strong>دشّن الرئيس الأميركي جورج بوش، أمس، زيارته إلى السعودية بـ«خبر سار»، تمثّل في إبلاغ إدارته الكونغرس بنية واشنطن إبرام صفقة أسلحة مع الرياض ودول الخليج بقيمة 20 مليار دولار، الأمر الذي قد يسهّل مفاوضات سيد البيت الأبيض في العاصمة السعودية، ولا سيما أنه من المرتقب أن يركّز على «الخطر الإيراني»، بعد الحملة التي أطلقها ضدّ طهران من الإمارات
أجرت الرياض، أمس، مراسم احتفالية لاستقبال الرئيس الأميركي جورج بوش، شارك فيها خيالة يحملون العلمين السعودي والأميركي، فيما كان الملك السعودي عبد الله في مقدمة مستقبلي الضيف الأميركي في مطار الرياض، ورافقه إلى قصر الضيافة.
وخلال زيارته التي تستمر أقل من 48 ساعة، سيركز بوش على ضرورة مواجهة «التهديد الإيراني» ودعم جهوده للتوصل إلى حل للصراع الفلسطيني ـــــ الإسرائيلي قبل نهاية 2008. وفي بداية الزيارة، أعلن مستشاره للأمن القومي، ستيفن هادلي، أن إدارته أبلغت الكونغرس رسمياً أمس بأنها تنوي بيع أسلحة وتجهيزات عسكرية بقيمة عشرين مليار دولار إلى مختلف دول الخليج، والقسم الأكبر منها للسعودية.
وكانت الإدارة قد كشفت عن هذا المشروع في عام 2007. ولم ينف مسؤول أميركي أن يكون قد جرى ترتيب توقيت الإعلان عن إبلاغ الكونغرس ليتزامن مع وصول بوش إلى الرياض.
وقال هادلي، رداً على سؤال عن رد فعل زعماء الإمارات على مطالب بوش في شأن إيران، «اتفق الجميع على أنها مشكلة صعبة تنبغي معالجتها. وفي هذه المرحلة (ينبغي أن) تتابع عبر السبل الدبلوماسية».
وفي تفسير للتقارب السعودي ـــــ الإيراني، ولا سيما زيارة الرئيس محمود أحمدي نجاد إلى مكة للحج، قال مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأميركية: «قيل لنا إن أحمدي نجاد ـــــ مثلما يفعل من حين لآخر ـــــ دعا نفسه. ومن ثم إذا طلب أحد أن يأتي، فالسعودية ترى أنه من الصعب جداً بالنسبة إليها، كراعية للحرمين الشريفين، أن تقول لا».
ومن المحتمل أن يبحث بوش مع الملك عبد الله مسألة أسعار النفط التي قاربت المئة دولار للبرميل، ما يزيد من الضغوط على الاقتصاد الأميركي المهدد بالانكماش. وقال هادلي، رداً على سؤال في هذا الصدد في الطائرة التي أقلّت بوش إلى السعودية، «سوف نرى». وبالتزامن مع بدء زيارة الرياض، طالب عدد من أعضاء مجلس الشورى والأكاديميين والمثقفين في السعودية أن تعمل الإدارة الأميركية على نزع السلاح النووي من كل دول المنطقة، بما في ذلك إسرائيل.
ورفض هؤلاء، في استطلاع أجرته معهم صحيفة «البلاد» السعودية، التهديد الأميركي بشن حرب على إيران، وأكدوا أن قضية فلسطين هي أساس الصراع في منطقة الشرق الأوسط. كما طالبوا الرئيس الأميركي برد الاعتبار للمواطنين السعوديين في الولايات المتحدة.
ورفض المشاركون في الاستطلاع أي إملاءات عليهم من الخارج، مؤكدين أنهم يمضون مع الحكومة في الإصلاحات التي تسير جيداً.
ومن المقرّر أن يغادر بوش السعودية غداً الأربعاء متوجهاً إلى مصر، التي ستكون المحطة الأخيرة لجولته الشرق أوسطية الأولى. واستبق ناشطون مصريون زيارة الرئيس الأميركي بتظاهرات تندد بسياسته. وأحاطت شرطة مكافحة الشغب، المدججة بالأسلحة، بنحو 150 متظاهراً، كانت غالبيتهم من الصحافيين والناشطين، عند مبنى نقابة الصحافيين المصريين في وسط القاهرة.
وأحرق المتظاهرون صوراً للرئيس الأميركي، وحملوا لافتات عليها عبارات «شعب مصر يرفض زيارتك يا بوش»، و«نرفض زيارة مجرم الحرب وسفّاك الدماء بوش»، و«لا تستقبلوا بوش بالأحضان.. بل باللعنات».
وكان بوش قد أنهى أمس زيارته إلى الإمارت بجولة في إمارة دبي، حيث زار فندق برج العرب، واستضافه حاكم دبي ونائب الرئيس محمد بن راشد آل مكتوم في منزل جده، حيث استُقبل من جانب فرقة الحربية للفنون الشعبية، وشاركها الرئيس الأميركي رقصاتها وأهازيجها الشعبية. وقال بوش: «أنا متأثر للغاية بما رأيته هنا. روح تنظيم العمل قوية، وما يعادلها في الأهمية الرغبة في التأكد من أن كل جوانب المجتمع تتحلى بالأمل».
وبدت دبي، المليئة عادة بالحياة والحركة، أمس، أشبه بمدينة أشباح، مع التدابير الأمنية المشددة التي فرضتها السلطات خلال زيارة الرئيس الأميركي. وقد أعلنت السلطات في الإمارة الاثنين يوم عطلة رسمية نظراً إلى إغلاق جميع الأنفاق والطرقات الرئيسية تقريباً في المدينة. وطالبت السكان بعدم التحرك في المدينة يوم الاثنين إلا عند الضرورة.
وفي ردّ على الحملة الأميركية على طهران، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، محمد علي حسيني، أن تصريحات بوش «تكشف عن يأسه وشعوره بالفشل» في الأشهر الباقية من فترة رئاسته.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «إرنا» عن حسيني تشديده على أن «بوش فشل في الحصول على موافقة الدول الإسلامية والعربية في المنطقة لدعم الكيان الصهيوني (إسرائيل)، لذا اتجه مرة أخرى إلى تحميل فشله للآخرين». وأضاف حسيني أن «السيد بوش يحاول، في الأيام الأخيرة من رئاسته، إخفاء ملفه الفاشل الناجم عن أداء إدارته خلال السنوات السبع الماضية. هذه الإدارة التي تألّفت في ظل إطلاق شعارات الدعوة إلى الحرب والاحتلال ونشر الإرهاب والتهديد وانعدام الأمن على الصعيد العالمي». ورأى أن «الحكومة الأميركية سعت دوماً إلى مواصلة تدخلها الشيطاني في المنطقة من خلال إثارة الخوف والرعب المزعوم بين دول المنطقة، وذلك لحفظ وجود قواتها في الخليج».
وفي السياق، قال عضو هيئة الرئاسة في مجلس الشورى الإسلامي، حميد رضا حاجي بابائي، إن زيارة الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط «لا يمكن أن تؤثر سلباً على علاقات وتعاون إيران مع دول المنطقة». وأضاف أن «أميركا تسعى إلى بيع أسلحتها للدول العربية».
(أ ب، أ ف ب، يو بي آي، رويترز)