واشنطن ــ محمد سعيد
تمثّل الانتخابات التمهيدية التي تجرى في نيو هامبشر اليوم لاختيار مرشحي الحزبين الأميركيين، الديموقراطي والجمهوري، لخوض انتخابات الرئاسة الأميركية، اختباراً حاسماً للديموقراطية هيلاري كلينتون في مواجهة زميلها باراك أوباما، فيما يبقى الغموض مسيطراً على الجانب الجمهوري.
وقد هرول الفائزون في انتخابات «أيوا» التمهيدية الخميس الماضي إلى نيو هامبشر، لتعزيز انتصارهم، بينما انكبّ منافسوهم على إعادة حساباتهم.
وبعدما عُدّت كلينتون لفترة طويلة في الأوساط الديموقراطية مرشحة لا يمكن قهرها، يتحتم عليها الآن إعطاء دفع جديد لحملتها لتتخطى الفوز الذي حققه أوباما بفارق كبير في أيوا. وأشارت استطلاعات الرأي إلى فوز آخر محتمل لأوباما على سيدة أميركا الأولى السابقة بفارق لا يقل عن عشر نقاط. ويثق أوباما أن انتصاره في نيو هامبشر سيبدد كل الشكوك حول قدرته على الاستمرار والفوز في النهاية بترشيح حزبه.
أما الفائز الجمهوري مايك هاكابي، فيعلم أن نيو هامبشر ليست ملعبه. فقد آثر أن يتجاوزها ليركز على المحطة التالية في ساوث كارولينا، التي ستعقد انتخاباتها التمهيدية في 19 الشهر الجاري، ليترك الساحة في نيو هامبشر لكل من جون ماكاين وميت رومني. وقد فاز رومني في انتخابات ولاية وايومينغ التمهيدية أوّل من أمس.
كذلك أشارت ثلاثة من ستة استطلاعات للرأي، أجريت ابتداءً من أوّل الشهر الجاري حتى يوم أمس، إلى تقدّم الديموقراطي أوباما على منافسيه الثلاثة بنسب 34 و37 و38 في المئة على التوالي، في مقابل 26 و33 و27 في المئة لكلينتون، و20 و23 و19 في المئة لجون إدواردز، و 3 و4 و8 في المئة لبيل ريتشاردسون.
وكشف استطلاع واحد عن تعادل أوباما مع هيلاري بنسبة 33 في المئة من الأصوات، وتقدمها عليه في استطلاعين بنسبة 36 و32 في المئة في مقابل 29 و28 في المئة له.
في المقابل، حصرت الاستطلاعات عينها سباق الجمهوريين في نيو هامبشر بين السناتور المخضرم جون ماكاين وميت رومني، حيث تقدّم الأول في خمسة من هذه الاستطلاعات على رومني.
ولإدراك هيلاري كلينتون أن هزيمة أخرى كفيلة بالقضاء على آمالها في الاستمرار ، فقد بدأت حملتها بهجوم خفي على أوباما عن طريق تسليط طلقاتها على ضآلة خبرته.
أما أوباما فقد لفت نظر المراقبين في تركيزه على تقديم نفسه لا بصفته مرشحاً «أقلوياً» أسود بل ممثّلاً للتيار الرئيسي الأميركي، يتناول قضايا الشعب والوطن. تجدر الإشارة إلى أن ولاية نيو هامبشر هي من الولايات المستقلة التي لا تحسب على أي من الحزبين.
ويسعى جون إدواردز إلى أن يميز نفسه عن أوباما الذي سبقه بتسع نقاط في أيوا، وهيلاري التي لم تفصلها عنه سوى نقطة واحدة، باعتباره ليس مرشح المال (في تلميح إلى هيلاري التي قبلت تبرعات من جماعات المصالح والضغط الخاصة)، أو مرشح الأضواء والشهرة (في تلميح إلى أوباما)، إلاّ أنه مرشح الشعب الذي يتبنى قضايا الطبقة العاملة. قال إنه لن يعيّن أياً من أعضاء مجموعات الضغط (اللوبي) الموالين لحكومات أجنبية في إدارته، إذا انتخب رئيساً للولايات المتحدة هذا العام.
وتطورت الحملة الصاخبة للجمهوريين إلى درجة العداء بين رومني وماكاين؛ ففي الوقت الذي يطلق الأوّل على الثاني أنه «مخلوق من الحزام الأخضر»، وتجسيد لممارسات الساسة في واشنطن، يتهمه ماكاين بالافتقار إلى أي معرفة بالسياسة الخارجية.
وإذا كان ما يميز نيو هامبشر هو استقلاليتها فإن تركيبتها السكانية التي تتميز بخمسة مؤثرات يمكن أن تؤدي دوراً حاسما في نتائج انتخاباتها التمهيدية. وأول هذه المؤثرات أن الانتخابات التمهيدية في نيوهامشر «شبه مفتوحة» أي أنه يمكن للناخبين غير المسجلين في اي من الحزبين المشاركة في الانتخابات التمهيدية لأي منهما.
في هذا الصدد، يخوض أوباما حرباً على جبهتين، إحداهما مع المتنافسين الديموقراطيين لنيل هذه الأصوات الشاردة، والأخرى ضد ماكاين الذي يستهدف هو الآخر هذه الفئة.
والمؤثر الثاني هو من سيحظى بأصوات السود، وما إذا كان هناك رد مضاد من البيض. ويحتاج أوباما إلى نحو ثلثي أصوات السود في أي مكان يذهب إليه. أما المؤثر الثالث، فهو من سيحظى بشعبية أكبر بين الطبقة المتوسطة، إذ تشير الاستطلاعات الحالية إلى ميل الفقراء لتأييد هيلاري، عدا تجمعات السود منهم، بينما يميل الأغنياء قليلاً إلى تأييد أوباما.
والمؤثر الرابع هو ما إذا كان إقبال الشباب من الناخبين سيكون مفاجئاً. أما المؤثر الخامس فهو أين ستذهب أصوات المتنافسين المغمورين؟