في ما يشير إلى مقدّمات «خلاف دستوري» بين الحكومة وولي العهد البحريني الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، انتقد الأخير أمس «عدم الانسجام والتعاون» بين مجلس التنمية الاقتصادية، الذي يرأسه، وبعض الأجهزة الحكومية التي اتهمها بعرقلة عمل المجلس.وبعث ولي العهد رسالة إلى والده ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة ونشرتها الصحف البحرينية أمس، انتقد فيها التضارب في الصلاحيات بين المجلس وبعض الأجهزة الحكومية. وكان ولي العهد قد أعلن، في اجتماع لمجلس التنمية أول من أمس، أن «استمرار عدم الانسجام والتعاون أضحى، غير مقبول»، و«يتعارض مع المشروع الإصلاحي للملك، والمصالح العليا والأهداف الوطنية للمملكة وشعبها»، مشيراً إلى أن سياسات بعض الأجهزة الحكومية تعرقل جهود المجلس. وفي ردٍّ على رسالة ولي العهد، أعلن ملك البحرين عزمه على اتخاذ اللازم لتحقيق وحدة القرار الاقتصادي، وحث الأجهزة الحكومية المعنية على تجاوز التأجيل والتباطؤ والانصياع لتوجيهات ولي العهد، قائلاً، في رسالة نشرتها الصحف أيضاً، «نحن عازمون على النظر في إيجاد الأداة القانونية المناسبة واللازمة لتحقيق وحدة القرار الاقتصادي».
ويُرجّح أن تكون رسالة ولي العهد إلى الملك راجعة إلى أسباب تتعلّق بتعطيل المشروعات التي يحيلها مجلس التنمية الاقتصادية إلى الحكومة. وأفاد مسؤول بحريني، رفض الإفصاح عن هويته، أن «هناك عدداً من المشاريع التي قدّمها المجلس لكنها لم تطبّق حتى الآن أو تم تأجيلها أو التباطؤ في تنفيذها، وخصوصاً مشروع إصلاح سوق العمل»، موضحاً أن «قرارات ستصدر الأسبوع المقبل عن ملك البحرين لتأكيد التزام الحكومة قرارات مجلس التنمية الاقتصادية وفق ما ينص عليه قانون إنشاء المجلس».
وفي أول ردّ فعل من جانب الحكومة، أفادت وكالة أنباء البحرين أن رئيس مجلس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة أصدر أوامره إلى اللجنة الوزارية للشؤون المالية والاقتصادية كي تجري البحث من أجل التعرّف على «مواطن التأخير فى تنفيذ برامج الحكومة المعدّة بناءً على توصيات مجلس التنمية الاقتصادية والوقوف على مسبّبات أي تأخير إن وُجد وتحديد الجهات المسؤولة». وانتقل صدى هذا الخلاف إلى التيارات السياسية، حيث رأت جمعية الوفاق الوطني الإسلامية (التيار الرئيسي وسط الشيعة)، التي تسيطر على 17 مقعداً في مجلس النوّاب، أن الحكومة الحالية غير متعاونة مع السلطة التشريعية والقوى الوطنية الفاعلة، واصفة إيّاها بأنّها «مقصّرة وغير قادرة على مسايرة خط الإصلاح وتقف ضدّ مشاريع الإصلاح ومحاربة الفساد المالي والإداري».
ويقول مراقبون إن استقلالية مجلس التنمية الاقتصادية وفق المرسوم الرقم 31 الصادر عام 2005، أفرزت وضعاً استثنائياً وكأنّ هناك حكومتين، الأولى مسؤولة عن الملف الاقتصادي والثانية عن كل المسائل الأخرى، بعدما نقل المرسوم المذكور صلاحيات التخطيط الاقتصادي من الحكومة إلى مجلس التنمية الاقتصادية، لكنها بقيت ملزمة تنفيذ قرارت مجلس التنمية، ما خلق إشكالية دستورية. وأُُنشىء مجلس التنمية الاقتصادية عام 2000 ومُنح استقلالية، إضافة إلى صلاحيات التخطيط الاقتصادي والاستراتيجي.
(أ ف ب، بنا)