تقف جورجيا على حافة اضطرابات داخلية جديدة، بعد إعلان فوز الرئيس الحالي ميخائيل ساكاشفيلي بولاية ثانية في الانتخابات التي جرت مطلع الأسبوع الماضي، الأمر الذي سارعت المعارضة إلى رفضه في ظلّ تناقض المواقف الدولية حول النتيجة بين روسيا والغرب.وأظهرت عملية الفرز الرسمية الجارية أن ساكاشفيلي، الذي دعا إلى إجراء الانتخابات المبكرة بعد تظاهرات عنيفة في تشرين الثاني الماضي، تجاوز بفارق ضئيل حاجز الخمسين في المئة، اللازم لتفادي إجراء جولة ثانية من التصويت. وجاء مرشح المعارضة ليفان جاتشيتشلادزه في المرتبة الثانية بحصوله على 25.38 في المئة.
وكان رئيس لجنة الانتخابات ليفان تارخنيشفيلي قد أعلن، في وقت سابق، أن فوز ساكاشفيلي يعتمد على نتائج «فرز البطاقات في كل مراكز الاقتراع باستثناء 43 مكتباً في العراق وكوسوفو وفي بعض الدول الأجنبية. لقد حصل ساكاشفيلي على 52.8 في المئة من الأصوات».
وقد سارعت المعارضة إلى رفض النتيجة فور الإعلان عنها، ونظمت مسيرة شارك فيها آلاف الأشخاص في وسط تبليسي من أنصار التحالف المكون من تسعة أحزاب معارضة تعهدت بعدم الإقرار بهزيمتها وبتنظيم دورة انتخابية ثانية.
وقال جاتشيتشلادزه، لأنصاره المجتمعين بمناسبة عيد الميلاد في العاصمة الجورجية، إنه يرفض النتائج «المزورة». ودعا إلى تنظيم مزيد من التظاهرات اليوم.
ووعد قادة المعارضة بالتحرك للطعن في نتائج الانتخابات أمام المحاكم «بالطرق الشرعية» و«السياسية» من دون «زعزعة استقرار البلاد».
وأكد زعيم الائتلاف المعارض، غيوركي خاييندرافا، «لسنا بحاجة إلى ثورة جديدة وزعزعة الاستقرار. إن نضالنا من أجل الدفاع عن الديموقراطية وعن انتخابنا، سيكون سلمياً وسياسياً».
كما اتهمت المتحدثة باسم جاتشيتشلادزه، تمارا روكهادزه، اللجنة الانتخابية بأنها «بذلت جهدها لإعطاء ساكاشفيلي أكثر من 50 في المئة»، وانتقدت الإعلان المفاجئ للفوز في وقت متأخر من المساء فيما كانت النتائج تصدر بالتقسيط طوال النهار.
وأكد مراقبو منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، أول من أمس، أن الانتخابات الرئاسية، التي جرت السبت في جورجيا، «صحيحة» واتسمت «بطابع تنافسي» رغم وجود «نواقص». وقال العضو في الكونغرس الأميركي ورئيس بعثة المراقبين، السي هاستينغز، لصحافيين في تبيليسي، إن «الديموقراطية سجلت أمس (السبت) في جورجيا نقطة انتصار». وأضاف «نظراً للمنافسة الواضحة التي توافرت خلال الحملة، أرى في الانتخابات التعبير الصحيح لخيار الشعب الجورجي».
ودعا نائب مساعد وزيرة الخارجية الأميركية وكبير مبعوثي واشنطن إلى المنطقة، ماثيو بريزا، المعارضة لاحترام تقرير مراقبي الانتخابات الغربيين.
من جهتها، انتقدت وزارة الخارجية الروسية العملية الانتخابية وأعلنت في بيان أن «معلومات مصدرها وسائل إعلام ومنظمات غير حكومية وممثلون عن المعارضة وردت وترد باستمرار بشأن ارتكاب السلطة انتهاكات عديدة للقانون الانتخابي». ووصفت الحملة بأنها «يمكن بالكاد وصفها بالحرة والنزيهة»، و«اتّسمت» على حد قولها بـ«ضغوط صريحة على مرشحي المعارضة وبالحد بشكل صارم من إمكان وصولهم إلى الموارد المالية والإعلامية».
وشنّت موسكو، التي تدهورت علاقتها مع جورجيا خلال ولاية ساكاشفيلي الموالي للغرب، هجوماً على تقرير منظمة الأمن والتعاون، قائلة إنه صدر «قبل الأوان» و«يتسم بالسطحية على أقل تقدير ويشوبه الحذر». وختم البيان الروسي «إننا نتابع بانتباه الأحداث في جورجيا».
وكان ساكاشفيلي يعتبر بطل «ثورة الورود» عام 2003، التي نادت بالديموقراطية، وانتخب على أثرها بغالبية 96 في المئة من الأصوات. لكن صورته تضررت بعد قمعه تظاهرات المعارضة وفرض حال الطوارئ خلال تسعة أيام في تشرين الثاني الماضي، ويتهمه معارضوه بالاستبداد وسوء الإدارة الاقتصادية والفساد.
ويدعو الرئيس الجورجي، الذي درس في الولايات المتحدة وأوروبا، إلى ترسيخ بلاده في الغرب أمام استياء موسكو التي تدعم جمهوريتين انفصاليتين في بلاده، هما: أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية.
(د ب أ، أ ف ب، رويترز، ا ب)