القاهرة ــ خالد محمود رمضان
فيما استمرّت لعبة القط والفأر بين الشرطة المصرية وجماعة «الإخوان المسلمين» ومنظمات وحركات وطنية معارضة للتظاهر احتجاجاً على الوضع المتدهور حالياً فى قطاع غزة، أكّد الرئيس المصري حسني مبارك أن لا أحد يملك المزايدة على مصر في «دعمها للشعب الفلسطيني الصامد وقضيّته العادلة»، مشدداً على أنها لن تقبل بتجويع أهل غزة


لليوم الثاني على التوالي، تواصل تدفّق عشرات آلاف الغزّاويّين من قطاع غزة إلى مصر لشراء المواد الغذائية والتموينيّة والأدوية، بعدما ترجموا معاناتهم من الحصار تفجيراً للجدار الخرساني الفاصل بين القطاع المحاصر والمحروم والأراضي المصريّة.
وفي ظلّ إشارة المراقبين إلى أنّه ليس باستطاعة الحكومة المصرية الآن إعادة الوضع إلى سابق عهده على الحدود مع غزة من دون بعض التنازلات لمطالب حركة «حماس» بنقطة عبور مفتوحة لا إشراف لإسرائيل عليها، حثّ الرئيس حسني مبارك الفلسطينيين من مختلف الفصائل على وضع معاناة شعبهم فوق كل اعتبار، معرباً عن رفضه «محاولات زج مصر في خلافاتهم ومحاولات افتعال الأزمات مع قوات الأمن المصرية في رفح».
وقال مبارك، في كلمة ألقاها في احتفال أقامته وزارة الداخلية في «أكاديمية مبارك للأمن» لمناسبة عيد الشرطة، إنّ «جهود السلام لم تعد تحتمل فشلاً آخر، ومصر لن تسمح بتجويع الفلسطينيين في غزة، أو بأن يتحوّل الوضع في القطاع إلى كارثة إنسانية».
ومن المتوقع أن تشهد مدن مصريّة عديدة مختلفة اليوم تظاهرات غاضبة على المشهد الراهن في الأراضي الفلسطينية المحتلّة في ما يوصف بأنّه «يوم المواجهة الكبير» بين نظام مبارك والمناوئين لسياسته تجاه عمليّة السلام المتعثّرة في الشرق الأوسط، وذلك بعدما كانت قوّات الأمن المصرية قد شلّت الحركة وسط القاهرة أوّل من أمس على مدى ساعات طويلة، لإجهاض تظاهرة تطالب برفع الحصار عن غزة، وقامت باعتقال المئات من المتظاهرين.
ونفى المرشد العام لجماعة «الإخوان»، محمد مهدي عاكف، ما أفادت به تقارير إعلاميّة مصريّة عن موافقته على تظاهرات الخروج الكبير بعد مكالمة مع رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» خالد مشعل. وأكّد أن الخبر اعتمد على «اختلاق معلومات لا أساس لها من الصحة»، مشيراً إلى أنّ التظاهرة الحاشدة التي نظَّمها «الإخوان» ومختلف القوى السياسية جاءت «تعبيراً شعبيّاً عن رفض الظلم الذي يتعرَّض له إخوانُنا في غزة».
وشدّد القيادي الإسلامي على أنّه من «الخزي والعار أن تداهم قوّات الأمن المصرية عشرات البيوت قبل الفجر لأيام متتالية لتلقي القبض على القيادات الشعبية والرموز الوطنية وتعتقلها لمنعها من المشاركة في الفعاليات الشعبية، ولتخويف الآخرين من المطالبة برفع الحصار الظالم عن شعب فلسطين».
وقد وصل عدد المعتقلين من تظاهرة «ميدان التحرير» إلى ما يقارب ألفي معتقل، موزَّعين على معسكرات الأمن المركزي المختلفة، منهم 240 في «معسكر الدراسة» وما يزيد على ألف معتقل في «معسكر طره»، علاوةً على أعداد كبيرة في «معسكر الجبل الأحمر» وأماكن أخرى غير معلومة وفقاً لتقديرات مصادر المعارضة.
وفي السياق، حذّر وزير الداخلية المصري، اللواء حبيب العادلي، من «الاستغلال السياسي، من جانب بعض القوى الداخلية، لأحداث غزة بقصد التهييج»، ومن «خطورة الإرهاب»، مؤكداً أن مصر غير قابلة للتوجيه والأوامر، ولا تقبل التدخّل فى شؤونها».
وقال العادلي، في تصريحات صحافية تنشر اليوم، «يمكن لمن يشاء أن يعبّر عن استنكاره لما يجري في غزة، ورفضه لعدوان إسرائيل من خلال الاحتجاج المنظّم والمصرّح به قانوناً، وفق إجراءات مسبقة داخل النقابات وما شابه، إلّا أنّنا لن نسمح بأي استغلال أو تهييج للمشاعر فى الشوارع والمساجد».
إلى ذلك، نقلت وفود لبنانيّة اجتمعت برئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، خالد مشعل، في دمشق، عنه قوله إنّه «تلقّى طلباً مصرياً بضرورة العودة إلى الوضع الطبيعي عند معبر رفح».
وقال أعضاء في وفود، بينها «رابطة الشغيلة» اللبنانية ووفود من «حركة التوحيد الإسلامي» الطرابلسية، لوكالة الأنباء الألمانيّة، إنّ مشعل تلقّى ما يشبه «شكوى» مصرية من عدم قدرة «حماس» على ضبط قواعدها الشعبية. وأكّدت أنّ «القاهرة أبلغته بأنّها قد تضطر إلى إغلاق معبر رفح خلال 24 أو 48 ساعة على أبعد تقدير».