بغداد ــ زيد الزبيدي
محاولة من المالكي لإقصاء معارضيه في البرلمان... وإطاحة الهاشمي!


ما الذي يقف خلف فرض الإقامة الجبرية على رئيس جبهة التوافق عدنان الدليمي وعائلته، في هذا التوقيت؟ وما هو دور الخلاف بينه وبين نوري المالكي في ما يحصل؟ وهل لنائب الرئيس طارق الهاشمي، وعلاقته المتوترة مع رئيس الحكومة، صلة بتلك الأزمة؟
بدأت القصّة عندما اتخذت حكومة نوري المالكي يوم الجمعة الماضي إجراءاتها بحقّ الدليمي وعناصر حمايته، وبعد حملة اعتقالات في صفوف المقربين منه، طالت ابنه مكّي، بحجّة قيام أحد هؤلاء بقتل أحد عناصر «الصحوة» ولجوئه إلى مقرّ الدليمي، حيث قال متحدّث باسم «خطّة فرض القانون» إنّ القوّات الحكومية والأميركية عثرت هناك على سيّارتين مفخّختين، تمّ تفجيرهما في مكانهما.
غير أنّ القوات الاميركية تبرّأت من سلوك القوّات الحكومية، كاشفة عن أنّ السيارتين عثر عليهما على بعد نصف كيلو متر من المقرّ. ويبدو أنّ قوّات الاحتلال فضّلت النأي بنفسها عن التورّط في القضية، لعلمها بالحيثية الشعبية التي يمثّلها الدليمي و«جبهة التوافق» عموماً، مشيرة إلى أنّ دورها في القضية اقتصر على تفتيش المنطقة وتحديد السيارة المفخخة خارج مكتب الدليمي وتفتيش باحة مقرّ مكاتبه، مع تأكيدها أنها لم تشارك «في كلّ ما جرى من اعتقالات وتوقيف وعمليات دهم».
لكنّ اتهام أحد المقربين من الدليمي بقتل القيادي في «الصحوة»، عمر محمد، يلفّه غموض وشكوك، ذلك أن هذا الاسم ينطبق على مئات الآلاف من العراقيّين، ولا يُعرَف إن كان حقيقياً أو لا. كما أنّ أطرافاً نافذة في الحكومة تتّهم الدليمي بأنه «الموجّه» لعناصر الصحوة في منطقة العامرية وحيّ العدل، حيث خرجت تظاهرات قبل أسبوعين قرب المنطقة الخضراء، تتّهم الدليمي بالإشراف على عمليّات «الصحوة» في المنطقتين، إضافة إلى اتهامه بمنع عودة العائلات الشيعية المهجّرة.
هذه الوقائع، وما رافقها من زيارات قام بها الدليمي أخيراً إلى محافظة الأنبار، ولقاءاته مع «مجلس الصحوة» فيها، تؤكّد عدم وجود خلاف بين «الصحوة» و«جبهة التوافق». وإذ ينتفي هذا الخلاف، تنتفي تهمة الحكومة له باستهداف عناصر الصحوة في العامرية وحي العدل.
ورغم أنّ مصادر عراقية مطّلعة تستبعد أن يكون وراء الأزمة الجديدة، محاولة لاستبدال «التوافق» بجهات أخرى من «الصحوة» في العملية السياسية، غير أنّ الملاحظ أنّ هذه الأزمة جاءت مباشرة بعد فشل محاولة المالكي في فرض مرشّحيه لوزارتي العدل والاتصالات، بسبب انسحاب كتلة «التوافق» من جلسة البرلمان، ومعها أعضاء من كتل أخرى. أي إنّ المالكي يدرك أنه لا يستطيع إمرار وزرائه مع وجود «التوافق»، كما أنّ انسحاب هذه الكتلة من العملية السياسية يتيح أيضاً تغيير نائب الرئيس طارق الهاشمي، الذي يتّهمه الائتلاف الحاكم بأنّه وراء نقض 23 مشروع قانون، كما أنّه المعارض الرئيسي في مجلس الرئاسة لتنفيذ إعدام ضبّاط الجيش السابق، وخصوصاً وزير الدفاع الأسبق سلطان هاشم أحمد.
وحقيقة الأزمة الحالية، كما يراها مراقبون، هي دفع جبهة «التوافق»، بكلّ أطرافها، إلى الانسحاب من العملية السياسية، وتتبعها كتل أخرى، لكي يتفرّد التحالف الرباعي (المجلس الأعلى الإسلامي وحزب الدعوة ـــــ جناح المالكي والحزبين الكرديين) في تمرير التعديل الوزاري والقوانين المطلوبة أميركياً.
وبعد ثلاثة أيام من بدء الأزمة، اتخذ النواب الـ 44 لجبهة «التوافق» موقفاً تضامنياً مع الدليمي، فعلّقوا مشاركتهم في جلسات البرلمان، ريثما يتمّ فكّ الإقامة الجبرية على رئيسهم. ومساء أمس، ذكرت مصادر حكومية أنّ رئيس مجلس الأمن القومي، موفق الربيعي، ومعه أعضاء لجنة برلمانية أُلِّفَت من أعضاء من مختلف الكتل البرلمانية، أخرجوا الدليمي من منزله ونقلوه إلى فندق الرشيد داخل المنطقة الخضراء، لغرض إتاحة الفرصة له لحضور جلسات مجلس النواب. وفور وصوله، أعلن الدليمي عن عودة نوّاب كتلته إلى البرلمان.
وقبل إتمام هذه الخطوة، كشف الدليمي عن أنه طلب لقاءً مع المالكي، من دون الاستجابة لهذا الطلب، «وهذا دليل على أنه لا يوجد أي مسعى لحلّ الأزمة»، وأضاف: «إنّ رئيس الجامعة العربية عمرو موسى اتصل بي، وقد أخبرته بحقيقة ما جرى، وأخبرته باتهامات الأجهزة الأمنيّة التي كانت عارية من الصحّة، وقد أكّد موسى أنه سيتدخّل لحلّ الأزمة، وسيضغط على الحكومة من أجل إنهاء الموضوع».
وفي هذا السياق، كان تحذير الدليمي واضحاً، إذ وصف هذا الإجراء بأنّه «تسهيل للميليشيات والقاعدة لكي تهاجمني وتعرّض حياتي للخطر»، مشيراً إلى أنّ هذه العملية «استفزازية وستربك العملية السياسية ولا تعطي مجالاً للمصالحة الوطنيّة».