حسام كنفاني
هل يتحوّل معبر رفح إلى وسيلة ضغط عربية للحوار الداخلي الفلسطيني، ليعبر من خلاله اللقاء الأول بين «فتح» و«حماس» في القاهرة غداً؟
البيانات الرسمية والتصريحات العلنية لا تصب في بلورة رد إيحابي على هذا التساؤل، ولا سيما أن السلطة الفلسطينية لا تزال تصرّ على أن الرئيس محمود عباس لن يلتقي رئيس المكتب السياسي لـ «حماس»، خالد مشعل، في القاهرة غداً.
غير أن مؤشّرات سياسية وميدانية تلمّح إلى معطى إيجابي قد يتبلور خلال الساعات أو الأيام القليلة المقبلة، ولا سيما أن حاجة الحوار الداخلي باتت تتخطّى المناكفات والاصطفافات السياسية العربية، لتصبح ضرورة واقعية.
بدايةً، قد يكون من الواضح أن هناك إجماعاً عربياً، تجلّى في مقررات وزراء الخارجية الأحد الماضي، على ضرورة سيطرة الرئيس الفلسطيني على معبر رفح. إلا أن ذلك قد لا يعني استبعاد «حماس» بالضرورة عن ترتيبات هذه السيطرة، التي لن تنجح من دون رضى الحركة الإسلامية التي تسيطر على قطاع غزة اليوم، ولا سيما أن ضبط المعبر يحتاج إلى قوة شرطية قد لا تسمح «حماس» لعباس باستجلابها كاملة من الضفة الغربية، وبالتالي، فالتنسيق لا بد أن يكون بين الطرفين، وقد يكون من العبثي القول إن عباس سيتمكّن من السيطرة على المعبر من دون تعاطٍ مباشر مع «حماس».
مثل هذا التنسيق لا تفيده جلسة الحوار الأحادية مع القيادة المصرية، الحريصة على ضبط الأمور على معبر رفح لأسباب عديدة، قد يكون أهمها مواجهة الضغوط الدولية المتعاظمة التي تعرضت لها في فترة خرق الحدود، وهي بالتأكيد تدرك أن مثل هذا الضبط لا يمكن أن يكون من دون حوار ثنائي بين «فتح» و«حماس».
والضغط في هذا الإطار لن يكون مصرياً بحتاً، ذلك أنه يبدو أن للسعودية يداً فيه أيضاً، وخصوصاً أنه لا يمكن إيجاد ظروف مواتية للحوار الداخلي أفضل منها القائمة اليوم على أكثر من صعيد؛ فمن الواضح للجميع أن محاولات عزل «حماس» وحصارها، سواء شاركت فيها أطراف عربية أم لم تشارك، سقطت عند حدود رفح بعدما نجحت الحركة في قلب معادلة الحصار لمصلحتها، بغض النظر عن المساهمة المصرية في ذلك وأهدافها. وبالتالي، لا بد أن قناعة عربية في طريقها إلى التكوّن مفادها أن احتواء الحركة بات الخيار المفضّل للتعامل معها.
ضرورة الحوار الداخلي تفرضها أيضاً عبثية الإجراءات التصالحية التي ينتهجها الرئيس الفلسطيني مع إسرائيل، إذ أثبتت اللقاءات التالية لمؤتمر أنابوليس بين وفدي التفاوض الفلسطيني والإسرائيلي أن الأفق لا يزال مسدوداً، وتحقيق الاتفاق نهاية العام الجاري قد لا يكون وارداً في الحسابات الإسرائيلية، ولا سيما أن الساحة السياسية في الدولة العبرية تعيش على هاجس المجهول الذي قد يحمله التقرير النهائي للجنة فينوغراد حول عدوان تموز.
هذان العاملان يمثّلان أساساً للتحرك العربي لمواجهة الانقسام الفلسطيني، حتى لو كان أحد طرفيه لا يزال متمترساً خلف شروطه. والمؤشرات التي تدفع في هذا الاتجاه كثيرة، قد يكون أهمها مشاركة عناصر من «حماس» في إغلاق الثغر الحدودية على طول محور صلاح الدين. والمساهمة «الحمساوية» في ضبط الحدود المصرية لن تكون بالتأكيد مجانية ولن تكون على حساب قطاع غزة، إذ لا بد من وجود ضمانات مصرية للحركة الإسلامية بالمساهمة في تنظيم العبور عبر رفح.
ويمكن اعتبار محادثات مشعل في الرياض مؤشّراً ثانياً إلى طبخة حوار فلسطينية ــــــ فلسطينية على نار مصرية ــــــ سعودية، ولا سيما أن ممثل الرئيس الفلسطيني في القاهرة، نبيل شعث، الذي أجرى في الفترة الماضية محادثات مع حركة الإخوان المسلمين المصرية المرتبطة عضوياً بـ «حماس»، أقرّ لـ«الأخبار» أول من أمس بأن محادثات أبو مازن مع الرئيس المصري حسنى مبارك غداً تمثل بداية لعمل مشترك لحلحة الأمور على صعيد العلاقات بين حركتي «حماس» و«فتح».