strong>الرئيس الأميركي يشدّد على حلّ الملف الإيراني«دبلوماسياً» ويحذّر طهران من «الاستفزاز»

هيمنت أسعار النفط على اليوم الثاني من زيارة الرئيس الأميركي جورج بوش للسعودية، من دون غياب الملفات الأخرى، وفي مقدمتها البرنامج النووي الإيراني، الذي سعى الرئيس الزائر إلى احتواء المخاوف الخليجية من عملية عسكرية أميركية ضد طهران، مشيراً إلى أن بلاده تسعى إلى حل الأزمة «بالطرق الدبلوماسية». إلا أنه في الوقت نفسه حذّر إيران من «خطوات استفزازية».
وبدا أن الرياض في طريق تلبية مطلب الرئيس الأميركي بالنسبة إلى زيادة الإنتاج النفطي، إذ أعلن وزير النفط السعودي، علي النعيمي، أن بلاده «يمكن أن تتدخل في زيادة الإنتاج إذا تطلّب السوق ذلك»، مشيراً إلى أن لدى المملكة احتياطياً يبلغ مليوني برميل يومياً. وقال، في مؤتمر صحافي، إن «السعودية لديها طاقة احتياطية يمكن استخدامها لاحقاً». وأضاف أن المملكة «ستقوم بمعالجة الأمر» أي زيادة الإنتاج «وأنها تعمل بجد لضمان توازن سوق النفط وكفاية المعروض فيها».
وأضاف النعيمي «أن المملكة ستنفق 90 مليار دولار على زيادة طاقة إنتاج النفط والغاز والبتروكيميائيات خلال السنوات الخمس المقبلة»، مشدداً على أنه يشعر بالقلق لانخفاض مخزونات النفط العالمية. لكنه أضاف أنه يتوقع أن تستقر المخزونات على متوسطها المرتفع لخمس سنوات خلال الربع الثاني من العام الجاري.
ورداً على سؤال عما إذا كانت منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» ستعمد إلى رفع سقف إنتاجها خلال اجتماعها الوزاري المقبل في الأول من شباط، قال النعيمي إن المنظمة «ستبحث طبعاً في جميع المعطيات المتوافرة، إضافة إلى مستوى الطلب المتوقع وستأخذ قراراً في ضوء ذلك».
وكان بوش قد قال، خلال لقائه مستثمرين سعوديين أمس، إنه «أثار مخاوفه بشكل مباشر مع الملك عبد الله بشأن ارتفاع أسعار النفط». وأضاف أن «ارتفاع أسعار الطاقة يمكن أن يؤثر على النمو الاقتصادي لأنه ضار بمستهلكينا. يمكن أن يدفع الاقتصاد الأميركي نحو التباطؤ».
وأشار بوش إلى أنه «يأمل أن تتفهم منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، عندما تبحث في مستويات الإنتاج المختلفة، أنه عندما يعاني أحد أكبر المستهلكين، فإن ذلك يعني مستوى أقل من الشراء، ومبيعات أقل من النفط والغاز».
وكرر بوش تهديده بأنه ستكون هناك عواقب وخيمة إذا واجهت السفن الإيرانية السفن الحربية الأميركية في الخليج في أعقاب حادث وقع في السادس من كانون الثاني في مضيق هرمز. لكنه قال إنه أبلغ زعماء الدول الخليجية العربية، أثناء جولته في المنطقة، إنه يريد حل الأزمة بشأن برنامج إيران النووي «دبلوماسياً». وأضاف: «إذا ضربوا سفننا، فسنحمّل إيران المسؤولية. من الأفضل أن يتوخوا الحذر وألا يأتوا بفعل استفزازي».
وكان بوش والملك عبد الله قد عقدا أول من أمس جولة أولى من المباحثات الرسمية تطرقت إلى مختلف ملفات المنطقة، ومنها إيران. وقال مصدر سعودي مسؤول إن المحادثات تركزت على مواضيع عديدة، أبرزها القضية الفلسطينية والأوضاع في العراق ولبنان والملف النووي الإيراني، إضافة إلى العلاقات الثنائية بين البلدين.
