الجزائر ــ حياة خالد
عشية زيارته العاصمة الجزائرية، دعا الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أمس الشعب الجزائري إلى «التوجه إلى المستقبل» و«التصالح مع الذاكرة التاريخية، رغم الجروح التي لم تندمل لدى الجانبين».
ويحل اليوم الرئيس الفرنسي ضيفاً على الجزائر في زيارة تستغرق ثلاثة أيام، تعد الثانية له خلال هذه السنة وتهدف إلى إبرام صفقات تعاون عديدة، من دون برمجة الاعتذار عن الجرائم الفرنسية المرتكبة خلال الحقبة الاستعمارية مثلما يصبو إليه الشعب الجزائري، لأن السلطة يبدو أنها غضت الطرف عن ذلك، بحسب التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي في فرنسا، حيث أكد ضرورة ترك هذا الأمر جانباً.
وهو ما ذهب إليه الرئيس الفرنسي أمس، في حديث لوكالة الأنباء الجزائرية، عندما قال «علينا أن ننظر إلى المستقبل لأن الأجيال الصاعدة لن تنتظر حتى يفرغ الكبار من تسوية مشاكل الماضي»، في إشارة إلى استبعاد تقديم اعتذار فرنسي عن الجرائم الاستعمارية هذه المرة، مثل ما فعل في الزيارة الماضية حين قال «دعوا الماضي للماضي» و«علينا أن نتطلع للمستقبل»، مكتفياً بتسليم خريطة الألغام ومحاولة حل مشكلة الأرشيف.
وشدّد ساركوزي على أنه سيلقي هذه المرة خطاباً في جامعة منتوري في قسنطينة، من أجل إشعار الشباب بضرورة التكوين وضمان مستقبل واسع، مشيراً إلى توقيع اتفاقية في هذا الشأن، إلى جانب اقتراح برنامج مخصص للشباب في إطار مشروع الاتحاد المتوسطي المستقبلي الذي يقترحه ساركوزي، الذي أطلق على هذه المبادرة الجزائرية الفرنسية تسمية «ألف شاب من أجل الصداقة».
وأسهب ساركوزي في الحديث عن مشروعه المتوسطي، الذي يدعو إلى شراكة نوعية بين ضفتي المتوسط في كل المجالات، تمثّل فيه الجزائر مكانة هامة. وشدّد على أن الجزائر بلد محوري بالنسبة إلى فرنسا في كل المجالات الثقافية والاقتصادية وحتى الأمنية.
من جهة أخرى، دافع ساركوزي عن الهجرة النوعية والانتقائية التي يدعو إليها، والتي لا تعني تشجيع هجرة الأدمغة. وقال إن 3000 جزائري جامعي يدرسون في فرنسا ولا يمكن إرغامهم على العودة إلى بلادهم إذا كانوا لا يرغبون في ذلك. وأضاف إن مسألة الهجرة غير الشرعية أصبحت هاجساً يهدد بلداناً عديدة، بينها الجزائر، ما يتطلب توصل البلدين إلى تسيير توافقي لتدفق الهجرة.
ومن المقرر أن توقّع فرنسا والجزائر، خلال زيارة ساركوزي، اتفاقات تعاون وخاصة في مجال الطاقة، حيث ستبرم فرنسا صفقة لتمويلها بالغاز حتى عام 2019 إلى جانب اتفاق نووي واتفاقات أمنية.
وسبقت زيارة ساركوزي أزمتان دبلوماسيتان أُولاهما إعلان المغني اليهودي الجزائري المولد أنريكو ماسياس رغبته في زيارة الجزائر برفقة ساركوزي وتحقيق حلم حياته، بعد رحيله مع عائلته غداة الاستقلال، ورغم موافقة الرئيس عبد العزيز بو تفليقة، رفض رئيس الحكومة عبد العزيز بلخادم والمجتمع المدني الجزائري هذه الزيارة، واتهموا ماسياس بمساندة الصهيونية والحرب الإسرائيلية على لبنان وفلسطين.
أمّا الأزمة الثانية، فتمثلت باتهام وزير المجاهدين الجزائري محمد شريف عباس الأسبوع الماضي الرئيس الفرنسي بمساندة اللوبي اليهودي في العالم، ما أثار حفيظة الفرنسيين الذين طالبوا ساركوزي بإلغاء الزيارة، ما دفع بوتفليفة إلى استدراك الأزمة والاعتذار ضمنياً من الرئيس الفرنسي.