باريس ـ بسّام الطيارة
يعقد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي اليوم مؤتمراً صحافياً، هو بمثابة «أوّل لقاء في الإليزيه مع الجسم الصحافي» خارج إطار هيكليّة «التنظيم الإعلامي لماكينته التواصليّة» التي يعترف الجميع بقوّتها، وإن بدأت تظهر بوادر تشير إلى أنها «استنفدت قوّة انطلاقها»، وذلك بالتزامن مع إشارة آخر استطلاعات الرأي إلى أنّ «الإمساك الإعلامي الجيّد» بصورة الرئيس لم يعد قادراً على الحدّ من «تراجع التأييد لسياسة ساركوزي».
ومن هنا، فإنّ المؤتمر الصحافي الذي يُنَظَّم وسيحضره ما يزيد على ٤٥٠ صحافياً معتمَداً في الإليزيه، يأتي في وقت ساركوزي في أشدّ الحاجة إلى «إعادة صلة الربط» بين الرأي العام ومسار سياسته.
ومن المرجَّح أن يحاول الرئيس اليوم قدر المستطاع «إعادة استعمال سحره التواصلي»، الذي أثبت في الماضي أنه بارع في استخدامه لتحويل انتباه الرأي العام «عن نقاط ضعفه»، وجعلهم ينساقون وراء كلماته التي كانت «تصل إلى مشاعرهم متجاوزة عقولهم».
إلّا أنّ تكدّس «سوء التفاهم» بين الرئيس والرأي العام، إضافة إلى تنوّع التباينات التي شوّشت صورته وتراكم نقاط الضعف في برنامجه الإصلاحي، إضافة إلى «عدم تحقيق أيّ تقدّم» على صعيد القدرة الشرائيّة وفي نسب البطالة، تجعل من لقاء اليوم «أحد أهم امتحانات ساركوزي»، في ظلّ استطلاع يشير إلى تراجع نسبة الثقة بعمله سبع نقاط خلال الشهر الأخير، بحسب إحصاء أجرته مؤسّسة «سي إس إي»، لتصبح الثقة بالرئيس ما دون خطّ «الخمسين في المئة»، إذ إنّ فقط ٤٨ في المئة أعلنوا ثقتهم في السياسة التي يقودها، بينما أعطى فقط ٤٢ في المئة ثقتهم في السياسة التي يطبّقها رئيس الحكومة فرانسوا فييون.
من المؤكّد أنّ ساركوزي لن يتحدّث عن «القطيعة والانفتاح على اليسار»، فقد استهلك هذا الحديث «الثوري» ولم يعد يؤثّر على الرأي العام الذي بدأ يتساءل ما إذا كانت متاعبه المعيشية اليومية هي بسبب «عدم انسجام» الفريق الحاكم بسبب هذا الانفتاح الذي مزج «حابل اليمين بنابل اليسار» فأوصل إلى حلول متناقضة لا تؤدي أي مفعول عملي.
ويتّفق المراقبون على أنّ ساركوزي سيتكلّم على الوضع الاقتصادي الذي باتت جميع مؤشراته حمراء في ظلّ ارتفاع سعر اليورو وسعر النفط ومشتقّاته وأسعار المواد الأولية مع ارتفاع حادّ للبطالة، ما ينعكس على «نسبة ثقة المستهلك الفرنسي» المتراجعة بشكل كبير، وهو ما يؤثّر على دوران العجلة الاقتصادية. وحتى الآن لم يرَ المواطن الفرنسي أي بارقة في أفق النفق المعيشي الصعب.
ومن غير المتوقَّع أن يتطرّق ساركوزي إلى متاهات السياسة الخارجية، إذ، ما عدا «الإفراج عن الممرّضات البلغاريات»، لا يوجد أي «نقطة إيجابية يضعها في لوحته التواصلية»؛ فالملفّ اللبناني يعود إلى نقطة الصفر، والنار والحديد في الأراضي المحتلّة غطّيا على «نتائج مؤتمري أنابوليس وباريس». من المؤكّد أنّ سيّد الإليزيه سيترك الأسئلة تأتي إليه ليجيب بتأنٍّ، علّ بعضها يأتيه بنقاط إيجابية، مع توقّع الجميع بأن يكون «اللفّ والدوران» أسلوبه المعتاد للتخلّص من الأسئلة التي لا يريد الإجابة عنها.
السؤال الكبير يبقى: هل يستغلّ ساركوزي مناسبة المؤتمر هذا ليعلن عقد زواجه من عارضة الأزياء صديقته الجديدة كارلا بروني، وخصوصاً أنّ تقارير صحافيّة عديدة رجّحت أن يكون موعد الزفاف الرئاسي في التاسع من شباط المقبل؟