بغداد ـ زيد الزبيدي
معارك البصرة تودي بالقائد العسكري لـ«جند السماء»


من المقرَّر أن ينتهي مساء اليوم حظر التجوال الذي فُرض في 11 محافظة عراقية لضمان أمن مراسم ذكرى العاشر من «محرَّم» في مدينة كربلاء، بينما تشهد المحافظات والمدن الأخرى، ولا سيما الجنوبية منها، مواكب عزاء راجلة بالمناسبة، التي اتُّخذت لها إجراءات أمنية غير مسبوقة، تضمّنت تطويق وعزل مدن ومناطق جنوب بغداد بشكل خاص، بما في ذلك قطع الاتصالات، وقيام الطيران الأميركي بتوفير الغطاء الجوي لحماية الزائرين، وتأمين الطرق.
ورأى المتابعون للشأن العراقي أنّ الإعلان عن تدخّل قوات الاحتلال في مناسبة دينية كهذه، ومشاركتها في عمليات الدهم والاعتقالات التي شملت مناطق في كربلاء والنجف، كان استفزازيّاً بالنسبة إلى الكثير من المواطنين الذين عبّروا عن امتعاضهم بالقول إنّ صاحب المناسبة، الإمام الحسين، «لن يكون راضياً، لو كان حيّاً، بأن يرتبط اسمه بوجود الاحتلال وقوّاته».
وشكا سكّان المدن العراقية من قسوة الإجراءات المتّخذة، ومنها قطع الكهرباء، والخدمات الأخرى عنهم، وهي شحيحة بالأساس، بحجّة تركيز هذه الخدمات في كربلاء، والمدن الأخرى ذات الغالبيّة الشيعيّة، بينما كان بإمكان الحكومة والجهّات الدينية المعنيّة، توفير مثل هذه الخدمات من مردودات «السياحة الدينيّة»، والهبات الكثيرة التي تصل من كل أنحاء العالم الى هذه المدن التي تضمّ أضرحة الأئمّة.
ومع أنّ مناسبة عاشوراء، هي مناسبة دينية بالأساس، إلّا أنّ الملاحظ هو توظيفها سياسياً وطائفياً من خلال التحشيد الأمني الكبير، وإجراءات الحماية التي شملت كل وسط وجنوب البلاد، وكذلك من خلال التجييش البشري لإظهار «قوة» الطائفة الشيعيّة. إلا أنّ العديدين رأوا أن المراسم الجماهيرية مناسبة لتصفية الحسابات السياسية داخل الطائفة الواحدة لمصلحة فئة ضدّ أخرى، ولا سيّما أنّ حملات الدهم والاعتقالات شملت بشكل خاص العديد من عناصر التيار الصدري، أو من «أنصار المهدي» وغيرهم.
وكشفت المناسبة الدينية، مدى انهيار الوضع الخدمي في العراق، وخاصة في مجال توفير الوقود والكهرباء، على الرغم من التصريحات الحكومية الكثيرة بشأن تحسّن الوضع الأمني.
وقد اعترف السيد عمار الحكيم، القيادي في «المجلس الأعلى الإسلامي»، بتردّي مستوى الخدمات وتراجع الأداء الحكومي وقلة مشاريع الإعمار والبناء في المحافظات الجنوبية.
كذلك، لم تستطع الذكرى، التي يرى الشيعة أنّها «مقدّسة»، أن تجمع أطراف الطائفة، فتضاربت مواعيد العاشر من محرّم، إذ أعلنت الحكومة أنّ ليلة العاشر تصادف الخميس ــــ الجمعة، إلّا أنّ بياناً لاحقاً من مكتب المرجع آية الله علي السيستاني، ذكر أنها تصادف ليل الجمعة ــــ السبت.
ورغم كلّ الإجراءات الأمنية المتّخذة حفاظاً على سلامة المناسبة الدينية، عرفت المناطق العراقية تفجيرات استهدفت المواكب العاشورائيّة، وأودت بحياة العشرات في اليومين الماضيين. كما عكّرت صفو المناسبة المعارك الضارية التي دارت أمس بين الشرطة العراقية ومسلّحين ينتمون لـ«جند السماء» في البصرة والناصرية جنوب البلاد، وهي جماعة مجهولة يتزعّمها رجل يُدعى أحمد حساني اليمني ويزعم أنّه المهدي. ومساءً، أعلن قائد شرطة البصرة اللواء الركن عبد الجليل خلف مقتل القائد العسكري لهذا التنظيم، أبو مصطفي الأنصاري، مع «العشرات من أتباعه» في البصرة.