غزة ــ رائد لافي
عباس يقلّل من أهمية الاتصال بالزهار... ويلوّح بوقف المفاوضات والاستقالة!


نزف قطاع غزة، أمس، مزيداً من الشهداء الذين سقطوا باعتداءات إسرائيلية، على وقع تهديدات مسؤولي الدولة العبرية بمواصلة «الحرب»، فيما عمدت المقاومة إلى الرد بتصعيد قصف المستوطنات، ما أدى إلى إصابة ستة إسرائيليين، وسط أنباء عن تلويح الرئيس الفلسطيني محمود عباس بوقف المفاوضات والاستقالة احتجاجاً.
وقتلت قوات الاحتلال القيادي في ألوية الناصر صلاح الدين رائد سليمان أبو الفول (43 عاماً)، وزوجته آمنة (40 عاماً)، في قصف جوي استهدف سيارتهما الخاصة في مدينة الشيخ زايد شمال القطاع. كما أعلنت مصادر طبية فلسطينية أن المقاوم زياد أبو طقية استشهد متأثراً بجروح أصيب بها، أول من أمس، في غارة إسرائيلية شمال قطاع غزة، ثمّ استشهد 3 آخرين في غارة مسائيّة.
بدورها، أقرّت مصادر صحافية إسرائيلية بإصابة ستة إسرائيليين، بينهم جنديان من حرس الحدود، جراء الصواريخ المحلية الصنع التي كثفت فصائل المقاومة الفلسطينية إطلاقها خلال اليومين الماضيين، رداً على المجازر اليومية التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وقالت المصادر، بحسب الإذاعة العبرية، إن الصواريخ الفلسطينية أدّت إلى إحداث أضرار مادية في عدد من المباني والسيارات والطرق، ومحولات الكهرباء في بلدة سديروت (كيلومتر واحد شمال شرق بلدة بيت حانون، شمال القطاع).
في هذا الوقت، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت مواصلة «الحرب» ضد حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» في قطاع غزة. وقال، في خطاب ألقاه أمام المؤتمر السنوي العام لاتحاد الصناعيين في تل أبيب، إنه «قبل يومين، نفذ جنود الجيش الإسرائيلي ومقاتلو الشاباك عملية جريئة في قطاع غزة، وقتل وأصيب خلالها عدد كبير من المخربين من نشطاء حماس وتكبدوا خسائر فادحة».
ورغم سقوط شهداء من المدنيين الفلسطينيين في هذه العملية العسكرية الإسرائيلية، إلا أن أولمرت رأى أن «العملية كانت دقيقة وغايتها ضرب أولئك الذين يحاولون على مدار أيام طويلة ضرب المواطنين في جنوب البلاد، وقد تلقوا ضربة وهذه ليست الضربة الأخيرة التي سيتلقونها في ضوء استمرار إطلاق صواريخ القسام غير المحتمل على سكان جنوب البلاد». وأضاف «لا نبحث عن الحرب في قطاع غزة ولا نريد المس بسكانه وليس لدينا أي رغبة خاصة بقتل أي مواطن من مواطني غزة، لكننا لا نستطيع ولسنا مستعدين لتحمل إطلاق الصواريخ غير المتوقف على مواطني دولة إسرائيل من هناك».
وادعى أولمرت أن الجيش الإسرائيلي يميز بين نشطاء «الإرهاب» والمواطنين غير الضالعين في«العمليات الإرهابية». وقال إن «كل من يعرف ما يحدث في جنوب البلاد يعرف أي ثمن نفسي كبير وأية ضائقة عاطفية عميقة تُثقل على حياة هؤلاء السكان وعلى الأهالي والأولاد بصورة تزعزع سكينة حياتهم وتسلبهم طعم الحياة». وأضاف «في الجنوب تدور حرب، كل يوم وكل ليلة».
