غزة ــ رائد لافي
إسرائيل تدرس إعادة احتلال معبر رفح وشـمال القطاع
تسارعت وتيرة العدوان الإسرائيلي في قطاع غزة خلال الأيام الثلاثة الماضية، التي سقط خلالها 19 شهيداً، وأكثر من مئة جريح، في عمليّات قصف جوي وبري، آخرهم كان مقاومان استشهدا خلال تصديهما لقوات الاحتلال التي توغلت أمس في بلدة بيت حانون، فيما كشفت مصادر عسكرية إسرائيلية عن «أفكار» لإعادة احتلال شمال القطاع لمنع الصواريخ، واحتلال معبر رفح الحدودي لمنع سيطرة حركة «حماس» عليه.
وقتلت قوات الاحتلال المقاومين في كتائب «عز الدين القسام»، الذراع العسكرية لـ«حماس»، محمد عوض الكفارنة (27 عاماً) وقريبه أحمد نصر الكفارنة (25 عاماً)، في عملية التوغل التي جرت تحت غطاء جوّي من الطائرات الحربية، بعد وقت قصير على انسحاب قوات الاحتلال من بلدة بني سهيلا، شرق مدينة خان يونس، جنوب القطاع، وسلسلة الغارات الجوية، التي أسفرت عن استشهاد 9 فلسطينيين بينهم خمسة من عائلة واحدة.
وفي وقت واصلت فيه فصائل المقاومة عمليات إطلاق الصواريخ المحليّة الصنع في تجاه البلدات والأهداف الإسرائيلية رداً على العدوان، كشف موقع صحيفة «معاريف» على الإنترنت، أن قيادة جيش الاحتلال تدرس جدياً توسيع العمليات العسكرية، وإعادة احتلال شمال القطاع كحل مؤقت لمنع إطلاق الصواريخ الفلسطينية، وخصوصاً في أعقاب صاروخ «غراد» الذي ضرب الساحل الشمالي لمدينة عسقلان (المجدل) داخل فلسطين المحتلّة عام 48 (20 كيلومتراً شمال القطاع).
ونقلت «معاريف» عن مصادر عسكرية إسرائيلية، تهديد قادة جيش الاحتلال بالانتقام من حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» و«جني ثمن باهظ منهما»، رداً على صاروخ «غراد» الذي يعدّ سابقة هي الأولى من نوعها «تهدّد حياة 120 ألف إسرائيلي» يقطنون بلدات جنوب فلسطين المحتلة.
وبحسب المصادر ذاتها، فإن «الأفكار» الإسرائيلية ستُعرض على الرئيس الأميركي جورج بوش خلال زيارته للمنطقة في التاسع من الشهر الجاري، وتتضمن إلى جانب احتلال شمال القطاع، إعادة احتلال معبر رفح الحدودي بين القطاع ومصر، وإنشاء قاعدة عسكريّة فيه.
وأوضحت تقارير إسرائيلية أنه بالرغم من الأحاديث المتزايدة عن اعتماد سياسة التحصين في مقابل الصواريخ الفلسطينية، فإن ذلك لا يبدو أنه سيشمل عسقلان بسبب الكلفة العالية والتعقيدات الكثيرة الكامنة في ذلك.
وكشفت تقارير أخرى أن الإسرائيليين يفسرون إطلاق صاروخ «الغراد» بأنه «إشارة إلى ضائقة» تعيشها فصائل المقاومة الفلسطينية، وأن حركة «حماس» تبذل كل جهودها «لتحقيق نجاحات، حتى وإن كانت رمزية، وخاصة أن مدينة عسقلان أُقيمت مكان قرية المجدل الفلسطينية، مع ما ينطوي على ذلك من معان وطنية بالنسبة إلى الشعب الفلسطيني».
كما تقدّر الجهات الإسرائيلية أن «إعلان الجبهة الشعبية ــــــ القيادة العامة مسؤوليتها عن العملية ليس سوى تضليل لأن هناك منظمة أكبر تقف خلف إطلاق الصاروخ، وهي إمّا حماس أو الجهاد الإسلامي، اللتان سبق أن أطلقتا صواريخ غراد الى الأراضي الإسرائيلية».
وتسود تقديرات إسرائيلية بأن «حماس» ترى أنها حتى شهري نيسان وأيار المقبلين ستكون «جاهزة على نحو جيد بما فيه الكفاية للتصدي لهجوم الجيش الإسرائيلي. وحتى ذلك الحين ستستكمل إعداد المتاريس والقوات واستيعاب وسائل القتال الجديدة، وبينها كميات كبيرة من صواريخ القسام التي يصل مداها الى 15 كيلومتراً، وهو ما سيسمح لها بإطلاق صليات كبيرة نحو عسقلان ونحو عشرات البلدات الأخرى داخل إسرائيل».
وفي السياق، حمّل المتحدّث باسم جيش الاحتلال أفيحاي إدرعي، «حماس» المسؤولية الكاملة عن إطلاق الصواريخ المحلية الصنع «العبثية»، وهي الكلمة نفسها التي دأب الرئيس محمود عباس على استخدامها لوصف الصواريخ. وقال إنّ «حماس تحاول أن تغطي فشلها وأخطاءها في قطاع غزة من خلال نقل الصراع من داخل القطاع لإسرائيل». وأضاف «لا نعتقد أن أي فصيل فلسطيني، سواء كان كبيراً أو صغيراً، يطلق الصواريخ من دون إذن» من الحركة، متسائلاً: «ما الفائدة التي جناها الفلسطينيون في غزة منذ بداية إطلاق الصواريخ على إسرائيل عام 2001 حتى اللحظة».
العدوان تواصل في الضفّة الغربيّة، حيث أفادت مصادر طبية فلسطينية عن إصابة فلسطيني بجروح خطيرة برصاص إسرائيلي في نابلس، في إطار العمليّة التي بدأها الاحتلال أوّل من أمس، والتي تُعدّ الأكبر في المدينة منذ بدأت السلطة الفلسطينية في تشرين الثاني الماضي تطبيق خطة تهدف إلى وضع حدّ للفوضى الأمنية.
وفي هذا الإطار، أفادت صحيفة «هآرتس» أنّ الأجهزة الأمنية الفلسطينية ضبطت قبل أسبوع مختبراً لصناعة المتفجّرات يعود لـ«حماس» في نابلس، عُثر فيه على 33 كيلوغراماً من الزئبق لاستخدامه في إعداد العبوات الناسفة.
وقال مسؤول الاستخبارات العامّة الفلسطينية في نابلس، عبد الله كميل، للصحيفة، إنّه خلال العمليات التي قامت بها قوات الأمن الفلسطينية في المدينة كُشف عن «مواد خطيرة جداً»، إلّا أنه رفض الإدلاء للصحيفة بتفاصيل عن هذه المادة. وعلى حد تعبيره، فإنّ السلطة الفلسطينية وأجهزتها نجحت في تدمير البنية التحتية لـ«حماس» في المدينة، وأحبطت عشرات العمليات ضد أهداف إسرائيلية في الأشهر الأخيرة.
إلى ذلك، أعلن ممثل عباس في مصر، نبيل شعث، أنّ الرئيس الفلسطيني سيبحث اليوم في السعودية إمكان توسّطها لاستئناف الحوار مع «حماس». وقال إن «السعودية مهتمة بمواصلة الاتصالات بين حركتي فتح وحماس في إطار تفعيل اتفاق مكة حيث تقوم حالياً بدور وساطة بين الجانبين».