غزة، رام الله ــ الأخبار
انقسام في «حماس» بشأن توقيت الإعلان... وأحد قادتها يؤكد الاستعداد للاعتذار لعباس «على طاولة الحوار»

فجّر القيادي في «حماس» سعيد صيام، أول من أمس، مادة خلافية جديدة بين حركته و«فتح»، التي اتهمها بالتدبير لاغتيال رئيس الحكومة المقالة إسماعيل هنية. اتهام أثار خلافات داخل «حماس» نفسها بشأن «توقيت الإعلان»، ولا سيما أن قيادياً في الحركة عرض للمرة الأولى الاعتذار للرئيس الفلسطيني محمود عباس عن أحداث غزة الأخيرة «لكن على طاولة حوار وطني».
في هذا الوقت، كشفت الصحف العبرية عن أوامر إسرائيلية صدرت لاستهداف هنية مع قادة «حماس» السياسيين في إطار العدوان على قطاع غزة، ومحاولة وقف سقوط صواريخ «القسّام» على سديروت.
وكشف القيادي في «حماس» المكلف شؤون الأمن في وزارة الداخلية المقالة، سعيد صيام، عن «مخطط فتحاوي» لاغتيال هنية، بواسطة انتحاريين، بإشراف الأمين العام للرئاسة الفلسطينية الطيب عبد الرحيم، وضباط هاربين من قطاع غزة منذ سبعة شهور.
وقال صيام، في مؤتمر صحافي عقده في منزله في مدينة غزة، «اعتقل الانتحاري من طرف الأمن الداخلي (التابع للحكومة المقالة) وأدلى باعترافات كاملة حيث جرى تصويره... وتدريبه على استخدام الحزام الناسف، والشريط المصوّر موجود لدينا». وأضاف إن هذه «جريمة حقيقية خرجت إلى حيز التنفيذ، وليست قصة اغتيال مفبركة، وهي ترجمة فعلية لتهديدات العدو الإسرائيلي باغتيال رئيس الوزراء، لكن بأيدٍ عميلة».
كما كشف صيام عن التخطيط لتفجير آخر لنسف مقر «فضائية الأقصى» التابعة لحركة «حماس»، متهماً عبد الرحيم بالتأكيد لمن كان سينفّذ الهجوم الانتحاري، أن «عائلته ستلقى رعاية وستنقل لتعيش في أمان في مدينة رام الله في الضفة الغربية، على أن يُقام «مهرجان تأبين لم يشهد له القطاع مثيلاً» عقب إطاحة سيطرة حركة «حماس».
وقال صيام إن القيادي في حركة «فتح» أحمد منصور دغمش الهارب في مصر، هو أحد العقول المدبرة لمؤامرة الاغتيال، إلى جانب الضابط السابق في الشرطة ظافر أبو مذكور الهارب في مدينة رام الله، وضباط ونشطاء آخرين في «فتح».
وكانت وزارة الداخلية في حكومة هنية قد أعلنت الأسبوع الماضي اعتقال شاب فلسطيني بحوزته أربعة كيلوغرامات من مادة «تي ان تي» وضعها في حقيبة، وجاهزة للتفجير بواسطة هاتف محمول، خلال مشاركة هنية ووزراء في الحكومة وقادة في «حماس» في اجتماع حاشد في غزة للاحتفال بالحجاج.
في المقابل، اتهم متحدث باسم الرئاسة الفلسطينية صيام بـ «الكذب». وقال، في بيان له، «درجت حماس على تلفيق الأكاذيب والتهم والادعاءات لقادة في فتح والسلطة الوطنية الفلسطينية، بأنها تقف وراء محاولات وهمية وملفّقة من نسج الخيال في محاولة لتحويل الأنظار عن حال الفلتان الأمني المستشري في قطاع غزة بسبب ممارسات حماس وعصاباتها المجرمة ضد أبناء شعبنا وأبناء فتح».
بدورها، شددت «كتائب شهداء الأقصى»، الجناح العسكري لحركة «فتح»، على «أن الحركة بريئة من هذه الاتهامات الباطلة ولن يكون في أجندتها أيّ من هذه الأفعال». وطالبت «بتقديم سعيد صيام إلى القضاء الفلسطيني لمسؤوليته المباشرة عن مقتل أكثر من 400 من أبناء الشعب الفلسطيني في أحداث الانقلاب الأسود في قطاع غزة».
أمّا الطيّب عبد الرحيم، فرأى أن «ما ورد على لسان سعيد صيام هو من نسج خيال صيام ومساعديه ولا يستحق الرد». وأضاف «يبدو أن التيار المتطرف في حماس الذي يقوده صيام لم يعجبه ما ردده بعض الفتحاويين في الأيام الأخيرة عن حوار محتمل مع حماس وعودة قضية المحاولة الفاشلة لاغتيال ابو مازن (محمود عباس) إلى واجهة الإعلام فقرر أن يخرج بهذه القصة السخيفة».
وبدا أن ما أعلنه صيام أثار انقسامات داخل «حماس». وكشفت مصادر في الحركة في الضفة الغربية، لـ «الأخبار» أمس، عن أن قادة في الصف القيادي الأول من الحركة رفضوا توقيت إعلان سعيد صيام اكتشاف الخلية الفتحاوية. وأشارت إلى أن القيادي محمود الزهار وهنية نفسه لم يرغبا في إعلان اكتشاف الخلية لأن هناك أجواء حوار ومودة داخلية يمكن أن يتم التعويل عليها لبدء حوار أو حتى تقريب وجهات النظر بين «فتح» و«حماس» لإنهاء الوضع الراهن.
وأوضحت المصادر أن صيام أراد تسجيل إنجاز لوزارته المقالة، فأعلن اكتشاف الخلية من دون الرجوع إلى قيادة «حماس» في الداخل والخارج وهو ما أثار غضباً في صفوف قادتها، لكنها لم ترغب في كشف ذلك للعيان واضطرت إلى التعامل مع القضية على أنها أمر واقع.
وفي السياق نفسه، انتقد المتحدث السابق باسم هنية، غازي حمد، الاتهامات الموجهة لحركة «فتح» بالتخطيط لاغتيال قادة في «حماس». وعبّر «عن استيائه الشديد من لغة الاتهام والصدام والمواجهة»، مشيراً إلى أن «هذه اللغة مؤسفة ولا يقبل بها أحد».
وقال حمد «إن اتهامات صيام ستدخل الساحة الفلسطينية في مزيد من الانكسار والانشطار والانقسام وبالتالي هذا لا يساعدنا إطلاقاً على الدخول في مرحلة الحوار الوطني».
إلى ذلك، أعلن القيادي في «حماس»، أيمن طه، استعداد حركته لتقديم اعتذار للرئيس الفلسطيني والشعب الفلسطيني عن سيطرتها بالقوة على قطاع غزة «لكن على طاولة الحوار وليس بشكل مسبّق». وقال إن حركته «لا يعيبها تقديم اعتذار في حوار وطني فلسطيني شامل يبحث في كل قضايا الخلافات الداخلية التي سبقت أحداث الحسم العسكري وما تلاها إذا ثبت أنها أخطأت».
من جهة ثانية، نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس عن مصادر أمنية إسرائيلية تهديدات برفع مستوى الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة وصولاً إلى تصفية القادة السياسيين لحركة «حماس» «إذا لم يفهموا معنى التحذيرات» التي توجّهها إسرائيل إليهم.



اتهامات صيام ستدخل الساحة الفلسطينية في مزيد من الانكسار والانشطار والانقسام وبالتالي هذا لا يساعدنا إطلاقاً على الدخول في مرحلة الحوار الوطني