غزة ــ رائد لافي رام الله ــ أحمد شاكر

ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي مجزرة بشعة جديدة في بلدة بني سهيلا شرقي مدينة خان يونس، جنوب قطاع غزة، أمس، راح ضحيتها 9 شهداء، بينهم خمسة من عائلة واحدة، وذلك بعد أقلّ من 24 ساعة على مجزرة مماثلة سقط خلالها 7 شهداء بينهم مقاومون ومدنيّون في حي الشجاعية

تبدو سلطات الاحتلال مصرّة على إزهاق أرواح فلسطينيي غزة بوتيرة يومية؛ فغداة مجزرة الشجاعيّة، أطلقت المدفعية الإسرائيلية قذائف عديدة في تجاه مقاومين فلسطينيين في محيط منزل عائلة فياض في بني سهيلا، أسفرت إحداها عن إصابة المنزل، حيث استشهدت كريمة فياض (55 عاماً) ونجليها أحمد (32 عاماً) وسامي (28 عاماً) وابنتها أسماء (22 عاماً) وحمدان فياض.
وشنّت الطائرات الحربية الإسرائيلية فجر أمس سلسلة غارات جوية، استهدفت منازل سكنية ومجموعات من المرابطين والمقاومين، قبل أن تتقدم قوّات الاحتلال براً بمساندة الدبابات والآليات العسكرية في عمق البلدة.
وبحسب مصادر محليّة وشهود عيان في البلدة، فإن الطائرات أطلقت 7 صواريخ في تجاه المقاومين، وتجمّعات المواطنين. وأعلنت مصادر طبية فلسطينية استشهاد الفتى محمد خضير فيّاض (17 عاماً) بعد وقت قصير من إصابته بجروح بالغة الخطورة.
ومع بداية عمليّة التوغل، استشهد المقاومان في كتائب الشهيد «عز الدين القسام»، الذراع العسكرية لحركة «حماس»، منير برهم (20 عاماً)، وبرهم أبو لحية (30 عاماً)، بينما أصيب نحو 22 فلسطينياً، بينهم مدنيّون ومقاومون. وقالت مصادر حقوقية إن برهم استشهد على الفور، بينما ظل رفيقه أبو لحية ينزف لساعات حتى الموت.
وفي وقت لاحق، أفاد المدير العام للإسعاف والطوارئ في وزارة الصحّة الفلسطينية، معاوية حسنين، في حديث لوكالة «فرانس برس»، أنّ ياسر حلس استشهد بعد استهداف طائرات إسرائيلية مدرسة شرق الشجاعية، مشيراً إلى أنّ ثلاثة مقاومين آخرين جُرحوا في الغارة.
في المقابل، اعترفت الدولة العبرية بسقوط صاروخ فلسطيني من عيار 122 ميلليمتراً، يُعتقد بأنّه من طراز «غراد»، شمال مدينة عسقلان (المجدل) (20 كيلومتراً شمال قطاع غزة)، في سابقة هي الأولى من نوعها تضع «عسقلان ونتيفوت في مدى نيران القذائف الفلسطينية، الأمر الذي يجب أن يقلق سكان تلك المناطق»، حسبما نقلت الإذاعة الإسرائيليّة عن مصادر في بلديّة عسقلان.
وفي الضفّة الغربيّة، نفّذت قوّات الاحتلال عملية عسكرية واسعة النطاق في مدينة نابلس مستخدمة 75 آلية عسكرية، في الوقت الذي تمّت فيه محاصرة مستشفيات المدينة، منها مستشفى «رفيديا»، وفرض نظام منع التجوال على أحياء أبرزها البلدة القديمة، «القصبة».
وقالت الإذاعة الإسرائيلية إنّ قوات كبيرة من الجيش تواصل نشاطها في البلدة القديمة من نابلس بحثاً عن «مطلوبين»، فيما اعتقلت قوات الاحتلال 27 فلسطينياً في مناطق مختلفة من الضفة بدعوى أنّهم «مطلوبون».
