف.
ويرى مراقبون أنّ أسباب تأجيل الانتخابات، الذي رحبت به واشنطن، هو مسألة سياسية بحتة وليس تقنية كما ادّعت اللجنة، لأنّ الوقت لا يلائم مشرّف الذي لن يكون له أي مستقبل إذا خسر الغالبية التي يتمتع بها الآن في المجالس الوطنية والمحلية.
وعلى الجبهة الشمالية الغربية المشتعلة، قتلت القوّات الحكومية أمس نحو 25 متمرّداً في اشتباكات أعقبت اختطاف المتمرّدين أربعة جنود باكستانيين.
(أ ب، أ ف ب، رويترز)