بغداد ـ زيد الزبيدي
مع «هجمة المصطلحات» التي عرفتها الساحة العراقيّة ما بعد الاحتلال، للتعبير عن التحالفات التي تحكم سياسة حكّام بغداد، بات اللجوء إلى الأرقام والرموز من موجبات توفير العبء على المواطن العراقي، عبر اختصار التسميات بأرقام ومعادلات شبه رياضيّة. لكنّ جميع الرموز والأرقام، ظهرت عاجزة عن تأمين الوظائف التي من المفترَض أن تقوم بها أي دولة في العالم. وهكذا، بات «التحالف الرباعي»، الذي وُقِّع في الصيف الماضي وضمّ الحزبين الكرديّين (الديموقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني)، والحزبين الشيعيَّين («المجلس الأعلى الإسلامي» و«الدعوة»)، يُعَبَّر عنه بمعادلة «2+2». وبعدما انضمّ الى الأطراف الأربعة، الحزب الإسلامي، أصبحت التسمية الرقمية «4+1».
أمّا التحالف الثلاثي الذي عُقد قبل نحو شهر بين الحزبين الكرديّين والحزب الإسلامي، فيسمّيه العراقيون تحالف «2+1»، غير أن تفاهماً رئيسياً يتم إحياؤه أخيراً، وهو «3+1»، الذي يضم مجلس الرئاسة (الرئيس ونائبيه) ورئيس الوزراء. وطوّر هذا المجلس بإضافة رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني وتسميته بـ«المجلس التنفيذي»، ليصبح رمزه الرقمي «3+1+1».
وكانت قد سبقت هذه التسميات، عبارة «الرئاسات الثلاث»، المكوَّنة من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ونائبيه، ورئيس البرلمان ونائبيه، وتحمل الاسم الرقمي «3+3+3». أمّا «المجلس الأعلى للأمن القومي»، الذي يُفترَض أن يتكوّن من رؤساء الكتل السياسية والوزراء الأمنيّين، فليس له عدد أو أرقام محدّدة، بسبب انقسام الكتل وتعدّدها.
ولتبيان حجم المهمات التي يتحمّلها الساسة العراقيون «الكبار»، من المفيد الإشارة إلى أن الرئيس جلال الطالباني مثلاً، عضو في التكتلات أو الهيئات التالية: 2+2، و2+2+1، و2+1، و3+1، و3+1+1، و3+3+3، إضافة إلى «المجلس الأعلى للأمن القومي». كما أن رئيس الوزراء نوري المالكي عضو في 2+2، و2+2+1، و3+1، و3+1+1، و3+3+3، ومجلس الأمن القومي أيضاً. أمّا نائب الرئيس طارق الهاشمي، فهو عضو في 2+2+1، و 2+1، و3+1، و3+1+1، و3+3+3، ومجلس الأمن القومي، بينما البرزاني فممثّل في 2+2، و2+2+1، و3+1+1، ومجلس الأمن القومي. فيما لا يملك نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي غير مشاركته في 2+2، و2+2+1، و3+3+3 ، ومجلس الأمن القومي.
ويرى المراقبون أن هذه التشكيلات هي التي تمسك بالعملية السياسية منذ الاحتلال الأميركي حتى اليوم، مع تغييرات جزئية في المواقع. إلّا أن هذه الفترة شهدت تدهوراً في الأوضاع إلى درجة كبيرة عمّا كانت عليه قبل الاحتلال. وبحسب المتابعين للشأن العراقي، فإن رواتب ومخصّصات أعضاء هذه التشكيلات تقارب مليار دولار سنويّاً، ما يدفع إلى إجراء مقارنة إحصائيّة بسيطة مع ما كان عليه الوضع عقب حرب الخليج الثانية لعام 1991.
ففي منتصف التسعينات، صدرت دراسة مفصّلة من جانب أحد معاهد البحوث الأميركية بالتعاون مع جامعة تل أبيب للدراسات والبحوث الاستراتيجية، عن قدرة العراق الذي تمكّن بمبلغ 930 مليون دولار بعد حرب 1991، وخلال أقل من سنتين، من إصلاح 130 محطة كهرباء رئيسية وثانوية كانت قد دُمِّرت بالكامل، وأعيد بناء محطّات الضخ والمواقع النفطية المستهدَفة، وعشرات المصانع والجسور والطرقات والمستشفيات وغيرها، خلال ستة أشهر فقط.
وأخطر ما جاء في الدراسة، هو التوصيات التي قدّمتها اللجنة لصنّاع القرار السياسي عن سرعة وقدرة العراق الهائلة على إعادة الإعمار، وركّزت على أنه «ليس المهم سرعة إعادة بناء المصانع والمنشآت الحيوية المختلفة، لكن علينا أن نركز أكثر من السابق على تلك العقول العراقية التي صنعت هذا الإنجاز في تلك الفترة القصيرة»، حيث تلفت إلى أنه كان من المفترض أن تتم إعادة البناء بفترة لا تقلّ عن عشر سنوات إلى خمس عشر سنة.