strong>يبدو أن زيارة الرئيس الأميركي جورج بوش إلى المنطقة، قد حملت معها لغة تصعيدية تدخل في صلب الأهداف السياسية التي جاء من أجلها، ألا وهي «محاصرة نفوذ إيران». لغة تصاعدت حدّتها بعد اعتراض زوارق إيرانية لسفن أميركية في مضيق هرمز، قبل أن تتحول إلى «حرب فيديو» بين واشنطن وطهران
عشية انتهاء فترة الترشح للانتخابات النيابية في إيران، دخلت المواجهة بين طهران وواشنطن مرحلة جديدة من عضّ الأصابع، تجلّت من خلال عرض شبكة تلفزيونية أيرانية، أمس، مشاهد مصوّرة للحادث الذي وقع الأحد في مضيق هرمز بين زوارق إيرانية وبوارج أميركية، في محاولة لدحض شريط مشابه بثته القوات الأميركية، التي أشارت فيه إلى أن الإيرانيين هدّدوا البحارة الأميركيين.
وأظهرت المشاهد التي عرضها الحرس الثوري الإيراني على قناة «برس تي في» الناطقة بالإنكليزية، والتقطت من على متن خمسة زوارق سريعة، أحد هذه الزوارق يقترب من ثلاث سفن أميركية. وطلب ضابط إيراني من بارجة أميركية تأكيد رقم تسجيلها، وخاطب ربّانها بالإنكليزية، قائلاً «بارجة الحرب التابعة للتحالف رقم 73، هذه دورية إيرانية». وردّ أميركي «هذه بارجة حربية تابعة للتحالف رقم 73. نحن نتحرك في المياه الدولية».
ويظهر الشريط المصوّر «البارجة الحربية رقم 73» وهي «بورت رويل سي جي 73» وبارجتين أخريين هما «هوبر» و«انغراهم». وأضاف الضابط الإيراني «أطلب منكم تحديد اتجاهكم وسرعتكم».
وسعت إيران عبر شريطها المصوّر هذا إلى تعزيز تصريحاتها السابقة التي قالت فيها إن مراقبة البوارج الأميركية كانت مجرد إجراء شكلي روتيني، وإن الإيرانيين لم تصدر عنهم تهديدات تجاه الأميركيين.
وكانت وكالة أنباء «فارس» قد نقلت عن قائد كبير في الحرس الثوري الإيراني لم تذكر اسمه قوله إن «المشاهد التي بثّتها وزارة الدفاع الأميركية عن الأحداث الأخيرة هي مشاهد أرشيف والحوارات مفبركة».
أما وكيل قائد القوات البحرية للحرس، العميد علي فدوي، فقد رأى أن الضجيج الإعلامي الأميركي حول الحادثة «مزيّف ومصطنع». وأضاف أن «السبب الذي جعل الأميركيين يفتعلون ضجة إعلامية مخالفة لما حصل، هو أن الجهاز الحاكم في أميركا بحاجة خلال زيارة (الرئيس الأميركي جورج) بوش إلى المنطقة، المحكوم عليها سلفاً بالفشل، إلى مثل هذه الأجواء الإعلامية لتحقيق مآرب سياسية خاصة».
وكان الشريط المصوّر الذي أذاعه البنتاغون قد أظهر صوتاً من سفينة أميركية يبلغ أحد الزوارق الإيرانية بأنه «يدخل منطقة خطيرة وربما يتعرض لإجراءات دفاعية». وردّ الزورق الإيراني، حسبما جاء في الشريط، «ستنفجرون بعد ... دقائق».
ووجّه مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض ستيفن هادلي تحذيراً إلى الإيرانيين من الطائرة الرئاسية التي أقلّت بوش إلى إسرائيل، مشيراً إلى أن الحادث «كاد يفضي إلى تبادل إطلاق نار بين قواتنا والقوات الإيرانية». وقال «نعتقد أنه ينبغي القول للإيرانيين إنهم يصطادون في مياه عكرة. هذا استفزاز... وسيتحتم عليهم تحمل مسؤولية العواقب إذا ما تكرر الأمر».
وقدّمت واشنطن شكوى رسمية ضد إيران بسبب الحادث عبر الحكومة السويسرية التي ترعى المصالح الأميركية في طهران، منذ قطع العلاقات بين البلدين منذ الثورة الإسلامية عام 1979.
وحذرت وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» من أنها مستعدة لاستخدام القوة إذا تعرضت البوارج الحربية الأميركية للخطر في المياه الدولية، نافية اتهامات إيرانية مفادها أن الولايات المتحدة فبركت الأدلة التي تكشف ذلك الحادث.
وفي خطوة لتصعيد الضغوط على طهران، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على القائد في قوة القدس الإيرانية التابعة للحرس الثوري، الجنرال أحمد فوروزانده، وعلى ثلاثة عراقيين، هم: مشعان الجبوري وإسماعيل حافظ اللامي وأبو مصطفى الشيباني، الذين يعيشون في المنفى في سوريا وإيران بسبب «تأجيجهم لأعمال العنف» في العراق.
وقالت وزارة الخزانة الأميركية، في بيان، إن فوروزانده «يقود عمليات إرهابية» ضد القوات الأميركية في العراق و«يخطط لاغتيال شخصيات عراقية». كما فرضت عقوبات اقتصادية أيضاً على قناة «الزوراء» التلفزيونية، ومقرّها سوريا، بحجة «تأييد التمرد» في العراق.
في هذا الوقت، يجري المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، محمد البرادعي، في طهران اليوم، مباحثات مع المسؤولين الإيرانيين، بهدف الضغط على طهران من أجل إبداء شفافية كاملة في ما يتعلق بأنشطتها النووية الماضية والحاضرة.
وجاء في بيان لوكالة الطاقة أن البرادعي يأمل خلال محادثات مع زعماء إيرانيين يومي الجمعة والسبت «في تطوير سبل ووسائل تعزيز وتسريع» وتيرة الخطوات لتوضيح نطاق المساعي النووية الإيرانية الماضية والحاضرة.
وذكر مسؤول إيراني أن البرادعي سيجتمع مع الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ووزير الخارجية منوشهر متكي.
في الشأن الداخلي، أعرب المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي، خلال استقباله وفوداً شعبية، عن أسفه «لتصريحات البعض بخصوص مراقبة المخالفات الانتخابية»، مؤكداً أن الانتخابات أقيمت على مدى الأعوام الـ 28 الماضية «بنزاهة تامة». وشدد خامنئي على أن «الانتخابات متعلقة بالشعب والجمهورية الإسلامية والإسلام»، قائلاً إنه «يجب الانتباه كي لا تتحول الانتخابات إلى ألعوبة بيد الأجانب، وعلى المجموعات والأشخاص السياسيين أن يحددوا حدودهم مع العدو لأنه إذا تضاء‌لت هذه الحدود أو شطبت، فإن ثمة احتمالاً أن يجتاز العدو هذه الحدود، أو أن يرتمي بعض الأشخاص، بغفلة، في أحضان العدو».
أما رئيس «لجنة تحالف الإصلاحيين»، عبد الواحد موسوي لاري، فقد رفض من جهته، دعوة مراقبين دوليين لمراقبة الانتخابات التشريعية. وقال إن طرح مثل هذا الأمر يعدّ «إهانة للمجتمع وللمثقفين فيه».
وأعلن وزير الداخلية، مصطفى بورمحمدي، أنه تمّ تسجيل أكثر من ألف مرشح لانتخابات الدورة الثامنة.
(مهر، يو بي آي، أ ف ب، رويترز، إرنا)