كشف كتاب إسرائيلي جديد بعنوان «خيوط العنكبوت: قصة حرب لبنان الثانية»، سيصدر خلال الأسبوع الجاري في الدولة العبرية، عن أنّ حكومة تل أبيب رفضت اقتراحاً قدّمته الأمم المتحدة في بداية حرب لبنان الثانية لتسليم الجنديّين الإسرائيليين اللذين أسرهما «حزب الله» في 12 تموز 2006، إيهود غولدفاسير وإلداد ريغيف، للحكومة اللبنانية في مقابل وقف إطلاق النار.ونشرت صحيفة «هآرتس» تفاصيل هذه القضية، التي يكشفها الكتاب الذي ألّفه مراسلاها للشؤون العسكرية عاموس هارئيل، وللشؤون الفلسطينية آفي يسسخاروف.
وينقل الكتاب عن إفادات مسؤولين رفيعي المستوى في إسرائيل والأمم المتحدة، كانوا ضالعين في الاتصالات، قولهم إنّ الاتفاق الذي تم طرحه بين 16 و18 تموز 2006 كان يشمل تسليم غولدفاسير وريغيف ليكونا تحت مسؤولية حكومة فؤاد السنيورة، مشيراً إلى أنّه برفضها هذا الاقتراح أهدرت تل أبيب عملياً فرصة لاستيضاح حالة جندييهاويقول الوسطاء من الأمم المتّحدة، بحسب الكتاب، إنّه كان للقيادة الإسرائيلية قسط وافر في إهدار هذه الفرصة التي أدّت إلى تصعيد حدة الحرب مع «حزب الله»، فيما يشير دبلوماسيون من المنظمة الدولية، كانوا ضالعين في الاتصالات غير المباشرة بين إسرائيل و«حزب الله»، إلى أنّ الحزب لم يرفض في حينه الاقتراح.
ويؤكّد ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي، حسبما يوضح الكتاب، أنّه تم طرح هذا الاقتراح على جدول الأعمال في إسرائيل، في الوقت الذي كان فيه «حزب الله» سيوافق عليه، إلّا أنّه عندما حاول مبعوثو الأمم المتحدة دفع الاقتراح قدماً، أوضحت لهم الحكومة الإسرائيلية أنّ الجنديّين الأسيرين «ليسا على رأس سلّم الأولويّات بعد اليوم».
وكان الأمين العام للأمم المتحدة في حينه كوفي أنان، قد قرّر إرسال وفد من الوسطاء إلى الشرق الأوسط غداة اندلاع الحرب، برئاسة الدبلوماسي الهندي فيجي نيمبيار وعضوية المبعوث المسؤول عن تطبيق القرار 1559 تيري رود لارسن ونائب الأمين العام والمبعوث الدائم للشرق الأوسط ألفارو دي سوتو.
ووصل الوفد الأممي يوم السبت في 15 تمّوز إلى محطته الأولى وهي القاهرة، حيث اجتمع في مقر جامعة الدول العربية مع وزراء الخارجية العرب، وحاول بلورة اقتراح يتمّ عرضه على إسرائيل ولبنان بهدف وقف الحرب. وبحسب الكتاب، فإن وزراء خارجيّة مصر والأردن والسعودية دخلوا وخرجوا من قاعة الاجتماع «ورافق دخولهم في كلّ مرة إلى قاعة الاجتماع إطلاقهم شتائم ضد حزب الله، الأمر الذي أدّى إلى إحراج الجالسين في القاعة».
وخلال الاجتماع، تمّ طرح فكرة تسليم الجنديين الإسرائيليين إلى حكومة لبنان، وفي نهاية المباحثات بلور وفد الأمم المتحدة وثيقة غير ملزمة تم فيها استعراض الحلّ للأزمة وفقاً للمبادئ التي ذكرها الدبلوماسي. وفي صباح اليوم التالي، غادر الوفد القاهرة وتوجه إلى قبرص، ومن هناك توجه بمروحية إلى بيروت.
وفي بيروت، أوضح السنيورة للوفد الأممي، بحسب الكتاب، أن الوثيقة ستكون مقبولة فقط إذا شملت بنداً ملزماً أكثر لإسرائيل في ما يتعلق بمزارع شبعا، واستعدادها لوضعها تحت مسؤولية الأمم المتحدة.
وقال أحد الدبلوماسيين الأمميين إنّ «اللبنانيين (أي الحكومة) وافقوا على مبدأ تسليمهم الجنديين، لكنهم أكدوا على أن القرار يستدعي موافقة الأمين العام لحزب الله (السيّد) حسن نصر الله». وهو الموقف نفسه الذي قدّمه الرئيس نبيه بري.
وفي 18 تموز، التقى الوفد الأممي وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني وعرض أمامها الاتفاق. وقال أحد الدبلوماسيين إنّه «عندما سمعت ليفني كلمة شبعا كادت أن تقفز من مكانها. وقالت: إذا كتبت كتب التاريخ أن حزب الله هاجم إسرائيل وخطف جنديين، وفي المقابل حصل على مزارع شبعا فإن كل قوة الردع الإسرائيلية ستتلاشى».
(يو بي آي)