دمشق ــ حسام كنفاني
أطلق المؤتمر الوطني الفلسطيني، في ختام أعماله في دمشق أمس، جملة من المواقف ضمّنها في بيان ختامي اشتمل على التمسك بكامل فلسطين من البحر إلى النهر، ورفض مخططات تعويض اللاجئين وتوطينهم في أماكن لجوئهم. ومع دعوته حركتي «حماس» و«فتح» إلى الحوار الداخلي، اصطفّ المؤتمر إلى جانب الحركة الإسلامية عبر إشارته إلى الانقلاب على شرعيتها الانتخابية في حزيران 2007. كما دعا السلطة الفلسطينية إلى حوار شامل لإعادة بناء منظمة التحرير.
واتهم البيان الختامي للمؤتمر السلطة الفلسطينية «بالتنكر لكل دعوات الحوار الداخلي»، والسعي إلى «بث الروح في جثة التسوية الهامدة، حتى لو أدى ذلك إلى التماهي مع مشروع الدولة الفلسطينية المؤقتة».
وشدّد البيان على أن «فلسطين التاريخية من البحر إلى النهر، ومن رفح إلى رأس الناقورة، هي حق للشعب الفلسطيني لا يجوز التصرف بها أو التنازل عنها». وأعلن التمسك بحق الشعب الفلسطيني «بحق تقرير المصير في دولة كاملة السيادة وعاصمتها القدس»، التي رفض محاولات تقسيم السيادة عليها. وشدّد على حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم التي هُجّروا منها، محذّراً من التنازل عن هذا الحق ومن تسويق مشاريع التوطين. وطالب الدول العربية بالاعتراف بالحقوق الإنسانية للاجئين الفلسطينيين، ودعا الأمم المتحدة والحكومة اللبنانية إلى إعادة بناء مخيم نهر البارد وإعادة اللاجئين إليه.
وأعلن المؤتمرون التمسّك بالمقاومة «حقاً مشروعاً للشعب الفلسطيني»، داعين إلى توفير مقوّمات الصمود للشعب الفلسطيني. وهاجموا سياسات حكومة سلام فياض تجاه المقاومة ومصادرة سلاحها.
وفي إشارته إلى الصراع الداخلي بين حركتي «فتح» و«حماس»، دعا البيان إلى احترام خيار شعب الضفة الغربية والقطاع في الانتخابات، منتقداً محاولة «الانقلاب على هذا الخيار»، على اعتبار أنه «يسيء إلى الوحدة الوطنية الفلسطينية». ودعا، في الوقت نفسه، حركتي «حماس» و«فتح» إلى الحوار، مشدّداً على «تحريم الاقتتال الداخلي».
ودعا المؤتمر إلى «إطلاق حوار وطني فلسطيني شامل لإعادة تفعيل منظمة التحرير على أسس وطنية وديموقراطية». وأعلن تأليف لجنة متابعة عليا لأعمال المؤتمر تمثّل الفصائل واللجان والشخصيات المشاركة، على أن تنبثق منها أمانة سر لتنفيذ قرارات وتوصيات المؤتمر.
ونفى عضو المكتب السياسي، منسّق الإعلام المركزي في الجبهة الشعبية ـــ القيادة العامة، أنور رجا، لـ«الأخبار» أن تكون لجنة المتابعة رديفاً لمنظمة التحرير، أو أن يكون المؤتمر بديلاً من المجلس الوطني، وأطلق عليه تسمية «مجلس شعبي»، مشيراً إلى أن المجلس الوطني الحالي هو مجلس فتحاوي.
وعن آليات تطبيق مقررات المؤتمر، التي لم يتطرق إليها البيان، قال رجا «إن المؤتمر محطة هامة ونوعية وأساسية في مواجهة استحقاقات كبرى بدأت تفرض نفسها على قضيتنا بشكل مباشر وخطير، ولا سيما قضية اللاجئين الفلسطينيين»، منتقداً إطلاق الرئيس الأميركي جورج بوش مواقفه عن إسقاط حق العودة من على منبر السلطة الفلسطينية من رام الله، «من دون أن تُرى إيماءة احتجاج أو غضب من الرئيس محمود عباس». وأضاف أن الأولوية هي «لإحياء الثقافة التي تحمي الثوابت في العمل السياسي وفي فكر الأجيال». وأضاف: «لكن هذا لا يكفي ولا يمكن أن يمثّل خطوة استباقية تواجه الخطر الداهم على الحقوق الفلسطينية».
وهاجم رجا الانتقادات التي وجهتها السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير للمؤتمر، مشيراً إلى أنها تأتي «للتغطية على تنازلاتهم وخطاياهم وارتكاباتهم المُرّة بحق القضية الفلسطينية». وأضاف أن هؤلاء «يتّحدون مع خريطة بوش ويستلذّون بقُبَل كوندوليزا رايس وإيهود أولمرت، وقد اختاروا الاتجاه المعاكس لآمال وأهداف ومصالح شعبنا».
أما ممثّل «الجهاد الإسلامي» في بيروت، أبو عماد الرفاعي، فقال لـ«الأخبار»، إن العقبة أمام المتابعة هي مسألة الانقسام الفلسطيني التي تحتاج إلى جملة من الجهود، مشدّداً على ضرورة الوحدة والحوار من دون شروط مسبقة. ونفى أن يكون الأمين العام للجهاد رمضان عبد الله شلّح قد اصطفّ إلى جانب «حماس» في الصراع مع «فتح»، مشيراً إلى أن الحركة منحازة إلى خيار المقاومة وضد عملية التسوية. وشدد على ضرورة عدم رفض رغبة «حماس» في الحوار الداخلي. كما نفى أن يكون المؤتمر رديفاً لمنظمة التحرير الفلسطينية، لافتاً إلى أن الحركة وافقت في اتفاق القاهرة على الدخول في منظمة التحرير.
النائبة السابقة في البرلمان الأردني، توجان الفيصل، التي شاركت في أعمال المؤتمر، قالت لـ«الأخبار» إن «المشاركة في المؤتر تأتي في إطار إظهار الامتداد العربي للقضية الفلسطينية وضرورة عدم التفريط بها». وانتقدت بعض الخطابات التي ألقيت خلال المؤتمر، ولا سيما أنها «لم تكن تحمل أي معلومة ولم تسهم في تشكيل الوعي أو الدفع إلى فعل». ودعت الشارع العربي إلى عدم قبول أقل من عروبة فلسطين من البحر إلى النهر. إلا أنها أضافت أنه لا يمكن إقامة دولة على حدود عام 1967 من دون التفريط بباقي الأرض، شرط أن تكون الدولة ذات سيادة لا كياناً ملحقاً. وتابعت «ليُرونا شبراً عليه سيادة».