strong>بول الأشقر
تحوّلت عمليّة إطلاق الرهائن في كولومبيا إلى مسلسل إعلامي يأتي كل يوم بحدث وحيد، وخصوصاً بعد إعلان الصليب الأحمر أنّ المروحيّات «لن تقلع بعد الخامسة من بعد الظهر لأسباب أمنية». فقد وصلت تلك المروحيّات الروسية بعد ظهر الجمعة الماضي، وكان من المفترض أن تذهب للقاء الرهائن. ويوم السبت، وصلت 3 طائرات «فالكون» حملت المندوبين الدوليّين، ومعهم السينمائي اليساري الأميركي أوليفير ستون، الذي يحضّر فيلماً عن أميركا اللاتينية وينوي تصوير عمليّة الإفراج.
أمّا يوم أوّل من أمس، فقد شهد وصول مروحيتين إضافيتين من طراز «بيل» ومن طراز أصغر وأخف قد يبرّر اللجوء إليها بسبب وعورة أرض اللقاء وصعوبة الوصول إليها.
حتى هذه اللحظة، بحسب الرواية الرسمية، لم تصل بعد الإحداثيّات الجغرافية التي يجب أن توفرها منظمة الـ«فارك»، والضرورية لانطلاق المرحلة الثالثة من العمليّة وتحديد مكان تسلم الرهائن.
وكان قد قيل إن عناصر المنظّمة اليساريّة المسلّحة قطعوا الاتصالات اللاسلكية مع كاراكاس لحظة انطلاق العمليّة، وذلك تحسّباً لأيّ «خيانة تجسّسية» تقوم بها الحكومة الكولومبيّة. ولم يعيدوا الاتصال بعد؛ فعملية الإفراج تفترض وقف العمليّات العسكريّة في منطقة التسليم وإعادة استئنافها بعد خروج الرهائن من المنطقة. إلّا أنّ الـ«فارك» تعمل أيضاً لانسحاب مقاتليها بعد التسليم وعودتهم إلى قواعدهم سالمين. ويؤكّد الجانب الفنزويلي أنّه فور وصول الإحداثيّات ستنطلق العملية فجراً لإتمامها قبل غروب الشمس.
من جهة أخرى، تستمرّ العلاقة هادئة بين حكومتي كاراكاس وبوغوتا؛ فالرئيس الكولومبي ألفارو أوريبي يستريح في مزرعته ومدّد أذونات المدّة الزمنيّة الضروريّة لإتمام العمليّة، فيما نظيره الفنزويلي، هوغو تشافيز، يتابع «بأعصاب من حديد» مجريات «عمليّة إيمانويل»، نسبة إلى ابن الرهينة كلارا روخاس، الطفل الذي ولد في المعتقل.
«تعلموا الصبر لأنه يجب التوفيق بين أربعة مكونات متقلبة: تشافيز والرئيس وأوريبي والفارك... والمناخ في كولومبيا»، يقول أحد الصحافيين الكولومبيّين المحنّكين لزملائه الأجانب، وهم يتأملون انهمار الأمطار بعد يوم بدأ مشمساً وقد يعود كذلك بعد ساعات. يضيف: «بعد موعد الميلاد ورأس السنة، لا تستغربوا إذا تمّ الإفراج في عيد الظهور».
في هذا الوقت كان الرئيس الأرجنتيني السابق، نيستور كيرشنير، الذي سافر إلى كولومبيا على متن طائرة أرجنتينية رسمية «تانغو واحد»، يتأمّل مع وزير خارجيّة بلاده، خورخي تايانا، مفهوم الوقت لدى الـ«فارك». يقول «إنّهم يقاتلون منذ خمسين سنة. ما الفارق لديهم بين يوم أو أسبوع؟». وهو تقريباً الشيء نفسه الذي قالته والدة كلارا روخاس، التي تنتظر ابنتها في كاراكاس والتي خرجت أمس لطمأنة الصحافيين: «لا تقلقوا، موعد رأس السنة ليس مهمّاً... السنة الجديدة ستبدأ مع الإفراج عنهم!».