حسن شقراني
تقاتل قاطني كوكبنا على موارده ينحو مع الوقت، وكما كان الأمر دائماً عبر التاريخ، باتجاه الصراعات المسلّحة، أكانت عبر السيف أم عبر اليورانيوم المخصّب. والحجّة لدى كلّ طرف، في أيّ حال، ترتكز على حماية الأمن القومي للجماعة، أكان غذائياً أم طاقوياً.
الصراع على الأرض هو من أسس النزاع البشري. قد يرتدي في بعض الأحيان حلّة الميثولوجيا، كما يحدث في القدس المحتلة، وفي أحيان أخرى، الطابع الاقتصادي البحت المرتدي ثوب نشر العقائد السامية في كلّ فترة: الحروب الصليبيّة تحوّلت إلى حروب لنشر الديموقراطيّة، والفتوحات الإسلاميّة أصبحت ردّ فعل إرهابي، ليس التدقيق في مبادئه قائماً فقط على تحليل البنية التحتيّة لـ«مجتمعات التخلّف».
لعلّ العام الماضي، الذي كان مليئاً بـ«التحوّلات» الجيوسياسيّة الدوليّة، هو مجرّد إطار جديد لحلقة إعادة إنتاج النظام الدولي (القائم على أخذ الحقوق بالقوّة من دون أيّ اعتبارات إنسانيّة) بمعايير جديدة، أبرزها، في ما يتعلّق بمنطقتنا، هو أنّ الدولة الأقوى على الكوكب لم تعد تستطيع، بالقوّة، تكريس ما لمصالحها الاستراتيجيّة من مطالب، فحدّدت أولويّاتها، بعيداًَ عن الطموحات النوويّة الإيرانيّة ومعمعة العراق، بإرساء السلام في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة. ومن هنا، تمثّل زيارة الرئيس جورج بوش إلى المنطقة الحدث الأبرز في العام الأخير من ولايتيه، اللتين شهدتا ارتفاع نسبة الكره الدولي للولايات المتّحدة إلى حدودها القصوى، منذ 4 تمّوز عام 1776.
في المقابل، تزداد ترجمة الحقوق التي تكرّسها العقائد الدينيّة، دمويّة. ولدى دمجها بالسياسة تخلق عالم الضباب الإنساني، حيث التفكير بالإنسانيّة مجرّد وهم ملطّخ بما يبقى من تكرير البترول، ومن رفاهيّة يعيشها أيّ قاطن في بلد أوروبي، وهو مهمّش عمّا يدور حوله من تدمير للكوكب، ووعيه لصعوبات تحقيق السلام الكوني لا يتخطّى، في المنطق، تفسير أيّ مدمن في إحدى ضواحي ساو باولو، لعمليّات قتله أبرياء، من خلال مقولة: علينا إطعام العائلة.
للملاحظة، العام الماضي شهد أيضاً ارتفاع أسعار الأراضي على سطح القمر بنسبة 40 في المئة. هذه الأسعار التي تكتسب حيّزاً وهمياً ـــــ حقيقياً منذ إعلان المواطن الأميركي العادي، دينيس هوب، عام 1980، عن حقّه بملكيّة القمر (إلى جانب كواكب أخرى من المجموعة الشمسيّة ما عدا الأرض)، قد تظهر لنا مدى القرف الذي وصل إليه بعض البشر في إطار عبثيّة البحث عن العيش الرغيد، إن من خلال الإسقاطات الموحّدة أو من خلال النظريّات الوضعيّة.
في ظلّ هذه الظروف، يجدر بجميع المؤمنين بقضايا، القادرين على تحقيق تمسّكهم بها (من يحكم العالم بطريقة أو بأخرى) التدقيق بسعر الآكر الواحد على سطح القمر (أصبح 22.4 دولاراً مع بداية العام الجاري) والسعي إلى حجز أماكنهم فوراً... وربّما كان من الأجدى لجورج بوش التوجّه إلى ريو فيستا في كاليفورنيا، حيث «سفارة القمر»، بدلاً من المجيء إلى الشرق الأوسط و«دعم الحلفاء».