دمشق ــ حسام كنفاني
حشد المؤتمر الوطني الفلسطيني، الذي افتتح في دمشق أمس، أكثر من 1500 شخصية فلسطينية من الشتات والاغتراب، تحت عناوين التمسك بالحقوق الفلسطينية وتحقيق الوحدة بعد الانقسام القائم على الساح الفلسطينية، ولا سيما بين حركتي «حماس» و«فتح»، في ظل مقاطعة الجبهتين الشعبية والديموقراطية لتحرير فلسطين أعمال المؤتمر، الذي يعد بديلاً عن مؤتمر مناهضة «أنابوليس» الذي كان مقرّراً في تشرين الثاني الماضي.
الكلمة الأبرز في المؤتمر، الذي شهد حضوراً رسمياً سورياً تمثّل بوزير الإعلام محسن بلال إضافة إلى شخصيات حزبية ونيابية لبنانية، كانت لرئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، خالد مشعل، الذي شدّد على أن «أهل غزة والضفة الغربية لم يضعوا السلاح»، مشيراً إلى أن كمية الوقود والأدوية التي أدخلت إلى القطاع كانت محدودة جداً و«كان هدفها إجهاض الغضب الفلسطيني والعربي»، الذي قال إنه «حاصر إسرائيل».
وطالب مشعل الشعبين الفلسطيني والعربي بالاستمرار بتحركات الغضب، مشيراً إلى أن «معركة غزة لن تنتهي، حتى لو أغرقوها بالوقود والكهرباء، إلا برفع الحصار». وشدّد على أن المعركة لن تنتهي إلا «بتحرير كل فلسطين».
وخاطب مشعل الدول العربية بالقول «نحن نعتب على العرب ولا نغضب عليهم». إلا أنه أضاف «لا أحد يصدقكم أنكم لا تستيطعون رفع الحصار عن غزة»، مطالباً إياهم بتحميل وزراء الخارجية خلال اجتماعهم المرتقب الأسبوع المقبل مشروع قرار لرفع الحصار والوقوف خلف مصر لتشجيعها على مواجهة الضغوط، التي تبقي معبر رفح مغلقاً.
وانتقد مشعل ربط بعض الدول العربية للحصار بإطلاق الصواريخ، مشيراً إلى أن الحصار كان سابقاً لذلك. وذكّر بأن حركته أوقفت إطلاق الصواريخ «وأوقفت المقاومة تكتيكياً، إلا أن ذلك لم يوقف العدوان ولم يحرّر الأسرى».
وجدّد مشعل استعداد «حماس» وحكومة إسماعيل هنية المقالة لبحث عرض الرئيس الفلسطيني محمود عباس لتسلّم المعابر. كما جدّد التأكيد على استعداد الحركة لحوار غير مشروط مع السلطة الفلسطينية «على حفظ الحقوق والمقاومة ولإخراج منظمة التحرير من قمقمها».
وحذر مشعل إسرائيل من الرهان على انكسار غزة والضفة الغربية، مشدداً على أن «المراهنين على انكسار حماس واهمون. الدنيا تنكسر ونحن لا ننكسر». وقدّم مشعل ملامح استراتيجية بديلة قائمة أولاً على «حسم جدلية أن التحرير قبل الدولة والتحرير قبل السلطة». وثانياً «الحزم والإصرار على الحقوق الفلسطينية»، وثالثاً أن تكون المقاومة تياراً أساسياً في الاستراتيجية، مشيراً إلى عدم رفض السياسة. إضافة إلى توفير متطلبات الصمود وتحقيق الوحدة.
أما الأمين العام لحركة «الجهاد الإسلامي»، رمضان عبد الله شلّح، فشدّد من جهته على ضرورة تحرير «كل فلسطين»، معتبر أن البرنامج المرحلي لمنظمة التحرير عام 1973 مثّل النكبة الأساسية للشعب الفلسطيني بعد التخلي عن 80 في المئة من الأرض والاكتفاء بحدود عام 1967.
ورفض شلح النص على «دولة فلسطينية»، مشيراً إلى أن «تحرير الأرض أولوية ثم يترك الشعب الفلسطيني لتقرير مصيره»، معتبراً أن «النص على دولة هو نص على اتفاقية سايكس بيكو».
وهاجم شلّح المبادرة العربية للسلام، معتبراً أنها «أسوأ من وعد بلفور»، ومتهماً «بعض العرب بالتواطؤ في ما يجري في غزة». كما طالب السلطة الفلسطينية بإلغاء اتفاق أوسلو وحلّ السلطة التي وصفها بأنها «كارثة».
وغادر شلّح حيادية «الجهاد» في صراع «حماس» و«فتح»، رافضاً شرط عباس المسبق بتراجع «حماس» عن الانقلاب في غزة، ومتسائلاً «من الذي بدأ في الانقلاب على رغبة الشعب الفلسطيني والتاريخ والثوابت». وحمّل عباس مسؤولية الانقسام بإصراره على رفض الحوار.
بدوره، ركّز الأمين العام لـ«الجبهة الشعبية ــــــ القيادة العامة»، أحمد جبريل، على دور فلسطينيي الشتات في الصراع العربي ــــــ الإسرائيلي. ودعاهم إلى «الاشتباك السياسي»، مطالباً فلسطينيّي الأردن بالتوجه إلى غور الأردن «حتى لو أطلق الاستعمار النار عليهم». كما طالب فلسطينيي سوريا ولبنان بالتوجّه إلى الجولان وجنوب لبنان «من دون سلاح». وتطرق إلى ما اعتبره «مؤامرة على الفلسطينيين في لبنان منذ عام 1982 حتى أحداث مخيم نهر البارد» العام الماضي. وتساءل «هل المطلوب نزع سلاح فلسطينيي لبنان».
وشدّد جبريل على الحق في المقاومة، مهاجماً سياسة الرئيس الفلسطيني، الذي تحدّاه أن يزيل بالحوار «الجدار والمستوطنات ويحرّر الأسرى».
وفي كلمة حزب الله، شدّد رئيس مجلسه السياسي إبراهيم أمين السيد على رفض الفرقة بين المقاومة، مشيراً إلى أن «من تجمعه المقاومة لا تفرّقه المذاهب». وهاجم جولة الرئيس الأميركي جورج بوش على المنطقة، معتبراً أن «الخطر الجديد الذي يواجهنا هو في العربي الذي يحمل سيف إسرائيل ويقتل فلسطين والفلسطينيين»، مشدداً على أن «المؤتمرات العربية وبيانات براءة الذمّة لا تكفي، المطلوب هو إسقاط سيف العرب من يد بوش». واعتبر السيّد أن «الدولة الفلسطينية هي غطاء للدولة اليهودية»، مشدّداً على أن البديل هو «دولة فلسطين». وتطرّق إلى دور سوريا وإيران في «حماية المقاومة بكل شيء».
وقارن السفير الإيراني السابق لدي سوريا، علي أكبر محتشمي بور، بين أحداث غزة الأخيرة وكربلاء، مشدّداً على ضرورة حماية المقاومة.