باريس ــ بسّام الطيارة
فيما كان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يستعد للتوجه إلى الهند في زيارة رسمية سريعة، «نزلت» أمس نقابات الموظفين مرة ثانية إلى الشارع للاحتجاج على تراجع «القدرة الشرائية».
فبعد شهرين من أول حركة نقابية كثيفة واجهها العهد الجديد، تعود المطالب العمالية الاجتماعية لتحتل واجهة العمل السياسي، ولا سيما أن «الحكومة لم تفعل شيئاً»، بحسب قول أحد الناشطين في نقابات المدرّسين. أضاف: «نعم سمعنا الكثير من الاقتراحات ولكنها إعلامية بامتياز»، فهي تسهم في تنفيس حركة المطالب من جهة وغير قابلة للتنفيذ من جهة أخرى.
ويأتي هذا الإضراب في وقت يؤكد استطلاع تلو الآخر «أن الأثر الإيجابي للعهد الجديد» في طريقه إلى الاضمحلال، مع إقحام الرئيس الفرنسي تفاصيل حياته الخاصة في التعامل الإعلامي.
ولكن سيّد الإليزيه لا يبدو مستعداً لتغيير نهجه الذي يقضي بـ«الذهاب بعيداً وأبعد»، وتفضيل الهجوم على التراجع. فقد استقبل أمس جاك أتالي، وهو «رجل الثقة الأول للرئيس الراحل فرنسوا ميتران»، والذي كلّفه وضع تقرير عن أفضل السبل لـ«تحرير النمو في فرنسا». تقرير عنونه أتالي، الاشتراكي السابق،بـ«٣٠٠ اقتراح لتغيير فرنسا». وما تزال النقابات منكبّة على دراسة التسريبات التي رشحت عن هذا التقرير، الذي تَوافق «عدد كبير من المراقبين على تعداد مساوئه البارزة»، حتى إن ساركوزي منذ تسلّمه بادر إلى اقتراح التئام الحكومة لدراسته، «وأخْذ ما يلائم منه».
ومن أبرز «وصايا» التقرير: تمديد مدد العمل، ورفع العوائق من أمام صرف العمال، وتقويم الموظفين من جانب مرؤوسيهم و«حسب مردود عملهم»، وفتح أبواب الهجرة أمام «المهن التي عليها طلب في السوق» بواسطة «تأشيرة محدودة المدة ومرتبطة بهذا العمل»، وخلق «ضريبة اجتماعية» للتخفيف من «وزن الضمان الاجتماعي على أرباب العمل» مع «تخفيف حمايات العمال» في عقود العمل، وفتح باب حرية إنشاء سوبر ماركت داخل المدن، ما يشكل تهديداً لتجار المحلات الصغيرة.
ولا تقتصر «الأخبار السيئة» على استطلاعات الرأي، بل إن كل مؤشرات الاقتصاد تميل إلى اللون الأحمر، إضافة إلى انهيار البورصات العالمية الذي يضع قدرة «مقاومة» الاقتصاد الفرنسي على المحك. وبما أن «الأخبار السيئة تأتي جماعات جماعات»، كما يقول مثل هندي، فإنه قبل أن يستقل الطائرة إلى دلهي ، قرأ ساركوزي في الصحف أن «زهرة المصارف الفرنسية السوسيتيه جنرال» وقع ضحية عملية احتيال تقدّر بـ4.9 مليارات يورو، تضاف إلى المليارات «المجهولة التعداد» التي يتوقع أن تكون حصة المصارف الفرنسية من خسائر «الرهن العقاري في الولايات المتحدة».
ساركوزي، الذي لم يكفّ عن التفكير في الوصول إلى الإليزيه «عندما كان يحلق ذقنه»، يقول في نفسه «حقاً إن عام ٢٠٠٨، بدأ بغيوم سوداء في الأفق».