غزة ــ رائد لافي
الزهّار ينعى نجله و«حماس» تعلن الحداد وتستنكر التفاوض وعباس يدين ويرى فرصة للسلام

استيقظ قطاع غزة أمس على مجزرة إسرائيلية، هي الأكثر دموية منذ فترة طويلة، سقط خلالها 20 شهيداً وأكثر من 50 جريحاً، وربطتها فصائل المقاومة بزيارة الرئيس الأميركي جورج بوش إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية، متوعدة بالرد عليها، فيما دانها الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي لا يزال يرى أن هناك فرصة للسلام.
واغتالت قوات الاحتلال 18 فلسطينياً، جلّهم من مقاومي كتائب «عز الدين القسام»، الذراع العسكرية لحركة «حماس»، بينهم حسام الزهار، نجل القيادي في الحركة محمود الزهار، في عمليات قصف جوي ومدفعي تزامنت مع توغل بري في حي الزيتون في مدينة غزة. وحولت الصواريخ وقذائف المدفعية أجساد الشهداء إلى أشلاء ممزقة ومحترقة، بينما يعاني نحو 20 جريحاً من حال الخطر الشديد، بحسب مصادر طبية فلسطينية.
واستهلت قوات الاحتلال الإسرائيلي مجزرتها بقصف من الطيران الحربي والمدفعية استهدف مجموعات من المرابطين والمقاومين من «كتائب القسام»، بالتزامن مع تقدم قوات برية تساندها الدبابات والآليات العسكرية لمئات الأمتار في حي الزيتون، جنوب شرقي مدينة غزة.
ونعت كتائب القسام 14 شهيداً من مقاوميها سقطوا خلال المجزرة، وهم: حسام محمود الزهار (22 عاماً)، ورامي طلال فرحات (24 عاماً)، وعاهد سعد الله عاشور (24 عاماً)، ومروان سمير عودة (23 عاماً)، ومحمود عطا أبو لبن (22 عاماً)، وسليم عبد الحق المدلل (22 عاماً)، وعبد الله الحاج سالم (23 عاماً)، وأحمد نصر العتال (20 عاماً)، ومحمود صبري هنا (20 عاماً)، ومصطفى يحيى سلمي (19 عاماً)، ومصعب سليم سلمي (18 عاماً)، وصخر زويد (20 عاماً)، ومحمد حجي (21 عاماً)، وخميس الصواوين.
كما استشهد أربعة مدنيين، بينهم مسنّان، جراء شدة القصف وكثافة إطلاق النار، وهم: عبد السلام أبو لبن وأيمن فضل ملكة، وأسعد طافش (65 عاماً) وسعيد مصطفى السموني (61 عاماً).
وقالت مصادر محلية وشهود إن جنود الاحتلال الإسرائيلي اقتحموا عدداً من المنازل السكنية والمصانع والمدارس، واعتلوا سطوح عدد من البنايات المرتفعة في الحي، وحولوها إلى ثُكن لإطلاق النار في تجاه كل من يتحرك على الأرض.
وفي وقت لاحق، أعلنت مصادر طبية أن فلسطينيين استُشهدا وأصيب اربعة آخرون في قصف إسرائيلي على بيت حانون شمال قطاع غزة.
وأعلنت الحكومة المقالة برئاسة اسماعيل هنية الحداد العام وتنكيس الأعلام الفلسطينية لثلاثة أيام، فيما دعت حركة «حماس» إلى الإضراب الشامل اليوم الأربعاء، مطالبة الجماهير العربية والإسلامية بالخروج في مسيرات تنديد للمجزرة الإسرائيلية.
ووصف الرئيس محمود عباس العدوان الإسرائيلي بأنه «مجزرة ومذبحة ضد الشعب الفلسطيني»، مشدداً على أن «مثل تلك الاعتداءات لا يُسكت عليها ولن تأتي بالسلام بأي حال من الأحوال». إلا أنه عاد ليؤكد أن «الوقت كاف للوصول إلى عملية السلام خلال هذا العام، ولكن إذا كانت هناك نيات إسرائيلية جدية».