ودانت الرئاسة الفلسطينية، على لسان المتحدث باسمها نبيل أبو ردينة، الاعتداءات والاجتياحات الإسرائيلية في مدن وقرى ومخيّمات الضفة والقطاع.
وقال أبو ردينة، في بيان صحافي له، إنّ «هذه الأعمال الإجرامية قبل وصول الرئيس الأميركي جورج بوش للمنطقة (في الثامن من الشهر الجاري) تُعدّ رسالة إسرائيلية دامية بالتنصّل سلفاً من أيّ التزام أو استحقاق من استحقاقات عمليّة السلام وخطة خارطة الطريق، وقتلاً لروح نتائج اجتماع أنابوليس، وإبقاءً على الوضع الأمني ملتهباً لفرضه بنداً وحيداً على جدول أعمال زيارة بوش».
ومن جهتها، ربطت «حماس» بين العدوان الإسرائيلي المتنامي وبين ملاحقة المقاومة وسلاحها من جانب «حكومة الطوارئ» برئاسة سلام فيّاض في الضفة الغربيّة. وقالت، على لسان المتحدّث باسمها سامي أبو زهري، إن «دماء عائلة فياض وأبناء كتائب القسام إلى جانب الاجتياحات المتواصلة في الضفة الغربية تمثّل وصمة عار على جبين سلام فياض الذي يلاحق المقاومة وينزع سلاحها ويستنكر عمليات المقاومة ويتأسف للاحتلال عنها كما حدث بعد عملية الخليل الأخيرة»، محمّلاً «رئيس السلطة محمود عباس مسؤولية هذه المواقف من رئيس حكومته»، ومطالباً بـ«إقالة فياض فوراً».
في غضون ذلك، أفادت مصادر، لوكالة «يونايتد برس إنترناشيونال»، أنّ محمود عباس يصل إلى الرياض غداً في زيارة يلتقي خلالها الملك السعودي عبد الله للبحث في تطوّرات القضيّة الفلسطينية. وقالت إنّ المحادثات ستتطرّق إلى «عدد من القضايا وفي مقدمتها ما يخص القضية الفلسطينية إضافة إلى العلاقات الثنائية بين البلدين».
وقال السفير الفلسطيني في الرياض، جمال الشوبكي، في بيان له، إنّ الزيارة تأتي قبيل زيارة جورج بوش للمملكة في 14 من الشهر الجاري. وأضاف إنّها «لتحريك عمليّة السلام الفلسطينيّة ــــــ الإسرائيلية التي تراوح مكانها بعد مؤتمر أنابوليس، ووقف الاستيطان الإسرائيلي في القدس والأراضي الفلسطينية المحتلة».
ونفى الشوبكي وجود وساطة مصريّة ــــــ سعوديّة بين «فتح» و«حماس»، وقال إنّ «الوضع الفلسطيني الداخلي حاضر دائماً في مباحثات الجانبين الفلسطيني والسعودي، وخصوصاً أنّ المملكة هي من أكبر الداعمين للقضية الفلسطينية».
وفي السياق، بحث ممثّل الرئيس الفلسطيني، نبيل شعث، مع الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى في القاهرة، الترتيبات الخاصّة بعقد الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب الأحد المقبل بشأن الأوضاع فى الأراضي الفلسطينية ولبنان ومشروع القرار المتوقع أن يخرج به الاجتماع في ما يخص الشأن الفلسطينى والمسار الإسرائيلى ـــــ الفلسطينى عقب أنابوليس.
وقال شعث إنّ «مطالبنا من المجلس الوزارى العربي هي وقفة عربية قوية في مواجهة الاستيطان الإسرائيلي الذى يعرقل أيّ إمكان لتقدّم عملية السلام»، منبّهاً الى أن «الهدف من هذا المخطط الاستيطانى هو نسف مؤتمر أنابوليس وما بعده من محاولة للوصول إلى حلّ للقضية الفلسطينية والأراضى العربية المحتلة الأخرى فى سوريا ولبنان».