أما نائب رئيس حكومة الاحتلال، حاييم رامون، فقد هدّد بمواصلة «الضغط العسكري والاقتصادي على قطاع غزة في محاولة لوقف إطلاق الصواريخ الفلسطينية»، مضيفاً أنها «ستثمر في نهاية المطاف». واستبعد شن عملية عسكرية برية واسعة النطاق ضد القطاع في الوقت الراهن، مدعياً أن التكتيك الذي يستخدمه جيش الاحتلال حالياً «دفع حماس إلى السعي لوقف إطلاق النار».
وفي وقت سابق، أكد وزير الحرب الإسرائيلي إيهود باراك أن جيش الاحتلال «سيوسع عملياته في قطاع غزة خلال الأيام المقبلة، وإذا دعت الحاجة والتطورات الدخول في عمليات برية إلى غزة فلن نتردد».
من جهة ثانية، قلّل المستشار الرئاسي الفلسطيني، نبيل عمرو، من أهمية اتصال التعزية بين الرئيس محمود عباس والقيادي في «حماس» محمود الزهار. وقال إن الاتصال كان «لفتة إنسانية وأخلاقية ولا يحمل أي مدلول سياسي». وأضاف «إن الحوار مع حماس يصبح ممكناً إذا ما لبّت الحركة الشروط المعروفة لإجرائه».
إلى ذلك، نقلت وكالة «سما» الفلسطينية عن مصدر رفيع المستوي قوله إن عباس يجري مشاورات مع رئيس طاقم المفاوضات أحمد قريع بشأن وقف المفاوضات مع إسرائيل احتجاجاً على التصعيد الإسرائيلي في غزة واستمرار بناء المستوطنات.
وقال المصدر إن عباس أوضح خلال اتصالات هاتفية تلقاها من مسؤولين أوروبيين ووزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، أمس، إن «المفاوضات في ظل استمرار إسرائيل في تصعيد عدوانها على غزة يجعل منها أمراً عبثياً لا جدوى فيه». وأشار إلى أن رايس ضغطت على عباس وقريع من أجل الاستمرار في اللقاءات مع إسرائيل. وأضاف إن عباس هدد واشنطن بتقديم استقالته وحل لجان التفاوض إذا استمرت إسرائيل في تصعيدها العسكري.
وفي السياق، شكك رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، في قدرة الوفد الفلسطيني على الاستمرار في المفاوضات في ظل تواصل الاعتداءات الإسرائيلية. ونفى بدء مفاوضات الوضع النهائي خلال اللقاء الأخير بين الطاقمين الفلسطيني والإسرائيلي. وقال إن اللقاء «لم يتناول سوى قضيتي المستوطنات وضرورة وقف الاعتداءات الإسرائيلية ولم يناقش أياً من قضايا الوضع النهائي».
وفي ردود الفعل على الاعتداءات الإسرائيلية، حذر الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد من «انفجار كالبركان». ونسبت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (ارنا) إليه القول إن «شعوب المنطقة الغاضبة هي اليوم على أعتاب الانفجار كالبركان، وستتصدى لمن يرتكب ويدعم المجازر بحق الشعب الفلسطيني المظلوم». وقال، في اتصال مع رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» خالد مشعل، إن «الصهاينة وصلوا إلى نهاية المطاف»، مشدّداً على أن دعم الشعب الفلسطيني هو «واجب ديني».
وفي الرباط، تظاهر مئات المغاربة أمام مقر الأمم المتحدة للتعبير عن غضبهم من الهجمات الإسرائيلية على غزة، ودعوا الفلسطينيين إلى توحيد صفوفهم «لمقاومة الاحتلال الصهيوني». ورفع المتظاهرون شعارات مثل «فلسطين تقاوم والأنظمة تساوم»، و«المقاومة أمانة والتطبيع خيانة».

شعوب المنطقة الغاضبة هي اليوم على أعتاب الانفجار كالبركان، وستتصدى لمن يرتكب ويدعم المجازر بحق الشعب الفلسطيني المظلوم