strong>بول الأشقر
«حصول الدستور الاشتراكي على نصف الأصوات يعدّ إنجازاً تاريخيّاً»

للمرّة الأولى منذ عام 1999، وبعد انقضاء عام على الانتخابات الرئاسية، نجحت المعارضة الفنزويليّة في هزم الرئيس هوغو تشافيز في استحقاق انتخابي، ودلّت نتائج الاستفتاء على «الإصلاحات الدستوريّة» إلى أن أنصار الـ«لا» تمكّنوا من حصد نحو 51 في المئة من أصوات الناخبين، فيما حصل أنصار الـ«نعم»، مؤيّدو الرئيس اليساري، على 49 في المئة، ما يساوي فارقاً قدره 125 ألف صوت بعد فرز 90 في المئة من أوراق المقترعين.
وبعد لحظات قليلة من إعلان النتائج الرسميّة التي تأخّر صدورها ساعات طويلة، أطلّ تشافيز على مواطنيه ليعترف بالهزيمة وليهنّئ أخصامه.
وكان اليوم الانتخابي قد مرّ بهدوء نسبي لم يعكّره إلّا بعض الأحداث المتفرّقة، أبرزها شهر مواطن مسدّسه في وجه الجنرال المنشقّ على تشافيز، راوول بادويل، قبل أن يعتقله عناصر الشرطة. وشتم زوجة تشافيز السابقة، التي كانت دعت إلى الاقتراع مع المعارضة، ناهيك عن اعتقال 45 مواطناً لأسباب مختلفة، منها القيام بدعاية انتخابية أو تعكير جو الاقتراع. وفي الساعة الرابعة من بعد الظهر، انتهت عمليّات الاقتراع باستثناء المراكز التي كان لا يزال الناخبون متواجدين فيها.
بعد ذلك، بدأ ليل طويل من التريّث الثقيل بانتظار البيان الرسمي الأوّل عن النتائج، لأنّ المجلس الانتخابي الأعلى كان قد حرّم نشر أيّ استطلاعات أو نتائج فرعيّة بانتظار صدور البيان. وعلى عكس الليالي الانتخابية السابقة عندما كان أنصار المعسكرين يحتلّون الشوارع، إما للاحتفال أو للاعتراض، كانت شوارع كاراكاس فارغة والسيّارات خفيفة، وصمت مريب يخيّم على المدينة باستثناء مراكز الطرفين؛ فالفنزويليّون بقوا قابعين في منازلهم بانتظار الإعلان الرسمي، وسط سيطرة شعور بأنّ شيئاً كبيراً قد حدث.
ودام الانتظار ساعات طويلة، وفُهم أنّ الطرفين كانا قد اتفقا مع اللجنة الانتخابية العليا على عدم إعلان نتائج أوليّة قبل التأكد من اتّجاه الاستحقاق، تحاشياً لأيّ احتكاكات أو تبدّلات تالية للنتائج تؤدّي إلى تعكير الجوّ وربما أكثر. ولكن مع استمرار الصمت الرسمي، بدأ بعض قادة المعارضة يتوترّون خشية حرمانهم من «إنجازهم». وفي الساعة الواحدة والربع فجراً، أعلنت اللجنة الانتخابيّة العليا بيانها الأوّل بعد فرز 90 في المئة من الأصوات. وأوضح البيان أن المشاركة تخطت الـ55 في المئة من الناخبين، وأنّ الـ«لا» قد فاز في كتلتي الأسئلة بـ 50.7 في المئة بالنسبة للإصلاحات المقترحة من قبل الحكومة وبـ51 في المئة بالنسبة لمقترحات مجلس النوّاب. والأهم من كل ذلك، أعلنت اللجنة أن النتائج نهائيّة ولن يغيّر فرز المراكز الباقية في وجهة النتيجة.
ولحظات بعد إعلان النتائج، أطلّ تشافيز على شاشات التلفزيون واعترف بخسارته وهنّأ المعارضة «متمنيّاً عليها أن تكون أخيراً وجدت الطريق، وهو طريق المشاركة والابتعاد عن التآمر». ورأى أنّ دستور عام 1999 صار «قاسماً مشتركاً بين الجميع».
وفي التحليل الأوّل له للنتائج، رأى تشافيز أنّه على عكس توقعات المحللين فإنّ «المقاطعة هي التي هزمتنا هذه المرّة، فالمعارضة زادت أصواتها بنصف مليون صوت منذ الانتخابات الرئاسيّة الأخيرة، فيما لم تحصل النعم إلا على أصوات 4 ملايين مواطن من الـ7 ملايين شخص الذين صوّتوا لي السنة الماضية، وعلى الأقلّ، هؤلاء لم يصوّتوا بلا».
وشدد تشافيز على أنّه لا يتراجع عن أيّ من الاقتراحات التي قدّمها والتي كانت تنوي «تعميق الثورة وتسريع وتيرتها» وأنّه يرى أن «حصول الدستور الاشتراكي على نصف الأصوات تقريباً يعدّ في كلّ الأحوال إنجازاً تاريخيّاً». وأضاف مستذكراً ما قاله عند فشل محاولة الانقلاب الأولى التي قام بها عام 1992، «حالياً، لم نقدر». ووعد بإيجاد وسائل أخرى لتأمين «الضمانات الاجتماعيّة التي وُعد بها العمال».
وختم خطابه، الذي دام ساعة تقريباً، بالقول إنّه يفضّل «الخسارة بهذا الفارق الضئيل على فوز هزيل، لم أكن أريد أن أفوز بعد 3 أيام، بعد فرز آخر أصوات الناخبين الآتية من اليابان، ما كان أثار شكوكاً وبلبلات تلحق ضرراً بالبلد». وأضاف، مخاطباً أنصاره، «افتحوا قلوبكم ولا تحزنوا، لن تكون المرّة الأولى التي ننجح فيها في تحويل خسارة ظاهرة إلى فوز أخلاقي قبل تحويلها إلى فوز سياسي».