وأشار المصدر، لوكالة «يونايتد برس إنترناشونال»، إلى أن الملك السعودي شدد أمام الرئيس الأميركي على «ضرورة قيام الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية قبيل نهاية العام الجاري». وأضاف أن بوش طالب الملك عبد الله بدعم جهوده لإحياء العملية السلمية في الشرق الأوسط، وأن يقدم الدعم للرئيس الفلسطيني محمود عباس في مفاوضاته مع الإسرائيليين.
وأشار المصدر نفسه إلى أن الجانبين تطرقا إلى «الملف النووي الإيراني»، مضيفاً أن الملك عبد الله شدد على ضرورة أن «يحل الملف النووي الإيراني دبلوماسياً».
كما تطرق الجانبان، السعودي والأميركي، إلى ملف المعتقلين السعوديين في معتقل غوانتانامو، البالغ عددهم 13 شخصاً، إضافة إلى السعودي المعتقل في واشنطن حميدان التركي. كما بحثا في «مسألة أسعار النفط التي قاربت المئة دولار للبرميل»، إلا أن المصدر لم يكشف عما آلت إليه النتائج.
وفي ختام زيارته للسعودية، استضاف الملك عبد الله بوش في مزرعته الخاصة في الجنادرية بالقرب من الرياض، وذلك رداً على استقبال سيد البيت الأبيض للملك السعودي مرتين في مزرعته في تكساس عندما كان ولياً للعهد.
واطلع بوش على المكان الذي يفضل الملك عبد الله إمضاء إجازاته فيه، حيث يملك أكبر مجموعة من الخيول العربية المؤصلة في العالم على الأرجح. وتحوي المزرعة، التي تبعد 45 كيلومتراً جنوبي شرقي الرياض، 150 حصاناً زرعت في كل منها صفيحة إلكترونية صغيرة تحوي معلومات عن أصله وسجله الصحي.
في هذا الوقت، كررت طهران أمس الرد على خطاب الرئيس الأميركي في الإمارات الأحد الماضي. وقال المتحدث باسم الحكومة، غلام حسين إلهام: «إن الذين ينالون الدعم الأميركي في إيران لا مكانة لهم بين أبناء الشعب، وإن ذلك سيجلب لهم الخزي والفضيحة». وقال: «إن أميركا لو كانت صديقة لهذه التيارات والمجموعات حقاً، لكان عليها عدم إظهار هذه الصداقة وألا تجلب هذه الفضيحة لبعض أصدقائها».
وقال إلهام إنه «كان من الأفضل أن يقدم بوش خلال زيارته إلى المنطقة اعتذاره بسبب الخسائر التي سببتها سياساته المتغطرسة في المنطقة وأن يسحب قواته منها». وأضاف: «كان عليه (بوش) أن يقدم اعتذاره لقتل الفلسطينيين إثر دعمه للكيان الصهيوني (إسرائيل)، وأن يترك الفرصة إلى خلفائه للتعويض عن سياساته الخاطئة». ورأى أن «الإصرار على السياسات الخاطئة» في المنطقة «لن تكون له نتائج سوى زيادة مقاومة أبناء المنطقة، وهذا أمر طبيعي».
ودعا إلهام أميركا إلى أن «تكف عن دعم الإرهاب والكيان المحتل للقدس الذي يُعَدّ رمزاً بارزاً للإرهاب في المنطقة، لأن دعم الأساليب المتغطرسة للكيان الصهيوني يظهر انتهاك القوانين الدولية». وقال: «من المؤكد أن المسؤولين الأميركيين، والذين لهم تأثير على سياسة هذا البلد سيدركون، أن عهد هذه السياسة الخاطئة قد ولّى ويجب الاعتراف بعدالة ومساواة حقوق أبناء المنطقة».
(أ ب، أ ف ب، يو بي آي، رويترز)