بغداد ـ زيد الزبيدي
كشفت الأحداث الأخيرة في الناصرية، بين التنظيم العقائدي «أنصار المهدي»، الذين يعدّهم البعض خلفاء «جند السماء»، والقوات الحكومية العراقية، عن وجود خلل في الاستراتيجية المتّبعة من الأجهزة الأمنية والاستخباريّة في المحافظة الجنوبية.
ولم يكن منطقياً في الحسابات التقليدية أن تقوم جماعة صغيرة قوامها عشرات الأفراد، معظمهم في مقتبل العمر، وليس لديهم سوى سلاح تقليدي، بزعزعة الأمن في المدينة وقتل عدد كبير من الضبّاط والمسؤولين الأمنيّين في غضون ساعات قليلة فقط على بدء المواجهات التي أوقعت نحو مئة قتيل و60 جريحا في صفوف الطرفين.
وبحسب بعض المراقبين العسكريّين، فإنّ أخطاءً كبيرة ارتكبتها قوى الأمن في المحافظة، تمثّلت بـ«تأخّر الردّ العسكري على تحرّكات هؤلاء المسلّحين الذي أخذوا بالانتشار في وقت سريع، وفي أحياءٍ سكنية يندر وجود عناصر الأجهزة الأمنية فيها»، فضلاً عن استغلال المسلّحين انشغال قادة القوى الأمنية بتفاصيل «تطبيق الخطة الأمنية الطارئة»، المكرّسة بشكل أساسي لحماية المواكب الحسينية في مركز المدينة تحديداً.
يضاف إلى ذلك عدم التطبيق الدقيق لإجراءات حظر التجوال المعلنة في مدينة الناصرية، أسوة بمحافظات مجاورة أخرى، التي كان من شأنها كشف أية تحركات مريبة لتلك الجماعة.
وأكد مصدر أمني مطلع، لـ«الأخبار»، أنّ «التحقيقات الجارية حالياً مع بعض المعتقلين من أتباع (أحمد الحسن) اليماني كشفت عن تورّط أحد ضبّاط فوج التدخّل السريع في ذي قار بقيادة هجمات المسلّحين على الأجهزة الأمنية، وقد اعتقل على الفور».
وكشف المصدر عن أن «الضابط المعتقل، وهو برتبة ملازم أول، من أهالي سوق الشيوخ، قد اعترف بوجود شخص آخر برتبة مفوض في الشرطة لقي حتفه وهو يقاتل إلى جانب المسلّحين». ويرجَّح أنّ مقتل كبار الضباط الأمنيّين في هذه الاشتباكات يعود في جزء منه إلى وجود هذا الخرق الأمني الخطير، إذ إن «الضابط المعتقل الذي قاتل إلى جانب المسلّحين كان أحد المقرّبين من آمر فوج طوارئ ذي قار العقيد ناجي رستم الجابري (أبو لقاء) الذي لقي مصرعه في بداية المواجهات».
وذكر مصدر أمني أنّ «الأجهزة الأمنية في المحافظة، كانت لديها معلومات استخبارية عن وجود هذه العناصر واحتمال تحرّكها خلال أيام شهر محرّم بقصد إرباك الأمن وخلق حالة فوضى في عدد من محافظات الجنوب، في وقت لم تكن فيه تحركات هذه الجماعة، خافية حتى بالنسبة إلى المواطنين العاديّين، ومع هذا، لم تظهِر قوى الأمن في المحافظة حزماً لتدارك هذا الموقف قبل اشتعاله واتساعه بهذه الصورة».
ويرجّح المصدر الأمني أن يكون «سبب تقاعس الأجهزة الأمنية في اعتقال هذه المجموعات والتحقيق معها يعود إلى عدم تقدير أجهزة الأمن خطورتها ومصادر قوتها الفعلية التي برهنت خلال الاشتباكات التي حصلت أخيراً على امتلاكها خبرة عسكرية لا يستهان بها».