بغداد ـ زيد الزبيدي
سجّل تأسيس «الهيئة العليا في محافظة الأنبار»، بالتحالف بين «جبهة التوافق العراقية» ومجلس «صحوة الأنبار»، انتصاراً على رئيس مجلس إنقاذ الأنبار الشيخ حميد الهايس، القيادي في حزب أحمد الجلبي، وردّاً على محاولات شقّ صفوف «التوافق» عن «الصحوة»

أُعلن رسميّاً في محافظة الأنبار أمس تأسيس «هيئة عليا في محافظة الأنبار»، لدعم المؤسّسات الحكومية وسلطة القضاء وتطوير عمل الأجهزة الخدمية وإعادة إعمار المدينة سريعاً.
وبحسب عضو مجلس المحافظة محمد الزوبعي، فإنّ الهيئة تضمّ كلاً من محافظ الأنبار مأمون العلواني (عن الحزب الإسلامي الذي يرأسه نائب الرئيس طارق الهاشمي)، ورئيس حركة «صحوة العراق» الشيخ أحمد أبو ريشة، ورئيس مجلس محافظة الأنبار المهندس عبد السلام العاني، وممثل الأمانة العليا لمجلس المحافظة حميد الشوكة، ورئيس مجلس الأنبار المركزي طارق الحلبوسي، وأمين الهيئة الدكتور رافع العيساوي.
وكان مؤتمر للشيوخ والوجهاء والقادة السياسيين في الأنبار، قد عُقد قبل عيد الأضحى، في العاصمة الأردنيّة عمّان، وتقرّر فيه تأليف الهيئة العليا للمحافظة التي استُبعد منها «رئيس مجلس إنقاذ الأنبار»، الشيخ حميد الهايس، عضو مجلس الصحوة فيها، والقيادي في حزب المؤتمر الوطني العراقي الذي يرأسه أحمد الجلبي، أحد الرموز الذين عُرفوا بالعمل لتسريع احتلال العراق قبل عام 2003.
ورأى مراقبون سياسيّون أنّ تأليف الهيئة المذكورة، وغالبيتها من «جبهة التوافق»، وضع حدّاً للانشقاق في مجلس الصحوة، الذي قاده الشيخ حميد الهايس، رئيس «مجلس إنقاذ الأنبار»، والذي طرح نفسه بديلاً لجبهة التوافق المنسحبة من الحكومة، كما عرض نفسه لتولّي منصب نائب رئيس الوزراء، ليحلّ بدل عضو «التوافق» المنسحب سلام الزوبعي، إضافة إلى مطالبته باستدعاء قوات حكومية للمساعدة على تولّي المهمات الأمنية في المحافظة الغربية، الأمر الذي جوبه برفض شديد من كل الأطراف.
ويأتي تبنّي «التوافق» لمجالس الصحوة، بمثابة ردّ على الاتهامات التي وُجّهت الى رئيس الجبهة عدنان الدليمي أخيراً، واتهام عناصر حمايته وابنه باغتيال أحد عناصر الصحوة. كما يأتي استبعاد الشيخ الهايس من هيئة الإدارة، ليكشف بعض الخفايا عن محاولات الجلبي، للسيطرة على مجالس الصحوة، من خلال القيادي في حزبه الشيخ حميد الهايس، الذي راج أخيراً أنه يقف خلف قضيّة الدليمي.
وكان الجلبي العنصر الفاعل الأول في تأسيس «البيت الشيعي»، الذي نجم عنه تأليف الائتلاف العراقي الموحّد الحاكم في ما بعد.
وكان الشيخ الهايس قد علّق على القرار الأول بتأليف الهيئة، قائلاً إنّ القرار «جاء ضمن صفقة عُقدت في عمّان، ومحاولة لسرقة جهود مجلس إنقاذ الأنبار الذي بذل الجهود من أجل استقرار المحافظة». وأضاف الهايس «إنّ مجلس إنقاذ الأنبار يساند حكومة نوري المالكي، ولا نعرف كيف جرى تأليف هذه الهيئة، إذ لم توجّه أي دعوة إلى مجلس إنقاذ الأنبار، كما أنّ هناك أربعة أطراف من التوافق في مقابل طرف واحد من الصحوة، هو الشيخ أحمد أبو ريشة في الهيئة الجديدة». ومن جهته، أشار عضو الهيئة الشيخ حميد الشوكة إلى أنّه «من بين الأسباب التي دعت إلى تأليف الهيئة العليا للأنبار، القضاء على كل الأصوات والمزاجات التي بدأت ترتفع وتتحدّث باسم الأنبار».
ورأى مراقبون أنّ ردّ الفعل المتشنّج للشيخ الهايس وحزب الجلبي على تأليف الهيئة، يعود إلى دخول «التوافق» بقوّة في تحالف مع «الصحوة»، بعدما كان الهايس يطمح إلى تولّي قيادتها إثر مقتل الشيخ ستار أبو ريشة في نهاية الصيف الماضي، ومن ثمّ تولّي شقيقه أحمد الزعامة، ما يلقي بعض الشكوك على عملية الاغتيال، التي أعقبها اتهام حماية الدليمي بقتل عنصر من «الصحوة»، الذي فُسّر بأنه محاولة لإبعاد «التوافق» عن الساحة السياسية.
يُذكَر أنّ قضية الدليمي سبقتها إثارة قضية ضدّ وزير الثقافة أسعد الهاشمي (التوافق)، واتهامه من جانب النائب مثال الالوسي الداعي إلى صلح مع إسرائيل، بقتل ولديه. وكان الألوسي، الذي يُعدّ الشخص الثاني في حزب الجلبي قبل ظهوره العلني في إسرائيل، قد اتّهم الشيخ مهدي الصميدعي، إمام وخطيب جامع الفردوس ورئيس «الهيئة العليا السلفية للإفتاء»، بحادث القتل. إلّا أنّ إعادة طرح الموضوع وتغيير جهة الاتهام، يوحيان باستمرار الترابط بين الجلبي والألوسي، الذي سبق أن أوضح أن رئيسه الجلبي زار إسرائيل مرات عديدة. ومعروف أنّ الجلبي يمتلك واحدة من أقوى الميليشيات «السرية» في العراق، التي أسّست وتدربت في الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية قبل الغزو، ودخلت الى العراق مع قوات الاحتلال، وتتّخذ من «بستان الجلبي» في منطقة الحرية، جنوبي الكاظمية، مقرّاً رئيسياً لها.