وصل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى الدوحة أمس، في زيارة تستمر يومين، تندرج في إطار جولة خليجية بدأها في السعودية، ومن المتوقع أن ينهيها في الإمارات، وتركّز على توقيع اتفاقات تجاريّة ونوويّة، وعلى تمتين علاقة الإليزيه بالدول الثلاث من خلال «مضمون سياسي قوي».في الرياض، عرض ساركوزي على السلطات المساعدة في تطوير طاقة نووية سلمية. وقال مصدر مرافق لساركوزي، لوكالة «رويترز»، إنّه «في شأن نقل التكنولوجيا، ناقش الرئيس قضية الاستخدامات المدنية للطاقة النووية» مع الملك عبد الله. وأوضح أنّ فريقاً يستعدّ لزيارة المملكة خلال الأسابيع المقبلة «لدراسة الإمكانات» في هذا المجال.
وشملت الاتفاقات التي وقعتها فرنسا والسعودية مساء أوّل من أمس، قطاعات النفط والغاز والتعدين، فضلاً عن التعليم وبرامج التدريب الإداري. ولم يُكشَف عن قيمة هذه العقود، فيما أبلغ ساركوزي الصحافيين أنّه يأمل أن تثمر جولته في الخليج صفقات تبلغ قيمتها نحو 40 مليار يورو.
وفي ما يتعلق بالسعودية بالتحديد، تحدّث المسؤولون الفرنسيّون عن أنّ الزيارة يمكن أن تؤدّي إلى عقود في مجال النقل تصل قيمتها إلى 10 مليارت يورو، غالبيّتها تخصّ قطارات عالية السرعة وعقود في مجال الطيران تصل قيمتها إلى 1.5 مليار يورو وطلبيات لمشاريع المياه والكهرباء تصل قيمتها إلى 6 مليارات يورو. وتابعوا أنّه علاوة على ذلك يمكن أن تؤدّي مبيعات الأسلحة ومعدّات الدفاع إلى عقود قيمتها 12 مليار يورو. ويمكن أن تفيد المشروعات التي ستتمخّض عنها الاتفاقات شركات مثل «ألستوم» و«بوينغ» و«فينسي» و«فيوليا» و«أكور» و«كارفور» و«يوروكوبتر» و«داسو» للطيران.
«المساعدات النوويّة» ستمتدّ إلى الإمارات اليوم، حيث سيوقع سيّد الإليزيه، اتفاق تعاون نووي. وقال مصدر مقرّب من الصفقة، لـ«رويترز»، إنّه إذا قُبل العرض، فستقام محطة كهرباء تعمل بالطاقة النووية في أبو ظبي وتبدأ الإنتاج بحلول عام 2016، وهو تاريخ «يبدو منطقياً تماماً إذا اخذنا في الاعتبار دراسات الجدوى وإصدار التراخيص التي ستستغرق ثلاث سنوات بالإضافة إلى خمس سنوات للإنشاءات». كما أكّدت شركة «توتال» الفرنسية أنّها ستبني مفاعلين نوويّين من الجيل الثالث في الإمارات بالتعاون مع «سويز» شريكاً أساسياً وشركة إنتاج المفاعلات النووية المملوكة للدولة، «أريفا».
ويأتي إبرام هذه العقود الضخمة، بعد فشل الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك، خلال زيارة إلى الرياض عام 2006، في تحقيق آمال مماثلة.
وكان لافتاً تحاشي ساركوزي التطرّق إلى الانتقادات الموجّهة إلى النظام السعودي، في إطار احترام حقوق الإنسان، وشدّد، في كلمة أمام مجلس الشورى السعودي، على أنّ «فرنسا تريد أن تكون دولة صديقة للسعودية، لا تسعى لإعطاء الدروس، بل تقول الحقيقة. صديق لا يطلب شيئاً، لكنه يكون موجوداً عند الحاجة».
وفي ما يتعلّق بالنفط، الذي تُعَدُّ السعوديّة المصدّر الأوّل له في العالم، انتقد الرئيس الفرنسي وصول سعره إلى 100 دولار. وقال، في تصريح صحافي، إنّ السعر ينبغي أن يكون 70 دولاراً للبرميل، موضحاً أنّه «عندما يرتفع سعر النفط إلى 3 أمثاله في 4 سنوات ليصل أخيراً إلى 100 دولار، فإنني أشعر بالقلق من الطبيعة المفاجئة لهذه الزيادات التي تؤثر بشكل مباشر على النمو والقوة الشرائية، ليس فقط في فرنسا وأوروبا، بل أيضاً في عدد من الدول الفقيرة التي لا تملك نفطاً».
على صعيد آخر، عبّرت باريس عن «قلقها الشديد» إزاء قمع المدافعين عن حقوق الإنسان في سوريا، ولا سيّما اعتقال ناشطين من المعارضة موقِّعين على «إعلان دمشق». وقالت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية، باسكال أندرياني، رداً على أسئلة الصحافة: «كما فعل الاتحاد الأوروبي في بيانه الصادر في 31 كانون الأوّل الماضي، نحن ندعو إلى الإفراج عنهم ونطالب سوريا بضمان احترام حرية التعبير بموجب التزاماتها الدولية».
واعتقل 9 أعضاء من المعارضة السورية موقعين على «إعلان دمشق»، الذي يضم أحزاباً شيوعية وقومية وليبرالية وكردية ويدعو إلى «تغيير ديموقراطي جذري».
إلى ذلك، كشفت صحيفة «لوموند» الفرنسية أمس عن أنّ فرنسا وإمارة أبوظبي الإماراتيّة ستوقّعان اتفاقاً يمنح فرنسا قاعدة بحريّة دائمة في الإمارة. وأشارت الصحيفة إلى أن من المقرَّر أن يُوَقَّع الاتفاق خلال زيارة ساركوزي إلى الإمارات التي يصلها اليوم، بينما امتنعت وزارة الدفاع الفرنسية عن التعليق على التقرير.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)