برلين ــ غسان أبو حمد
تركيز حزب ميركل علـى جرائم «الأحداث» يثير خلافاً مـع شريكه «الاشتراكي»

يعدّ اختيار الحزب المسيحي الديموقراطي لقضية «جرائم الأحداث» موضوعاً للانتخابات التي ستجرى في ثلاث مقاطعات ألمانية، بمثابة أول إسفين يدقّ في جبهة التحالف الثنائي الحاكم المؤلف من أكبر حزبين في البلاد (الاجتماعي المسيحي والاشتراكي الديموقراطي)، وخصوصاً بعد التركيز المستمر والمدروس على مخالفات الشباب الأجنبي في ألمانيا والمطالبة بتشديد العقوبات عليهم، وصولاً إلى المطالبة بحصرهم في معتقلات خاصة.
أما بالنسبة إلى الأجانب الذين يدانون بجرائم تكون عقوبتها عاماً أو أكثر، فهم يعرضون أنفسهم لخطر الترحيل، وفقاً للمقترحات الجديدة، التي تسعى أيضاً إلى تقديم مفهوم «معسكرات التأهيل» حيث يمكن إرسال المجرمين الصغار لإعادة تعليمهم.
وكان استطلاع للرأي، أجري أخيراً في ألمانيا، قد كشف عن أن حزب الاتحاد المسيحي الديموقراطي، الذي تتزعمه المستشارة أنجيلا ميركل، مهدد بخسارة كبيرة خلال الانتخابات المقبلة، وتحديداً في مقاطعات هامبورغ وهيسن وسكسونيا السفلى وبافاريا. وتبين من خلال الاستطلاع، الذي أجراه معهد «امنيد» المتخصص، أن هذه الخسارة للطرف الأكبر في جبهة التحالف الحكومي الحالي في ألمانيا، ستكون لمصلحة «حزب اليسار الجديد» وأن كلاً من رئيس وزراء ولاية هيسن، رولاند كوخ، وعمدة هامبورغ، أوليه فون بويست، مهددان بفقدان غالبيتهم المطلقة في البرلمان.
وترافقت الحملة الانتخابية، التي يقودها كوخ (اجتماعي مسيحي) في وجه منافسه نائب رئيس الحزب الاشتراكي الديموقراطي هوبرت هايل، مع دخول الإعلام والأحزاب والجمعيات الدينية على خطّ المواجهة لتزيد في تأجيج الخلاف داخل جبهة التحالف الحاكم وتهدد بتصدّعه وتفكّكه، بعد سنوات «العسل» الطويلة بين أكبر حزبين في البلاد، والتي فرضتها متاعب إعادة «توحيد ألمانيا» والنهوض باقتصادها واستعادة موقعها السياسي المتقدّم.
ويتهم الحزب الاشتراكي الديموقراطي حليفه الاجتماعي المسيحي، باستغلال حادث اعتداء شابين من أصول أجنبية على أحد المسنّين في قطار في مترو أنفاق مدينة ميونيخ قبيل احتفالات أعياد الميلاد لمواجهة تراجع شعبيته.
إلى ذلك، دخلت الحملات الإعلامية على خط المواجهة، فنقل الموقع الإلكتروني لصحيفة «هاندلسبلات» عن رئيس ولاية بافاريا بيك شتاين (الحزب المسيحي الاجتماعي)، قوله «يجب علينا استغلال كل فرصة للقيام بإبعاد المتورطين الأجانب في مثل هذه الاعتداءات وبأقصى سرعة ممكنة». كما وجه في الوقت نفسه انتقادات إلى سياسة الاندماج التي «فشلت في الحد من مظاهر العنف التي يقوم بها الأحداث الأجانب». أما مجلة «درشبيغل» فقد حملت على غلافها صورة «تعبيرية» عن جرائم الأحداث، واصفة إياهم بأنهم «أخطر كائنات العالم».
وما زاد في صعوبة المواجهة الانتخابية المقبلة، هو إعلان الحزب الوطني اليميني (توجّه نازي) تأييده لمرشح الحزب المسيحي الاجتماعي، ومطالبته بتشديد العقوبات على الشباب الأجنبي. ودعا رئيس الحزب الوطني اليميني، أودو فوخت، في ندوة في برلين، إلى تأييد المرشح رولاند كوخ، لالتزامه «بقضايا مركزية من مطالب الحزب الوطني».
وفي مواجهة هذا التأييد غير المتوقع من قبل الحزب الوطني (النازي) لمرشح الحزب المسيحي الاجتماعي، طالب سكرتير المجلس المركزي لليهود في ألمانيا ستيفان كرامر بعدم تأييد كوخ ووضعه في مصاف «النازيين»، ما دفع بقيادة الحزب المسيحي الاجتماعي إلى شجب هذه التهمة ووصفها بالمبالغة الهادفة إلى إبعاد مرشح المسيحيين الاجتماعيين عن سدة الحكم في مقاطعة «هيسن».