غير أن هنية طالب بوقف التفاوض، متسائلاً «كيف يمكن أن نفهم استمرار هذه المفاوضات فى ظل المجازر البشعة التي تُرتكب ضد أهلنا في قطاع غزة وأبناء الشعب الفلسطيني؟»، موضحاً أن «هذا الشكل من المفاوضات لا يمكن أن يرغم الشعب الفلسطيني على أن يتنازل عن القدس واللاجئين وعن الأرض وتحقيق أحلامه فى وطنه وحرياته وعودته واستقلاله».
وقال هنية، خلال تبرعه بالدم في مستشفى الشفاء، إن «المجازر الإسرائيلية تستوجب إعادة الحوار والوحدة الوطنية بكل مكوّناتها وكل عناصرها»، مجدداً دعوته إلى حوار وطني غير مشروط.
ووصف هنية الزهار بأنه «أحد أعمدة الشعب الفلسطيني وحركة حماس»، مشيراً إلى أن «استشهاد نجلي الزهار يعبّر عن ثقافة الشعب والقادة المخلصين، الذين يضحون بكل ما يملكون ولا يثنيهم ذلك عن الاستمرار في طريقهم». وكان الزهار قد فقد نجله البكر خالد واثنين من مرافقيه الشخصيين، في قصف جوي إسرائيلي نفذته طائرة حربية من طراز «اف 16» على منزله في مدينة غزة عام 2003، في عملية اغتيال نجا منها الزهار نفسه، وأصيب فيها جميع أفراد أسرته.
وقال الزهار، لدى وداعه نجله حسام في مستشفى الشفاء، إن المجزرة الإسرائيلية «جائزة من رام الله عقب زيارة بوش المشؤومة التي حذّرنا منها»، مضيفاً إن «العدوان رسالة موجّهة لتنفيذ خريطة الطريق في قطاع غزة على حساب أبنائنا وأرضنا ومزارعنا». واتهم قيادة السلطة في الضفة الغربية بالتآمر مع بوش ودولة الاحتلال الإسرائيلي في «حصار وقتل أبنائنا، وليس أمامنا إلا أن ندافع عن أنفسنا»، مشدداً على أن «المقاومة وكتائب القسام ستدافع بكل القوة والوسائل لإقناع الاحتلال بأن هذا القتل لن يثنيهم عن الطريق الصحيح».
وانتقد الزهار موقف الدول العربية إزاء المجازر الإسرائيلية اليومية ضد الشعب الفلسطيني، متسائلاً «إلى متى ستتفرج الدول العربية على دمائنا؟»، مضيفاً «على الجميع أن يدرك أنهم لو اغتالوا كل القيادات ستبقى حماس «مستمرة».
ورأت «حماس»، في بيان لها، أن المجزرة الإسرائيلية «ثمرة طبيعية لزيارة بوش إلى المنطقة والغطاء الذي وفره لحكومة الاحتلال لتوسيع حربها ضد شعبنا الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة».
ووصف المتحدث باسم «حماس» سامي أبو زهري استمرار المفاوضات في ظل العدوان الإسرائيلي بأنه «جريمة»، داعياً قيادة السلطة إلى التوقف عنها.
وأشار القيادي في حركة «الجهاد الاسلامي»، نافذ عزام، إلى أن التصعيد الإسرائيلي «يأتي في سياق الحرب المستمرة لضرب المقاومة واستهداف الشعب الفلسطيني»، مشدداً على أن «هذا التصعيد لن يجبر الشعب على تقديم التنازلات وفروض الطاعة للعدو والإدارة الأميركية مهما عظمت التضحيات وتفاقمت المجازر التي يتعرض لها». وقال إن مجزرة حي الزيتون «تثبت زيف وكذب الإدعاءات الإسرائيلية والأميركية حول ما تسمى عملية التسوية والسلام المزعوم مع العدو».



المجزرة الإسرائيلية جائزة من رام الله عقب زيارة بوش المشؤومة التي حذرنا منها، والعدوان رسالة موجهة لتنفيذ خريطة الطريق في قطاع غزة على حساب أبنائنا وأرضنا ومزارعنا، وقيادة السلطة في الضفة الغربية تتآمر مع بوش ودولة الاحتلال الإسرائيلي في حصار وقتل أبنائنا، وليس أمامنا إلا أن ندافع عن أنفسنا