معمر عطوي
ربما كان «التهديد الإيراني» هو الورقة الخارجية الأكثر رواجاً في الخطاب الانتخابي الأميركي، رغم تقارير الاستخبارات التي أكدت تراجع التهديد العسكري النووي للجمهورية الاسلامية.
وقد يصح القول إن خطاب الرئيس الأميركي جورج بوش عن حال الاتحاد أمام الكونغرس أمس، شهد تراجعاً في حدة اللهجة تجاه إيران، بعدما اعتبر طهران في المناسبة نفسها عام 2002 جزءاً من دول «محور الشر». تراجع بدا من خلال لغة «الحث» بدلاً من لغة التهديد التي وصلت في الأشهر الأخيرة الى التحذير من حرب عالمية ثالثة بسبب البرنامج النووي الإيراني.
المعزوفة نفسها كرّرها الرئيس الجمهوري: دعوة إيران الى أن توقف برنامجها النووي الحساس.
لكن كان لا بد، في المقابل، من أن يحاول إقناع جمهوره الحائر على أبواب الانتخابات الرئاسية، بأن الفشل في استخدام منطق القوة في أفغانستان والعراق، لا يمنع وجود «مكاسب أمنية»، لا بد من تعزيزها. وذلك من خلال تمويل قوات الاحتلال الأميركي في هذين البلدين بشكل كامل، وإرسال قوات إضافية الى أفغانستان.
لعل تراجع اللهجة في خطاب بوش لم يحل دون مواصلته العمل على تعزيز فكرة «حضور العدو» طريقاً للهروب من الأزمات الداخلية التي يعيشها المواطن الأميركي؛ يتجلى ذلك من خلال قوله «اعلموا هذا.. أميركا ستواجه هؤلاء الذين يهدّدون قواتنا وسنساند حلفاءنا وسندافع عن مصالحنا الحيوية في الخليج الفارسي».
مما لا شك فيه أن بوش، في خطابه أمام هيئة تشريعية معظم أعضائها من الديموقراطيين المعارضين لسياسته، قد سار في حقل من ألغام التعبير، نظراً لحساسية الموقف على أعتاب الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني المقبل.
لذلك استخدم لغة وسطية متفلتة الى حد ما من سطوة الصقور، بل هي أقرب الى لغة الداعين إلى الحل الدبلوماسي مع إيران، بعدما فشلت الدول الست (5+1) في الاتفاق على عقوبات مشددة ضدها في مجلس الأمن: «رسالتنا الى زعماء إيران واضحة أيضاً.. علقوا التخصيب النووي بحيث يمكن التثبت منه حتى يمكن أن تبدأ المفاوضات».
هذه الدعوة الى المفاوضات ليست جديدة في الخطاب الدبلوماسي الاميركي تجاه الجمهورية الاسلامية، لكنها كانت مقرونة دائماً بالتهديد بأن «كل الخيارات مطروحة»، بما فيها الحل العسكري. لا بد من أن للتقرير الاستخباري الاميركي دوراً في تراجع لغة الحرب.
جورج بوش، الذي كان قد هدّد بزعزعة النظام الايراني من الداخل على طريقة «الثورات المخملية»، اكتفى هذه المرة بحثّ طهران على وقف «القمع» الداخلي و«دعم الإرهاب في الخارج».