برلين ــ غسان أبو حمد
برلين تؤكّد احتجاج بيروت على استقبال المعلم


أثارت زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم انقسامات داخل الائتلاف الحاكم في ألمانيا، ولا سيما بين المستشارة أنجيلا ميركل ووزير الخارجية فرانك شتاينماير، الذي أصر في أكثر من مناسبة على أن الزيارة جاءت بناءً على «دعوة شخصية» وجهها إلى نظيره السوري.
وبدا بيان ميركل الرسمي الآمر والمتشدّد حيال «الموقف السوري من قضايا السلام والاستقرار» في الشرق الأوسط، مختلفاً تمام الاختلاف عن بيان شتاينماير والناطق الرسمي باسم الخارجية الألمانية، توماس ياغر، إلى أن جاءت تعليقات الصحافة ووسائل الإعلام لتكشف أن الخلاف يتعدى «لغة البيانات الرسمية»، المختلفة إلى حدود التناقض، وليكشف أن أزمة «الواقع اللبناني» تحوّلت بدورها إلى عدوى مرضية التقطها بسرعة التحالف الحزبي داخل الحكومة الألمانية، والقائم على «توافق ومشاركة وتوازن» بين الحزبين الرئيسيين في البلاد (الاشتراكي والمسيحي الديموقراطي).
وترى مصادر صحافية ألمانية أن زيارة المعلم واستماعه إلى طلب علني «ملطّف» بلغة التمنّي من نظيره الألماني وتشديده على الدور السوري وأهميته في عملية السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى تأكيد ما تعانيه سوريا من متاعب بسبب التوتّر والحروب الدائرة في محيطها الجغرافي، أفقدت بيان ميركل التحذيري إلى دمشق والشديد اللهجة مضمونه.
وكشفت البيانات الرسمية المتناقضة والصادرة عن «تحالف حكومي» واحد، وما تلا هذا من إعلان صادر عن مكتب الخارجية الألمانية يفيد بـ«تسلمه وتسجيله» لبعض الملاحظات التي وجهها مكتب المستشارية في شأن زيارة وزير الخارجية السوري، بأن «العدوى اللبنانية» بإمكانها التسلل إلى أي صيغة جبهوية تعاني الخلل وعدم التوازن وفقدان الثقة بين أطراف التحالف، وبإمكانها أن تتحول إلى مادة تفجير على أعتاب أي انتخابات تحصل في البلاد، ولا تتورّع عن استخدام «القضايا الخارجية» مادة لفوزها في الانتخابات وتحسين مواقعها لدى الناخبين.
ورأت وكالة «شبيغل أونلاين» أن تفرّد شتاينماير بدعوة المعلم كشف عن وجود خلافات داخل التحالف الجبهوي في ألمانيا. وفي السياق، يرى الناطق باسم الحزب المسيحي الديموقراطي، أيكارت فون كلايدن، أن «فرش السجاد الأحمر أمام الوزير السوري واستخدام لغة لطيفة معه، قد تدفع دمشق، التي تقدم الدعم والسلاح إلى حزب الله، وتعطّل الانتخابات الرئاسية في لبنان، وتدعم سياسيين غير محبوبين، إلى سوء تقدير لموقف ألمانيا».
كما حمّل المتحدث باسم الحزب المسيحي الاجتماعي، كارل تيودور، شتاينماير مسؤولية «عدم الاستقرار» داخل الحكومة الألمانية، واتهمه برسم سياسة خارجية خاصة به ولا علاقة للحكومة الألمانية مجتمعة بهذه السياسة.
وردّ المتحدث باسم الخارجية الألمانية مارتين ياجر على انتقادات مكتب المستشارية بالقول: «عندما نريد ممارسة الضغوط، علينا أن نتكلم أولاً. إن المقاطعة لا تفيد، والوزير شتاينماير كان واضحاً جداً في حواره مع نظيره السوري». وأشار إلى رفض المستشارين العاملين إلى جانب أنجيلا ميركل الحوار مع الوزير المعلم والاستماع إلى وجهة نظره.
ورداً على معلومة نشرتها الصحافة الألمانية تفيد بأن واشنطن وبيروت أبدتا استياءهما من اللقاء، أقر مساعد المتحدث باسم الحكومة الألمانية، توماس ستيغ، بأن هاتين الحكومتين اتصلتا بالمستشارية قبل اللقاء. وقال: «ليس غريباً أنه قبل اجتماعات مماثلة، تطرح حكومات أخرى ودول صديقة أسئلة، وتطلب توضيحات وتدلي أحياناً بملاحظات».
وتساءل ستيغ: «لماذا في هذه الحال لم يوجه هذا الطلب مباشرة إلى وزارة الخارجية التي نظمت اللقاء، ولماذا... وجهت الولايات المتحدة ولبنان... الطلب إلى المستشارية؟ لا أدري. المستشارية نقلت مضمون هذا الموقف إلى وزارة الخارجية».
وتتوقّع صحيفة «فرانكفورتر ألغماينه» وقوع توتر قوي داخل «التحالف الحكومي» في أواسط الأسبوع عندما يستقبل شتاينماير وزراء خارجية الدول الكبرى في برلين لمناقشة قضية عنوانها «السياسة الإيرانية»، ولا سيما أن المتحدث باسم الحزب المسيحي الديموقراطي، فون كلايدن، قال إن «سياسة شتاينماير أصبحت هدامة». وتساءل: «ماذا لو اختلف وزراء مجلس الأمن الدولي في السياسة الإيرانية وانتقل هذا الخلاف إلى العلن؟».
وفي السياق، رأت مجموعة الزيتون، التي تضم الدول المتوسطية الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، أن على الاتحاد انتهاج «سياسة متناسقة» تجاه سوريا، التي «تؤدي دوراً مهماً» في الأزمة السياسية في لبنان.
وقال ممثل وزارة الخارجية الفرنسية، بيار مينا، إن «المجموعة مستعدة لفتح النقاش مع سوريا، لكنها ترغب في الحصول على إشارات إيجابية من دمشق، الأمر الذي لم يحصل».