برلين ــ غسان أبو حمد
برلين تُغري دمشـق بتوطيد العلاقات: لا سلام شاملاً من دونها


هيمن الوضع اللبناني، أمس، على محادثات وزير الخارجية السوري وليد المعلم في برلين، حيث طالب وزير الخارجية الألماني، فرانك شتاينماير، سوريا بـ«بذل ما تملك من نفوذ، وبطريقة إيجابية، للمساعدة على حلّ العقدة الدستورية التي تعطّل انتخاب الرئيس اللبناني»، وهو ما ردّ عليه الضيف السوري بالتأكيد على أن دمشق تبذل جهوداً لتحقيق الوفاق اللبناني.
وقال شتاينماير، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره السوري، «إن المجتمع ينتظر من سوريا استخدام تأثيرها وعدم التراجع. نحن نعلم أن سوريا تعاني من متاعب الحروب، ويوجد على أرضها حالياً 1.5 مليون لاجئ من ضحايا الحروب. نحن نتفهم الواقع الصعب الذي تعيشه سوريا وندعم المساعي التي تبذل للتخفيف من حجم متاعبها».
وأضاف شتاينماير «هناك دور هام على سوريا أن تؤديه في حل الأزمة السياسية في لبنان، وهناك التزام يمكن العمل من أجله وهو قائم على مبادرة وزراء خارجية جامعة الدول العربية، على سوريا أن تسهم في استقرار لبنان وتتيح فرصة وجود حل يجعل الانتخابات الرئاسية الحرة المستقلة الديموقراطية أمراً ممكناً».
وأشار شتاينماير إلى «أن سوريا شاركت في مؤتمر السلام الخاص بالشرق الأوسط في أنابوليس في نهاية العام الماضي، والذي يمثل فرصة أخيرة لنجاح السلام. إن الإسرائيليين والفلسطينيين أبدوا شجاعة في مباشرة المفاوضات، وجميع الدول التي شاركت في أنابوليس يقع عليها واجب بذل الجهود لإنجاح عملية السلام». وتابع «صحيح أن النجاح في تحقيق السلام ليس مضموناً، لكن عملية السلام لا تتطور لوحدها من دون متابعة وجهود جميع الدول المعنية بالسلام، ومنها الجامعة العربية وخصوصاً سوريا»، التي قال إن «من واجبها التدخل في هذه المرحلة الحرجة لإنجاز عملية السلام في الشرق الأوسط». وأشار إلى أن المجتمع الدولي يتوقّع منها أن تمارس نفوذها على قيادة «حماس» في الخارج لتجنب تعطيل عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وقال الوزير الألماني «نحن نرفض التراجع عن هدف السلام، كما أن عودة العنف ليس من مصلحة أحد وليس من مصلحة سوريا تحديداً، وعلى الجميع التضحية بالقليل من المصالح الذاتية، عندها تكون المشاركة حقيقية في السلام».
وأضاف شتاينماير أنه «إذا أدت سوريا دوراً بناءً وواضحاً في إنهاء أزمات المنطقة، فإن العلاقات السورية ـ الألمانية، والسورية ـ الأوروبية، ستتطور».
أما وزير الخارجية السوري فقد أكد، من جهته، أن «سوريا أكثر الدول ضرراً من الحروب والنزاعات، فهي تعاني في موقعها الجغرافي الصعب من نزف وتداعيات الحروب ونتائجها في ثلاث قضايا ونزاعات أساسية في المنطقة، وهي فلسطين والعراق ولبنان، وعليه فإن قضية السلام تقع في أساسيات عملها وهي المتضرر الأول من أعمال العنف والإرهاب. وعليه، فهي تبذل مع إخوتها العرب جميع المساعي لإنجاح مبادرة الجامعة العربية لتحقيق الوفاق في لبنان وانتخاب رئيس توافقي وتشكيلة حكومية تعكس التوازن».
ورداً على سؤال عن مدى استعداد سوريا للاعتراف بدولة لبنان وتبادل التمثيل الدبلوماسي معها، قال المعلم إن بلاده «تعترف بلبنان وهو مثلها عضو في الجامعة العربية، وعدم وجود سفارات لا يعني عدم الاعتراف بالدولة»، مشيراً إلى أن سوريا لا تمانع بذلك. وأضاف: إن «العديد من الدول تتبادل الاعتراف وليس بالضرورة وجود مباني سفارات وسفراء».
وفي ما يتعلق بعملية السلام، قال المعلم إن «سلاماً عادلاً وشاملاً بين الإسرائيليين والفلسطينيين ونهاية احتلال الجولان من أولويات دمشق». وأضاف إن بلاده تأمل إحراز تقدّم في المؤتمر المرتقب في موسكو.
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية، مارتن ياغر، قد استبق المؤتمر الصحافي للتأكيد أنه «لن يكون هناك حل سلمي شامل في الشرق الأوسط من دون المشاركة السورية».
وبالتزامن مع زيارة المعلم إلى برلين، اعترف النائب العام الألماني السابق، كاي نيم، أمام لجنة التحقيق البرلمانية، أمس، بأن الحكومة الألمانية أوقفت عام 2002 التحقيق في «دعوى مسببة» بحق عميلين سوريين وأرجع السبب في ذلك إلى المصالح الأمنية للبلاد.
وأوضح المسؤول السابق أن سوريا كانت في ذلك الوقت مصنفة على أنها دولة هامة بالنسبة للمصالح الأمنية الألمانية. وأضاف أن الحكومة الألمانية تجنبت إغضاب سوريا واتخذت هذا الموقف أملاً في تعزيز التعاون الأمني مع الاستخبارات السورية في مجال «مكافحة الإرهاب».
وأشار النائب العام السابق إلى أن التهمة الموجهة للعميلين كانت جمع معلومات عن المعارضين الناشطين وتسليمها لحكومة دمشق. وأكد أن قراره بإيقاف الدعوى كان صحيحاً، وخاصة أن تقرير وزارة العدل أيّد الإجراء على أساس أن الدعوى لن تصبّ في مصلحة ألمانيا.