دمشق ــ حسام كنفاني
شدّد رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، خالد مشعل، على أن حركته لن تبادر إلى التهدئة مع إسرائيل، رافضاً مقايضة العدوان برفع الحصار عن قطاع غزة. وجدّد التأكيد على أن الأسير الإسرائيلي جلعاد شاليط لن يرى النور قبل تحقيق مطالب الحركة. كما تطرّق إلى مسألة الحوار الداخلي، رافضاً فكرة الاعتذار إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس ومطالباً بلجنة تقصي حقائق محايدة وعادلة في ما حصل في غزة.
وتحدّث مشعل، في لقاء مع مجموعة من الصحافيين حضرته «الأخبار» في دمشق، أمس، على هامش المؤتمر الوطني الفلسطيني، عن أحداث نهر البارد الأخيرة في شمال لبنان، عاتباً على عدم إيفاء الحكومة اللبنانية بوعود إعادة الإعمار وإعادة المهجرين.
ورأى مشعل أن «المؤتمر الوطني في دمشق شكّل انتصاراً للمقاومة وتأكيداً على أنها الخيار الحقيقي للشعب الفلسطيني، ولا سيما في ظل ما تتعرض له من مؤامرة كبيرة عبر ما يجري في الضفة الغربية على يد حكومة سلام فياض والأجهزة الأمنية والتنسيق الأمني ضد المقاومة بكل أطيافها».
كما رأى أن «المؤتمر تأكيد على الوحدة الوطنية والسعي إلى معالجتها من خلال الحوار والحوار فقط»، مشيراً إلى أن هدفه بعث «رسالة للعالم تقول إن هناك صوتاً فلسطينياً آخر غير الذي يريدون حصره برئاسة السلطة وحكومة سلام فياض»، مشدّداً على حرص المؤتمر على «إعادة الاعتبار إلى الشتات الفلسطيني، فالقضية ليست غزة والضفة فحسب».
كما نفى مشعل أن يكون المؤتمر «في خانة عمل منظمة تحرير بديلة أو شق منظمة التحرير، ليس لأننا عاجزون، بل لأننا لا نريد في ظل الظروف الحالية أن نزيد الطين بلة».
وعن التهم الموجّهة إلى سوريا بالتدخل في الشأن الفلسطيني من خلال المؤتمر، قال مشعل إن «التهم إلى سوريا وأطراف معينة أخرى ليست جديدة. وتهمة ارتباطات إقليمية إلى حماس جاهزة وقديمة، ولا تزعجنا لأننا نعرف الحقيقة». وأضاف «أن تكون لنا علاقات جيدة بإيران وسوريا حقيقة ولا نستحي بها، ومن ينبغي له أن يستحي فهو المرتبط بأجندة أميركية وإسرائيلية».
وشدّد مشعل على أن «رفع الحصار عن الشعب الفلسطيني ضرورة لا نساوم عليها ولا نقايض بها»، مؤكداً على أنه «لا يمكن مقايضة الحصار بالمقاومة، وهي مرتبطة بالاحتلال والعدوان. عندما ينتهيان تنتهي». وتساءل: إذا كانت «الصواريخ غير مجدية وعبثية، فلماذا هذا القلق ولماذا تعيش سديروت كما عاشت بلدات الشمال خلال حرب تموز؟». وفي سؤال لـ«الأخبار» عن استعداد الحركة لتجديد الهدنة مع إسرائيل، قال أبو الوليد إن «المطالب بالتهدئة هو العدو الذي يملك أدوات الدمار والقتل، وهو المطالب بأن يهدئ، ونحن لن نبادر من ناحيتنا، لكن إذا عرض علينا أمر كهذا فسندرسه». وفي ما يتعلق بجلعاد شاليط، قال مشعل «لم نجمد المفاوضات بخصوص شاليط، وإذا كانت إسرائيل تظن أنها تحت الضغط والعدوان والتجويع ممكن أن تخفض مطالبنا فهي واهمة، لن يرى جلعاد شاليط النور إلا بعد أن يرى أبناؤنا وبناتنا النور».
ورداً على سؤال لـ«الأخبار» عن موقفه مما أعلنه القيادي في «حماس» أيمن طه عن إمكان الاعتذار إلى الرئيس محمود عباس على طاولة حوار، قال مشعل «ليس هناك موقف عند الحركة أنها ستعتذر في هذا الوقت أو ذاك، وليس هناك موقف يدين حماس حتى تعتذر». واضاف «إذا كان المطلوب اعتذاراً، فنحن موافقون على أن يبحث الأمر ويفحص، وتأتي لجان تحقيق وتبحث من الذي أخطأ. وعندما تصل لجان تحقيق محايدة عادلة إلى الحقيقة، فنحن سنتحمل المسؤولية. لكن أن يطالبنا طرف هو في تقديرنا سبب المشكلة بالاعتذار فهذا لا نقبله».
ورداً على سؤال لـ«الأخبار» عن المواقف المتباينة داخل «حماس»، قال مشعل إن «حماس حركة كبيرة وموزعة جغرافياً وتمارس الديموقراطية وحرية الرأي بصورة واسعة، عندنا آراء متعددة نسمح لها بأن تعبر عن نفسها، حتى لو تجاوزت أحياناً حدود الأطر الرسمية. نبقى حركة كبيرة، والآراء نحترمها ونستوعبها، لكن هذا لا يعكس أي استنتاج خاطئ يراهن عليه البعض، وهم يراهنون على ذلك منذ 20 سنة ولن ينجحوا في ذلك. فحماس حركة مؤسسية محترمة لها قيادة. تبقى آراء هنا وهناك. هذا شيء طبيعي ولا يضير الحركة». وعن عرضه دراسة أي اقتراح لتسلّم المعابر من جانب السلطة أو مصر، قال مشعل إن هناك اتصالات لا يمكن الحديث عن نتائجها عبر الإعلام، نافياً أن يكون العرض استدراجاً للسلطة إلى حوار. وقال «نحن لا نطرق باب الحوار على استحياء أو نجذب أحداً قسراً إلى الحوار».
ورداً على سؤال لـ«الأخبار» عن الخطوة المصرية بفتح الحدود مع غزة وعلاقة الحركة بمصر، قال مشعل إن «خطوة مصر جيدة، لكنها غير كافية»، مشيراً إلى أن تبرير الرئيس المصري حسني مبارك يأتي في إطار «امتصاص الضغوط من إسرائيل وأميركا، وخصوصاً أن جولة (الرئيس الأميركي جورج) بوش جاءت أيضاً للضغط على مصر في ما يخص الأنفاق». وشدّد على أن التواصل مع مصر قائم ولم ينقطع، مشيراً إلى أنه أجرى اتصالاً أول من أمس مع مدير المخابرات اللواء عمر سليمان لبحث وضع المعابر.
وفي ما يتعلق بنهر البارد، قال مشعل إن الشعب الفلسطيني في المخيم «دفع ثمن مشكلة لم يصنعها، وحاول البعض أن يوقع فتنة مع الشعب اللبناني»، مشيراً إلى أن الحالة في المخيم «نشأت في ظروف نعرف سياقها ولا نريد الحديث عنها». واحتج على عدم الإيفاء بوعود «إعادة بناء المخيم ومعالجة معاناة اللاجئين». وأعلن أن «حماس» تعمل على «كيفية إعادة المهجرين وإعادة الإعمار بما تملك، وإن كان الموضوع شائكاً لأنه مرتبط بأطراف متعددة».